تمر صناعة الغزل والنسيج في مصر حالياً بواحدة من أسوأ فتراتها لدرجة وصلت دون مبالغة إلي أنها تحتضر بالفعل رغم أنها الصناعة الوطنية علي مر كل العصور.. لذلك فهي تحتاج إلي الإنقاذ السريع قبل أن تنتهي تماماً وتجمد استثماراتها وتغلق مصانعها ويتشرد العاملون فيها. اعترف محسن الجيلاني رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج بأن قطاع الغزل مفتري عليه حيث تحولت جميع شركاته من الربح إلي الخسارة بسبب تجارة القطن وترك القطاع بدون تطوير علي أمل الخصخصة التي لا تمت لأعمال التطوير بأي صلة في المعدات.. فعلي سبيل المثال تم تخصيص 435 مليون جنيه لتطوير شركة غزل المحلة واعتمد رئيس الوزراء في ذلك الوقت 200 مليون فقط تم به تطوير بعض المعدات ولكن باقي المبلغ ظل حبيساً في الأدراج ولم يصل الشركة حتي الآن. أوضح محسن الجيلاني أن من أسباب انهيار قطاع الغزل والنسيج التهريب الذي كان له دور كبير في تأخر الصناعة بل أدي إلي تدهورها بفعل فاعل خاصة أن هناك بعض الدول تورد المادة القطنية للحكومة بدلاً من الخارج مما يجعل تضارب السوق المحلي للصناعة المحلية التي تفشل في تصدير منتجاتها. أشار إلي أن أحد الأسباب الرئيسية في خسارة شركات الغزل القرارات السيادية بزيادة الأجور وأعتقد أن أكبر قطاع وقع عليه ضرر من هذه القرارات قطاع الغزل والنسيج خاصة بعد المطالب الفئوية بزيادة الأجور في أغلب قطاعات الدولة مثل الشرطة والبنوك والبترول وغيرهما من القطاعات الحكومية. قال الجيلاني إن أحد أسباب الانهيار أيضاً تحكم الدولة في أسعار الأقطان واحتكارها رغم أن السعر يتراوح ما بين 250 إلي 300 جنيه ويصدر ب500 جنيه فهذا أمر غريب وعجيب في ذلك الوقت. أشار محسن الجيلاني إلي أنه تم بيع 3 شركات من قطاع الغزل علي سبيل الخصخصة ولكن الكارثة أن الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء السابق أعطي الغالبية للأجانب مما جعل الأسعار في زيادة مستمرة وانطبق المثل علي هذا القطاع يمرض ولا يموت ولذلك كان القطاع العام ليس له إدارة سياسية واضحة لتصحيح الأوضاع ولابد من تطبيق الخصخصة بطريقة البورصة. قال إن الحكومة السابقة ارتكبت خطأ كبيراً في حق هذا القطاع رغم اعتراضات الشركة القابضة في المحاضر الرسمية وخاصة في عملية تحرير تجارة القطن الذي أدي إلي انتكاسة للقطاع العام الذي دخل في المنافسة من الداخل والخارج بالنسبة للأسعار العالمية ولذلك لا توجد شركة تكفي أجور عمالها لأن عدد العاملين في هذا القطاع حوالي 60 ألف موظف. أوضح الجيلاني أن الإصلاح في هذا القطاع يحتاج إلي جراحة سريعة لاستئصال بعض الأعضاء والعودة إلي السياسة القطنية الواضحة من ناحية المساحات ونوعية الأقطان المزروعة ووضع خطة ثابتة لتدعيم الفلاح وتشجيعه علي الزراعة. أضاف أن قرار وزير التجارة بتحويل رسم الحماية إلي دعم نقدي علي مبيعات الغزول المحلية أثر إيجابياً في استعادة حصة الشركات في السوق المحلي وزياد المبيعات بحوالي 50% لأن الشركات استغلت هذا الدعم في تخفيض الأسعار لتناظر التكلفة الاستيرادية وكان ذلك وقت الأزمة المالية العالمية وحدثت متغيرات اتبعتها الهند وباكستان وهي سياسة عدم تشجيع تصدير الغزول والاتجاه لتصدير منتجات ذات قيمة عالية. وقال الجيلاني إن أفضل الحلول حالياً هو ضخ الاستثمارات حتي لو كانت ضد ما كنا نتمناه من أجل إنقاذ هذه الشركات التي تعتبر أكبر دعم لبعض أجنحة صناعة الغزل والنسيج والملابس بخلاف زيادة إنتاج الشركات بحوالي 50 ألف طن بالإضافة إلي 30 مليون متر قماش وإصلاح مرحلة الصباغة وبالنسبة لشركة الجوت سيتم إيقافها عن التشغيل في أقرب فرصة لأن بنجلادش تتجه إلي تصنيع الجوت وليس بيعه خاماً وهي الدولة المنتجة الوحيدة له. أضاف الجيلاني إن ضخ الاستثمارات البالغة حوالي 760 مليون جنيه دون توفير رأس مال هو من قبيل الحكم بالإعدام علي هذه الاستثمارات مع ملاحظة أن من أكبر التحديات التي تواجهنا حالياً هو الضعف الشديد في رؤوس الأموال العاملة طبقاً لعدم إمكانية الحصول عليه من البنوك. اختتم الجيلاني حديثه ل"المساء" قائلاً: إن الخصخصة ليست ابتكاراً في مصر ولكن تم تطبيقها في أغلب الدول المتقدمة في الصناعات بطريقة تعود بدخل كبير علي الدولة وليس العكس كما يحدث عندنا ولذلك وضعنا خطة للنهوض بهذه الصناعة من جديد سيتم الكشف عنها خلال المرحلة القادمة.