«حلم الوصول إلى إقامة دولة فلسطينية يتبخر من بين أيدينا» بهذه العبارة استهل نائب رئيس المكتب السياسى فى حركة حماس الدكتور موسى أبومرزوق حواره مع الشروق الذى قال فيه إن المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس وإسرائيل ما هى «إلا خيال مقاتة» لا تخدم إلا المصالح الأمريكية الصهيونية. وموسى أبومرزوق هو أحد قادة حركة حماس الفلسطينية، ولد فى العام 1951 فى مخيم رفح الفلسطينى بمدينة غزة، ويشغل حاليا منصب نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس أى أنه نائب رئيس الحركة المسيطرة على قطاع غزة. كانت الأيام الأخيرة قد شهدت جدلا قويا بعد إعلان وزارة الداخلية فى حكومة حركة حماس المقالة بقطاع غزة فتح باب التطوع أمام شباب القطاع، لكن أبومرزوق يقول إنه لا يوجد قرار فى وزارة الداخلية يتعلق بالتجنيد وكذلك لا يوجد أيضا فى حركة حماس أى نوع من التجنيد سواء كان اختياريا أو إجباريا فالتطوع مفتوح اختياريا للانضمام لصفوف المقاومة وفى المنظمات التابعة لها أما إعلان التجنيد فى القطاع غير حقيقى. ولم يتغير حديث نائب رئيس حركة حماس عن المفاوضات مع إسرائيل عن موقف الحركة المعلن منذ سنوات حيث قال إن المفاوضات غير المباشرة هى خطوة للمفاوضات المباشرة لتنفيذ مخطط إسرائيلى للقضاء على الوجود الفلسطينى فى القدس مضيفا: «نعتبر المفاوضات حاجة أمريكية وإسرائيلية ولكنها ليست حاجة فلسطينية بمعنى أن هناك اهدافا سيحققها العدو من خلال هذه المفاوضات أما الأهداف الفلسطينية لن يتحقق منها شىء فى المطلق فى حين يتصور العالم أن عملية السلام جارية ولكن على الجانب الآخر يتم طرد السكان من منازلهم وأراضيهم». ولا سبيل للتقدم نحو السلام من وجهة نظر القيادى الحمساوى إلا من خلال ضغط عالمى، خصوصا أن هناك إطرافا فى الداخل الإسرائيلى تريد الوصول إلى سلام ويجب دعم موقفها من خلال تشديد الضغط على إسرائيل حتى لا يتمدد المعسكر المناوئ للسلام بين الإسرائيليين. وأعرب أبومرزوق عن خوفه من تبخر الحلم الفلسطينى بإقامة الدولة فى الضفة الغربية وقطاع غزة على حدود عام 76 وعاصمتها القدس وأن يصبح الهدف هو وجود مفاوضات بلا نهاية والتى نعتبرها مثل «خيال المقاتة». ويبرر أبومرزوق موقفه الرافض للمفاوضات فى الوقت الراهن بالقول إن الرئيس عباس يذهب للتفاوض وليس لديه أى أوراق ليضع شروطا فميزانية سلطته تأتى من أمريكا وقوات أمنه يديرها جنرال أمريكى والمقاومة مجمدة والضغوط عليه مستمرة من الإسرائيليين والأمريكيين، أما الشروط المتعلقة بتجميد الاستيطان وإرسال ضمانات أمريكية فكلها ستسقط بمجرد أن يجلس المفاوض الفلسطينى على مائدة التفاوض، وعباس لن يأخذ من الإدارة الأمريكية غير الكلام المعسول الذى لا معنى له، لذلك على الجانب الفلسطينى ان يعتمد على نفسه وشعبه ويبحث عن أوراق ضغط حقيقية قبل أن «نفقد أوراقنا وقوتنا وأرضنا ونصحو فى المستقبل وأراضى الضفة تبخرت ونفقد أكثر من 48٪ منها أو تفرض علينا حلول بأن نأخذ الضفة ونديرها إدارة محلية» على حد قول أبومرزوق. ولا يمكن أن يتجاهل الحوار مع الرجل الثانى فى حركة حماس قضية المصالحة المعطلة بين الحركة وحركة فتح وخصوصا ما تردد عن المبادرة التى حملها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى خلال زيارته لقطاع غزة قبل أسابيع. يقول أبومرزوق إن عمرو موسى استمع لإسماعيل هنية رئيس حكومة حماس وسجل كل ما قاله هنية ثم خاطب موسى بعد مغادرة القطاع بمخاطبة خالد مشعل رئيس المكتب السياسى للحركة وأثنى مشعل على الكلام وبناء على ذلك بعث برسائل إلى وزراء الخارجية العرب مضمونها عقد لقاء فلسطينى فى القاهرة يكون مضمونه الاتفاق على الملاحظات ثم الذهاب إلى التوقيع وتكون الورقة المصرية قاعدة تطبيق المصالحة إلى جانب التفاهمات ووجد قبولا من أبومازن والجانب المصرى ثم فجاة وبعد مقابلة المبعوث الأمريكى للسلام فى الشرق الأوسط جورج ميتشيل تراجع الجميع عن المبادرة. كان الرئيس الفلسطينى محمود عباس قد أصدر مرسوما بإرسال وفد يضم مستقلين ومن مركزية فتح إلى غزة للبدء فى الحديث بشأن التفاهمات ثم سحب مرسومه بصورة مفاجئة على حد قول أبومرزوق لتعود جهود المصالحة إلى دائرة الجمود مرة أخرى. «الإخوة فى مصر يعتبرون ملف المصالحة ملف مصر التى بذلت فيه الجهد الأكبر وتريد أن تستمر فى هذا الجهد إلى أن تنتهى بالمصالحة. وعلى الرغم من الترحيب المصرى المعلن بأى جهود عربية للمصالحة فإن القاهرة ترى أى تحرك حقيقى على الأرض يجب أن يعود إليها ولا يجب أن يشاركها أحد فيه حسبما ترى أما فى الترحيب العلنى بأى جهود فهو مجرد كلام» بنص كلام نائب رئيس المكتب السياسى لحماس. وعما إذا كانت حماس تبحث عن دور تركى لإنجاز المصالحة مع فتح قال أبومرزوق إن لقاء خالد مشعل مع وزير الخارجية التركى داود أوغلو مؤخرا فى دمشق سبقه لقاء قمة جمع الرئيس مبارك مع الرئيس عبدالله جول تركز جزء منه على المصالحة ودور تركيا فيها وهو دور مرحب به ونعتبره إضافة ويهدف إلى مصلحة فلسطينية. وقبل أن ينتهى الحوار مع الرجل الثانى فى حركة حماس وصل الحديث إلى إستراتيجية الحركة فى مواجهة إسرائيل حيث قال: «نحن لا نعيش مرحلة هدنة مع العدو وندير برامجنا على قاعدة أن العمود الفقرى لبرنامجنا هو المقاومة وترتيب أوراقنا فى غزة والضفة الغربية على أساس هذه القاعدة». وأشار أبومرزوق إلى أن التعامل مع «العدو الإسرائيلى» قبل الحرب على غزة فى يناير 2009 لم يختلف عنه بعدها حيث تواصل الحركة تعبئة الناس وتأهيلهم وتجهيزهم للمقاومة فى القطاع وفى الضفة الغربية، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية شنت حملة عنيفة ضد المقاومة لدى مختلف الفصائل الفلسطينية وشملت البنية التحتية للمؤسسات الحاضنة والداعمة والمساعدة للمقاومة سواء على مستوى الجماعة أو الفرد وتمت ملاحقة المقاومين مما أثر على المقاومة و«دفعنا إلى التفكير فى إعادة بناء ما تم استهدافه بطريقة جديدة وأؤكد أن قرار استئناف المقاومة لايزال مطروحا على الطاولة وهو عنوان أساسى للتعامل مع العدو لأنه السبيل الوحيد لنزع المستوطنات فى الضفة الغربية».