عندما تضعف الدولة ويسود الفساد يعم الغلاء ويتلاعب التجار بأقوات الناس ولا تستقر الأمور إلا بتدخل الدولة القوي وتفرض هيبتها علي القوي والضعيف. وفي التاريخ الاقتصادي هناك دائماً طرف ضعيف وهو المواطن العادي المستهلك الذي يبحث عن سد احتياجات اسرته الأساسية وفي تاريخ مصر ومنذ عهد الدولة العثمانية ومع ركوب محمد علي سدة الحكم تلاعب التجار بأقوات الناس مما دفع محمد علي في النهاية إلي احتكار كافة وسائل الانتاج الزراعي في ذلك الحين. حاول محمد علي بكافة السبل استمالة التجار وتقريبهم من مجلسه. بل منحهم الهدايا والعطايا من أجل رحمة المواطنين. إلا أن جشعهم دفعهم لزيادة الأسعار.. أسعار الحبوب والبقول بالعشرين بارة في المرة الواحدة وكانت البارة هي العملة المتداولة في ذلك الحين قبل ظهور الجنيه. لم يجد محمد علي مفراً من وضع يده علي كافة المنتجات الزراعية وتسعيرها لتأديب التجار وهو ما يعتبر أول سوق موازية في تاريخ مصر. ولقد تردد تعبير السوق الموازية علي لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء ابراهيم محلب مؤخرا وهو ما يعني طرح سلع بأسعار رخيصة نسبيا يكبح جموح التجار. ويبدو ان مصر هي البلد الوحيد في العالم التي لا تحدد هامش ربح للمنتجين أو التجار مما يجعل السوق لا يخضع لما يسمي بالعرض والطلب. بل أصبح الاحتكار بأشكاله المختلفة هو السمة الرئيسية في السوق المصري. والحقيقة انه لولا تدخل الدولة وايجاد منافذ جديدة لبيع السلع لارتفعت كثير من الأسعار وخاصة أسعار المواد الغذائية التي لا يستغني عنها المواطن.. هذا التدخل فرض علي سبيل المثال تثبيت اسعار اللحوم حيث ان سعر كيلو اللحم في السوق الموازية يتراوح بين اربعين وخمسة واربعين جنيها بينما يباع في المحلات ولدي الجزارين بما يتراوح بين سبعين ومائة جنيه للكيلو الواحد. تدخل الدولة ضروري وفي اعتي الدول رأسمالية لا يترك الحبل علي الغارب للتجار والمنتجين لتحديد الاسعار كما يرغبون فهناك سلع استراتيجية لا يتم الاقتراب من سعرها ومنها علي سبيل المثال اسعار البيرة في ألمانيا. البيرة هناك سلعة استراتيجية وسعرها موحد وتقدم في المقاهي أو البارات أو في فنادق النجوم الخمسة بنفس السعر. وعلي الدولة ان تعلم ان ما يزيد من سبعين في المائة من دخل المواطن ينفق علي الغذاء وان الاسعار في مصر تزيد علي اسعار نفس السلع في دول أوروبا رغم اختلاف الدخول وعليه يجب زيادة منافذ بيع المنتجات الغذائية الاساسية من أسماك ودواجن ولحوم وبدلا من اتباع سياسة محمد علي في تأديب التجار يجب وضع هامش ربح معقول لكافة السلع والخدمات في بر مصر.