من أعظم الأعمال وأحبها إلى الله عز وجل التصدق على الفقراء والمساكين والغارمين والمرضى وتفريج كربات المسلمين، فالمؤمن الحق هو من يدرك قيمة العطاء والتكافل والتراحم ومد يد العون والمساعدة لإخوانه المحتاجين، لا يعيش لذاته وينشغل طول الوقت بتحقيق وإشباع رغباته الشخصية المختلفة فقط، بل يخرج عن طيب خاطر من مال الله الذى هو مستخلف عليه ليتصدق دون أن ينتظر جزاءً ولا شكورًا من العباد، قاصدًا رضا الله والفوز بالأجر والثواب العظيم.. قال تعالى: {آمِنوا بالله ورسوله وأنفِقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبير} الحديد: 7. عن أبى سعيد الخضرى قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر، إذ جاء رجل على ناقة له فجعل يصرفها يمينًا وشمالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده فضل ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زادٍ فليعد به على من لا زاد له"، حتى ظننا أنه لا حق لأحد منا فى الفضل. العاقل هو من ينافس فى حب الخير وفى التصدق على الفقراء والمساكين، عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حسد إلا فى اثنتين، رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار"، صححه الألباني. للصدقة عدة فضائل عظيمة وضحها القرآن والسنة، ومن بينها: أولاً: الصدقة دليلٌ على إيمان وتقوى العبد.. من صفات أهل الإيمان واليقين أداء ما عليهم من صدقات وزكاوات ابتغاء مرضاة الله وطمعًا فى رحمته وغفرانه، قال تعالى: {الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}. 1-3 البقرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله، تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو حجة عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"، أخرجه مسلم. ثانيًا: الصدقة سبب فى حصول البركة وزيادتها.. بالصدقة تتنزل البركات وتزداد الخيرات وتُضاعَف الحسنات.. قال تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم، الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا مَنًّا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} البقرة: 261.. وقال سبحانه: {يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} البقرة: 276.. عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله أنفِق يا ابن آدم أُنفِق عليك".. رواه البخاري. ثالثًا: الصدقة سبب للوقاية من الأمراض والفتن.. تقى الصدقة صاحبها من شر الأمراض والفتن وتفرج عنه ما يعانى من كربات، وتخفف عنه الهموم والأحزان.. قال جل شأنه: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} البقرة: 274. عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه كربة من كربات الآخرة، ومن ستر أخاه المؤمن فى الدنيا ستره الله فى الآخرة، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه"، أخرجه أبو داود والترمذي. رابعًا: الصدقة تطفئ غضب الله.. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون}.. البقرة: 254. عن أبى سعيد الخضرى رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم: "صدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد فى العمر، وفعل المعروف يقى مصارع السوء". خامسًا: الصدقة تطهر النفس والمال.. قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بهم وصلِ عليهم إن صلاتك سكنٌ لهم والله سميع عليم}.. التوبة 103. وقال عز وجل أيضًا: {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرًا لأنفسكم، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * إن تقرضوا الله قرضًا حسنًا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم}.. 16-17 التغابن. سادسًا: الصدقة تقى من عذاب النار.. قال تعالى: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا}.. 35 الأحزاب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم أحدٌ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه، فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا الله ولو بشق تمرة".. أخرجه أحمد.