يحظي العمل بأهمية كبري لدي الإسلام والمسلمين. فهو أساس المحاسبة والطريق للبناء والتعمير وقد أولاه القرآن الكريم بالاشارة في كثير من آيات القرآن الكريم تقديراً لمكانته إذ لم يرد الجزاء إلا مقرونا بالعمل "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا" "30 الكهف" ولم تكتف الآيات بالاشارة إلي المؤمنين والمؤمنات دون اقتران ذلك بالعمل ففي سورة الاحزاب يقول ربنا: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما" فهؤلاء الرجال والنساء إذا تغلغل نور الإسلام في وجدانهم كان العمل ديدنهم وكان ما أعده الله لهم من جزاء مقابل هذا العمل عظيما ويتناسب مع الالتزام قولا وعملا إذ لا قيمة في نظر الإسلام بقول دون عمل فهو الشرط الاساس. مع الالتزام قولا وعملا إذ لا قيمة في نظر الإسلام بقول دون عمل فهو الشرط الاساسي. والمسلمون مطالبون بالسعي في الأرض وتعميرها بكل صنوف العمل "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور". العمل هو الذي يساهم في سعادة البشرية ويجعل للحياة مذاقا خاصا فالرسول يعد الإنسان العامل بالجزاء الأوفي حين يعود إلي بيته مساء وهو يعاني من التعب نتيجة العمل الجاد حيث يكتسب رزقه ويوفر للآخرين الكثير من ثمرات تعبه. وها هو سيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم - يقبل يد رجل تقدم لمصافحته وذلك حين لمس فيها خشونة من أثر العمل ولم يكتف بذلك وإنما قال: هذه يد يحبها الله ورسوله" فهل هناك اهتمام وتقدير لقيمة العمل أكثر من ذلك والجدية المثمرة هي أهم الشروط دون علو في الأرض ولا فسادا "تلك الدار الآخر نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين" "83 القصص". والمؤمن يسخر حياته للعمل والبناء دون سعي إلي التخريب أو الافساد في الأرض "وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخر ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين" بقدر ما يكتسب يكن لإسعاد البشرية وتوفير سبل الحياة لكل الناس دون منْ أو أذي أو فعال وكبرياء علي الآخرين. ومن فضل الله علي العباد أنه من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها وهم لا يظلمون". ولقد كان سيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم - في مقدمة العاملين فهو القدوة والمثل يتقدم الصفوف ويكره أن يجلس مع أصحاب هذا الأسلوب فها هو مع أصحابه في رحلة وحينما حان وقت الغذاء. قال أحدهم: سوف احضر الشاة والثاني قال: علي ذبحها وتعهد باقي الصحابة كل بدور في أعداد هذه الوجبة - لكن الرسول رفض أن يجلس معهم علي الغداء دون المشاركة في العمل فقد قال لأصحابه: وأنا عليّ جمع الحطب. أسلوب غاية الرقي والتقدم والحضارة ومنتهي التواضع من الرسول وذلك رغم أن الصحابة كانوا في منتهي السعادة لكي يجلس الرسول عزيزاً مكرماً ويشرفهم أن يتناول معهم الطعام لكنه ضرب المثل والقدوة وعزة النفس والتأكيد علي أن القائد أو المسئول عن العمل لابد أن يكون في مقدمة الصفوف حفزا لكل العاملين علي بذل الجهد والعرق لتوفير الحياة الكريمة لهم وللآخرين. "إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد". ليت أبناء هذه الأيام يدركون الابعاد الاجتماعية والاقتصادية للعمل الجاد إذ لا رفاهية ولا تقدم دون عمل. ولا مكان بين المسلمين للكسالي والمتقاعسين كما نري هذه الأيام ولا حول ولا قوة إلا بالله.