هل كانت ثورة 25 يناير مؤامرة حقاً؟!.. وهل كان المشاركون فيها خونة وعملاء للولايات المتحدةالأمريكية التي هي بالأساس شريك استراتيجي لمصر مبارك؟! وكيف جرؤ المحامون والمتهمون في قضية قتل المتظاهرين علي قول ذلك علناً ومن خلال وسائل الإعلام؟! نعم.. المناخ السياسي تغير كثيراً عما كان عليه الوضع في الأعوام الثلاثة الماضية.. تغير بفعل الزمن.. وبفعل الأزمات المتلاحقة.. وربما تغير بفعل فاعل.. المهم أن المناخ السياسي تغير.. ومزاج المصريين ايضا تغير.. لكن هذا لا يغير أبداً من حقيقة الثورة وجوهرها.. وحتميتها. هناك حقائق كثيرة ترد علي الادعاء الكاذب بأن الثورة كانت مؤامرة وخيانة.. وهناك أشخاص كثيرون جديرون بالرد علي هذا الادعاء الكاذب. مثلاً.. لقد أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة منذ اللحظة الأولي انحيازه للثورة وحمايته لها.. فهل يمكن أن تقف القوات المسلحة هذا الموقف لو أن الثورة مجرد مؤامرة وخيانة؟! وحين وجه ممثل المجلس الأعلي للقوات المسلحة التحية للشهداء الأبرار من الشباب الذين ضحوا بأرواحهم أثناء الثورة.. هل كان يؤديها لخونة وعملاء؟! وحين ذهب أحد رجال الدولة لإخراج وائل غنيم من المعتقل لتحتفي به القنوات الفضائية.. فهل كان ذلك فصلا في مؤامرة وخيانة أم فصلا في تمثيلية لكسب الوقت حتي يتم إعادة ترتيب الأوراق.. وإعادة كل شيء إلي ما كان عليه؟! لن أقول أين البرادعي.. ولكن أقول أين الوجوه التي كانت تدعي شرف الانتساب للثورة والمشاركة فيها والتبرك بميدان التحرير.. أين عصام شرف والسيد البدوي والمستشار زكريا عبدالعزيز وسامح عاشور وزياد بهاء الدين وخالد يوسف وغيرهم وغيرهم من أساتذة الجامعات والإعلاميين والفنانين والأدباء الذين صدعوا رءوسنا بأنهم من صنعوا الثورة وحرروا المواطن المصري.. هل كانوا شركاء في ثورة أم مؤامرة وخيانة؟!.. أين هؤلاء الآن.. ولماذا صمتوا؟! إن الأخطاء الكثيرة والفادحة التي وقعت بعد الثورة.. وارتكبها الجميع.. لا يمكن أن تنفي حقيقة الثورة التي وصفت بأنها أنصع الثورات وأنظفها.. وأشاد بها وبشبابها زعماء العالم المتمدين.. ولا يمكن أيضا أن تنسينا أن الثورة كانت ضرورة حتمية لإنهاء ذلك النظام الذي قال عنه هيكل إنه "شاخ في مقعده". كانت كل المؤشرات والدلائل تؤكد أن البلاد مقدمة علي ثورة بعد أن تكاثرت عليها الأزمات في كل شيء.. واستشري الفساد في جنباتها.. وأصبح التزوير فيها سمة أساسية.. ناهيك عن كافة الأمراض الاجتماعية والسياسية التي أثقلت كاهل المصريين وصاروا ينتظرون شعاع الفجر الذي لاح يوم 25 يناير .2011 أقول هذا.. وأنا لا أدعي أنني شاركت في الثورة ولا ذهبت إلي ميدان التحرير.. فقد كنت أؤدي واجبي ليل نهار في جريدتي كمدير للتحرير.. لكنني أيدتها وآمنت بها وبشبابها وبضرورتها من أول لحظة وإلي الآن.. تتبدل القناعات والانحيازات.. تضطرب الدنيا من حولنا.. لكن تبقي ثورة يناير هي الحقيقة الساطعة في حياتنا ولو كره الكارهون.