الحروب الوهمية

عين الطائر

توقيت زيارة جون كيري وزير الخارجية الأمريكية إلي الشرق الأوسط تثير الكثير من اللغط حول دور أمريكا وعلاقتها بتنظيم "داعش". الغرض المعلن من الزيارة ان جون كيري يحاول بناء تحالف ضد "داعش" وانه اجتمع بوزراء دول مجلس التعاون الخليجي والعراق والأردن ومصر لهذا الغرض. التوقيت يكشف ان محاولة أمريكا الأولي لدفع "داعش" من سوريا إلي العراق كان يهدف في المقام الأول إلي التخلص من رئيس الوزراء العراقي نور المالكي وان أمريكا لم تتدخل لضرب ميلشيات التنظيم إلا بعد أن تسلم رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي مقاليد الحكم كما أن رفض تركيا الصريح للتدخل في الحرب علي "داعش" جعل أمريكا تفكر فيما يدفع لتحويل حملتها في العراق.
تركيا وان كانت في البداية من مؤيدي تنظيم "داعش" وكانت تمده بالسلاح والعتاد عندما كانت تعمل في الأراضي السورية. إلا أنها رفعت يدها عن التنظيم بعدما تحرك تجاه العراق وقد يكون السبب في الدعم الأول انها كانت تأمل ان يزيح "داعش" النظام السوري وعندما فشل في تحقيق الأهداف التركية نفضت يدها عنه مدعية انها تخشي ان تتسرب الأسلحة والمعدات التي يتم تسليمها إلي قوات "داعش" إلي أيدي حزب العمال الكردستاني بعد ان تضع الحرب أوزارها في العراق. وإذا كانت تركيا ترفض التدخل حالياً فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تجد أمامها إلا العرب بعد أن دعمت "داعش" ووفرت لها الغطاء الإعلامي لبث الرعب في قلوب الدول المجاورة وهي لا تريد ان تدخل حرباً بالوكالة. كما أنها لا تريد ان تطلق طلقة أو صاروخاً بالمجان.
"داعش" ليس بالخطورة التي تحاول أمريكا ترويجها فهي تعلم تمام العلم إمكانيات هذا التنظيم بل نوعية تسليحه وعدد أفراده وأماكن تمركزهم كما انها تعلم عدد الأجانب الذين يحاربون في صفوفه وقد أعلنت ذلك أكثر من مرة.
ومن هنا تأتي زيارة جون كيري المثيرة مثل كافة تحركات أمريكا المثيرة للجدل في المنطقة وها هو رئيس الوزراء العراقي الجديد قد تسلم مهام منصبه وتقاعس تركيا عن المشاركة في حرب "داعش" ولذا من الأفضل لكافة الأنظمة العربية ان تعمل معاً بأقل المساعدات الأمريكية من تبادل المعلومات الاستخباراتية للقضاء علي "داعش" بنفسها وقواتها وإذا كان داعش يمثل خطراً علي الولايات المتحدة نفسها. فعليها ان تتعامل بلا مقابل مادي ويبدو أن زيارة كيري للمنطقة قد تدور حول سبل الدعم المادي العربي وتكلفة الحرب علي "داعش" وكيف ستتقسم الدول الخليجية تكاليفها ويبدو ان أمريكا بعد ان كادت تنتهي من تكاليف حرب الخليج الأولي والثانية تبحث عن مصادر تمويل جديدة للحروب الوهمية.