في القاهرة حالياً وفد فلسطيني مميز.. جاء أساساً لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع وفد إسرائيلي مماثل لبحث إمكانية وقف اطلاق النار في غزة.. لكن إسرائيل أعلنت أنها لن ترسل مبعوثين لمفاوضات الهدنة.. وحسناً فعلت. الوفد الفلسطيني شكله الرئيس محمود عباس "أبومازن" ويضم عزام الأحمد رئيساً وماجد فرج رئيس المخابرات العامة وفيصل أبوشهلا "الثلاثة من فتح" وموسي أبومرزوق وخليل الحية وعماد العلمي وعزت الرشق "حماس" وزياد نخالة وخالد البطش "من الجهاد الاسلامي".. كما يضم الوفد ممثلين عن فصائل أخري بحسب ما ذكرته وكالة "معا" الأخبارية الفلسطينية. وقد سبق وصول الوفد إلي القاهرة تصريحات منسوبة لمقربين من أبومازن يؤكدون فيها أن موقف السلطة الفلسطينية من العدوان يتطابق تماماً مع موقف المقاومة ومطالبها بفك الحصار عن غزة وفتح المعابر جميعا وتشغيل ميناء ومطار غزة تحت الرقابة الدولية.. وهو تطور إيجابي ونقلة نوعية تفتح أبواباً للتفاهم بين فصائل المقاومة "خاصة حماس" وبين العديد من الدول العربية وأولها مصر وتزيل جبال الشك القائمة بين الطرفين. وربما كان غياب الوفد الإسرائيلي فرصة لكي يجري الوفد الفلسطيني محادثات موسعة مع مصر.. بل ومع جامعة الدول العربية.. في جو هاديء لإزالة سوء الفهم وتقريب وجهات النظر.. حتي يعبر الجميع هذه المرحلة الصعبة بكل تناقضاتها. وليس سراً أن كل الأطراف في حاجة ماسة إلي هذا التفاهم والتوافق.. الرئيس عباس مثلاً في حاجة إلي الالتحام أكثر بشعبه في غزة وبالمقاومة حتي لاتنفرد به إسرائيل في يوم ما وساعتها ربما يضحي به من أجل رجلها الأقرب محمد دحلان.. وحماس وفصائل المقاومة في حاجة ماسة إلي هذا التفاهم والتوافق الذي يمنحها غطاء شرعياً فلسطينياً ومصرياً وعربياً.. ويوفر لها ظهيراً وسنداً موثقاً به في المحافل الدولية.. أما مصر والدول العربية فحاجتهم كبيرة أيضا إلي هذا التفاهم والتوافق لمناقشة ما لديها من شكوك حول الدور الذي تلعبه حماس في تهديد الأمن والاستقرار الداخلي بكل صراحة. لذلك أقول إن الوفد الإسرائيلي الموجود في القاهرة حالياً يستطيع أن يقوم بمهمة أجل وأعظم من المهمة التي جاء من أجلها للتفاوض مع الإسرائيليين وذلك من خلال التواصل والتباحث مع إخوانه في مصر والجامعة العربية وفتح الملفات وجها لوجه وبكل وضوح حتي يتشكل موقف عربي صلب يواجه العدوان الإسرائيلي صفاً واحداً.. وينهي حالة التشرذم العربي الذي نعيشه.. والذي يؤلمنا بأكثر مما يؤلمنا العدوان الغاشم. نحن أولي بالتفاهم مع إخواننا الفلسطينيين من الصهاينة وإنهاء الخصومات العربية العربية هو البداية الصحيحة لمواجهة العدوان الإسرائيلي وهزيمته.