أثار مشروع القانون الخاص بتحصين قرارات مسئولي الحكومة حالة من الجدل والخلاف بين الخبراء والمتخصصين ففريق يصفونه بأنه فساد صارخ وآخر يراه خطوة علي طريق دفع الاستثمار. الفريق الأول من رجال القانون يرون أنه يفتح الباب للفساد ومحكوم عليه بعدم الدستورية لأنه يسلب القضاء خاصة الإداري سلطة من سلطاته الأساسية وهي مراقبة سلطات الإدارة. قالوا إننا لا نتعامل مع ملائكة ولكن مع بشر من الممكن أن يصيب أو يخطئ وليس مطلوباً تقنين هذا الخطأ مؤكدين أن المستثمر الجاد لا يمكن أن يخالف الأعراف والقوانين المتعارف عليها. أما رجال الأعمال والمستثمرون فيرون أنه يعالج التشوهات في التشريعات القائمة ويمنح الثقة في المناخ القائم ويوقف هروب رؤوس الأموال. قالوا: أخيراً يستطيع المسئول اتخاذ القرار المناسب دون خوف طالما كان في الصالح العام مطالبين في نفس الوقت بسرعة اصدار القوانين المكملة مثل قانون منع تضارب المصالح. * أحمد عودة المحامي وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد يصف مشروع القانون بأنه يفتح باباً جديداً للفساد وغير دستوري لأن الدستور القائم نص صراحة علي عدم تحصين أي قرار إداري ويعيد الي الأذهان تصرفات وقرارات الرئيس المعزول مرسي الذي حصل علي غضب وسخط الجميع بسبب إعلانه الدستوري الذي حصن فيه نفسه وقراراته. أضاف أن صدور القانون بالشكل الذي أعلن عنه يمثل بداية للديكتاتورية والفساد مجتمعين لأنه يعطي الفرصة لانشاء تصرفات غير ديمقراطية ويجعل من الافساد والفساد سمة من سمات الموظف العام بغير خشية من رقابة القضاء وخاصة القضاء الإداري الذي هو في جوهره رقيب علي سلطات الإدارة ويقوم المعوج من قرارات ويلغي ما قد يشوبها من أخطاء تصل في بعض الأحيان الي مستوي الجرائم. رفض التعلل بأن القانون يمثل وسيلة لجذب الاستثمارات وطمأنة رجال الأعمال مؤكداً أن القانون بصفة عامة لم يكن يوماً عائقاً أمام الاستثمار فالقضاء عندما يري أن أي قرار يقف خلفه المصلحة العامة ولا يوجد به أي انحراف ولا يهدف الي تحقيق مكسب سواء ل"ص أو سين" من الناس فلا يمكن أن يعترض عليه أحد وفي نفس الوقت إذا رأي أن القرار الحكومي يحتوي علي اساءة استخدام السلطة ويغفل المصلحة العامة فمن الطبيعي أن يرفضه ويقوم بالغائه. أوضح أن من يسعون لاصدار هذه القوانين يريدون أن يمدوا يد الحماية لمن يعبثون بمصلحة الوطن ولا يمكن أن يسمح بذلك في العصر الجديد الذي تعيشه مصر. مشروعية الخطأ * شحاتة محمد شحاتة المحامي ومدير المركز المصري للنزاهة والشفافية يؤكد أن أي قانون جديد لا يجب أن يخالف الدستور الحالي الذي يمنع تحصين قرارات الموظف العام وصدور القانون بهذا الشكل سوف يفتح الباب علي مصراعيه للطعن فيه بعدم الدستورية. أضاف أن القانون يفتح الباب للفساد والمحسوبية ومشروعية ارتكاب الخطأ فالعمل الإداري أو العام لا نتعامل فيه مع ملائكة ولكن مع بشر ممكن أن يخطيء حتي بدون قصد إذا فرضنا حسن النية وليس مطلوباً في هذه الحالة أن يقنن القانون ويحصن هذا الخطأ الذي هو مرفوض شكلاً وموضوعاً. أوضح أننا في بعض الأحيان نتخذ من الاستثمار ذريعة واهية لاتخاذ قرارات غير سليمة بينما في حقيقة الأمر المستثمر يعي جيداً سواء وطني أو أجنبي أن هناك في كل دول العالم قرارات وقوانين صارمة يجب الالتزام بها وعدم التجاوز بأي شكل من الأشكال. أضاف أن المستثمر الحقيقي يريد فقط الأمن في البلد الذي يعمل به ومحاكم وقضاء يحصل من خلالهما علي حقه في حالة حدوث خلاف بينه وبين أي طرف آخر وقوانين تسهل الاجراءات. أما الشخص الذي يريد أن يتجاوز ويحصل علي حقوق ليست له فهذا لا يمكن أن نطلق عليه لقب المستثمر فالجميع يجب أن يعي أننا في دولة ذات سيادة بها قوانين وتشريعات يجب الالتزام بها. الطرف الثالث * د.فخري الفقي مساعد رئيس صندوق النقد الدولي سابقاً يري أن التشريع جيد يصب في مصلحة الاستثمار لأنه علي مدار ال 3 سنوات الماضية لم يجرؤ مسئول علي توقيع أي قرارات خوفاً من المساءلة والدخول في متاهات السجون مثلما حدث في بعض الحالات بشرط أن يتضمن القانون الجديد نصاً أنه لا يجوز لطرف ثالث الطعن في العقد الموقع بين رجال الأعمال والحكومة. أضاف أننا هنا لا ندافع عن أي تسيب أو انحراف فأي خروج علي القانون يمكن أن تكون النيابة العامة هي الطرف الثالث الذي من حقه فحص العقود والتأكد من أنها خالية من الفساد أو أي شبهة. أوضح أننا يجب أن نسعي جاهدين الي تشجيع ودفع الاستثمار وعدم استمرار نزيف دفع التعويضات التي تتحملها الدولة بسبب اللجوء للتحكيم الدولي فنحن مطالبون بسداد ما يقرب من 10 مليارات دولار توازي 70 مليار جنيه كغرامات. أضاف أن عدم الالتزام بسداد ما علينا من التزامات يعطي صورة سيئة وسلبية عن مناخ الاستثمار. طالب بأن لا تتوالي جهة واحدة اصدار التشريع الجديد ولكن يتم الاستعانة بجميع الاتجاهات حتي نتعرف علي جميع الأراء ويأتي القانون خالياً من الثغرات التي يمكن أن تسبب في التربح والفساد خاصة أننا في فترة تحتاج الي تهيئة المناخ للاستثمار مع ضرورة وجود شفافية ووضوح في الإعلان عن العقود الحكومية والتأكد من عدم وجود شبهة انحراف أو مصلحة خاصة بشكل مباشر أو غير مباشر مع قيام الأجهزة الرقابية بدورها. طالب بحسن اختيار القيادات الحكومية التي في يدها اتخاذ القرار بحيث تخضع للتدريب واكتساب الخبرة حتي تأتي أعمالها موافقة لصحيح القانون. أشار الي أنه في نفس الوقت يجب أن يتواكب مع اصدار هذا القانون اصدار تشريع منع تضارب المصالح حتي تأتي الصورة متكاملة وحتي نعطي صورة صادقة للمستثمر بصفة عامة بأن لدينا هدفاً ورؤية واحدة تصب في مصلحة الدولة والمواطن. مجرد رقم * السفير جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب يطالب بألا يكون القانون الجديد مجرد رقم في ترسانة القوانين لدينا ولكن يجب أن يكون فاعلاً بمعني أن يتم دراسته أولاً بشكل جيد حتي يأتي القانون ملبياً لكل الاحتياجات وهذا لن يتحقق إلا بالاستماع لكل التوجهات والأراء حتي لا يتعارض التشريع الجديد مع أي قوانين قائمة. أضاف أننا يجب أن نسعي جاهدين هذه الأيام في توفير المناخ الخالي من التشوهات في القوانين والقرارات وبما يضمن في النهاية جذب الكثير من الاستثمارات التي تولد فرص عمل وحتي نواجه بشكل سليم عجز الموازنة الشديد ومن هنا يجب أن يكون هذا القانون وغيره من قوانين الاستثمار علي رأس أولويات الحكومة. * محمد المرشدي نائب رئيس الاتحاد العام للمستثمرين يتساءل كيف يصدر القانون دون أن يتم الاستماع لآراء الاتحاد رغم أننا نمثل جميع المستثمرين في كل التخصصات رغم أننا قمنا بارسال رؤيتنا الي رئيس الوزراء ووزراء التجارة والمالية والاستثمار ولم يتم التحاور معنا بأي صورة من الصور رغم المشاكل التي نعاني منها. أضاف أننا لا نمتلك رفاهية الوقت فلدينا مستثمرون هجروا استثماراتهم في مصر وجزء آخر نقل نشاطه أو جزء منه الي بعض الدول وبالتالي يجب أن نصلح المنظومة بالكامل بحيث تحسن الأوضاع ويكون المستثمر آمناً علي نفسه وأمواله فمصلحة الوطن يجب أن تكون هي الفيصل وأن يكون المسئول لديه الجرأة والشجاعة في اتخاذ القرار طالما كان متوافقاً مع صحيح القانون. طالب عدم التباطؤ في صدور القانون لأننا عانينا في فترات سابقة من التباطؤ مما يجعل الظروف والمستجدات أكثر سرعة ومن ثم يأتي القانون غير ملبي للاحتياجات. سياسات مستقرة * محمد المنوفي رئيس جمعية مستثمري أكتوبر سابقاً قال إن هذا التشريع علي درجة كبيرة من الأهمية لأن التشريعات السابقة كانت معوقاً للاستثمار ونحن في حاجة الي زيادة الثقة في مناخ الاستثمار ومن ثم نحن في أشد الحاجة الي سياسات مستقرة تتسم بالشفافية والوضوح فعدم الاستقرار يؤدي الي هروب رأس المال كما حدث في حالات كثيرة. طالب بأن يتم الاستماع الي رؤي المستثمرين التي يتحدثون فيها منذ 3 سنوات وعلي الحكومة قبل الاقدام علي صدور القانون أن تستمع جيداً لنا. أشار الي أن الأمر لن يكون فوضي ففي نفس الوقت الذي نشجع فيه الاستثمار علينا أن يكون هناك عقوبات رادعة في مواجهة من يخطيء خاصة عن قصد ويجب أن يتواكب مع ذلك أن تسهل الحكومة من الاجراءات فليس منطقياً أن يكون أي مشروع جديد في حاجة الي 32 اجراء ثم نتحدث فقط عن تحصين قرارات الموظف الحكومي دون أن ننظر الي المنظومة بالكامل التي يوجد بها الكثير من الخلل.