لغط شديد شاب قانون تنظيم اجراءات الطعن الذي أصدره عدلي منصور.. ففي حين يؤكد منير فخري عبد النور ان القانون راعي التوازن الدقيق بين العديد من الاعتبارات أهمها الحفاظ علي استقرار العقود وتأثير ذلك علي تعزيز الثقة في قدرة الدولة ونظامها القانوني علي إنفاذ العقود التي تكون طرفا فيها, وعلي تهيئة المناخ المناسب لتشجيع الاستثمار والنشاط الاقتصادي من ناحية. واعتبارات حماية المال العام وعدم الإخلال بالحماية الجنائية المقررة لأموال الدولة ولممتلكاتها من خلال أدوات القانون الجنائي من ناحية أخري. متهما الذين ينتقدون القانون بأنهم لم يطلعوا علي صيغته النهائية.. إلا أن العديد من خبراء الاقتصاد واساتذة القانون يتهمون كلام الوزير بأنه براق في ظاهره ومحمله, ولكن الشيطان في التفاصيل التي لم تختلف كثيرا عن نظام الخصخصة والتعاقدات المريبة التي كانت تحدث في عهد النظام الأسبق وما يعتورها من فساد قاده اصحاب المصالح الشخصية الذين كانت تفضل من اجلهم القوانين علي حساب اقتصاد البلاد.. وان القانون في حد ذاته يحمل عوارا دستوريا خطيرا يهدد بنسفه من أساسه. وان القضاء بوضعه الحالي لا يحتمل التجريب ولا أن يخرج قانون بين عشية وضحاها لم يأخذ حقه في النقاش, وقد تكون له تداعيات أخطر من نظام الخصخصة الفاسد الذي لم يجد تحصينا مثل هذا.. بين هذا وذاك نبحث عن الحقيقة في هذين التحقيقين لنكون قد كشفنا جوانب لم تكشف لتفك التشابك بين الرأيين.. احمد السباعي -------------- قانون تقييد الطعن.. تعزيز للاستثمار أم تحصين للفساد؟! * د. يمن الحماقي: أؤيد بحذر ومطلوب وضع ضوابط وآليات من مجلس الدولة * د. مصطفي سالم: نحن من أفشل دول العالم في الخصخصة *مستشار مصطفي عبد الغفار: إذا شاب العقد المبرم بين الدولة والمستثمر فساد فتستحيل مواجهته إذا اتفقت المصالح * زيدان مدكور: القانون يحمل بين طياته العوار الدستوري ----------------------- اكتسبت عمليات الخصخصة في مصر سمعة سيئة بعد أن بيعت الشركات والمنشآت بأبخس الأثمان في منظومة فساد لا تخطئها عين, وليت الأمر وقف عند هذا الحد فعند صدور أحكام قضائية بعودة هذه الشركات إلي أحضان الدولة لجأ المستثمرون إلي التحكيم الدولي الذي كبد مصر مليارات الجنيهات وأعلن المستثمرون عن خروجهم من مصر بلا عودة, مما حدا بالمشرع حسب وجهة النظر الرسمية إلي إصدار قانون تقييد الطعن علي العقود بقصره علي الدولة والمستثمرين من أجل تعزيز مناخ الاستثمار وتحفيز النشاط الاقتصادي. وتساءل الكثيرون عن الغرض من هذا القانون وهل بالفعل يعزز مناخ الاستثمار ويسد باب التحكيم الدولي؟.. أم أنه يفتح أبواب الفساد علي مصاريعها لمصلحة شلة الفاسدين علي حساب الوطن؟ التحقيق التالي يحاول الإجابة عن هذه الأسئلة.. تبدي د. يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس تأييدا مشوبا بالحذر لهذا القانون, مبررة ذلك بأن كل من كان يريد أن يطعن في اتفاق أو صفقة يقوم بذلك, وهذا كان يؤدي إلي عرقلة الاستثمار وعزوف المستثمرين عن الاستثمار في مصر, وتتساءل هل عندما نفعل هذا القانون نشجع علي الفساد بإعطاء الفرصة كما حدث من قبل لأصحاب الحظوة في الخصخصة حيث كشفت المستندات عن المحاباة والانتقائية التي كانت سمة غالبة فيها بجانب انعدام الشفافية أو وجود تقييم موضوعي لقيمة الشركات, كاشفة عن أنها شاركت في تقييم مجموعة الشركات, ولكنها كانت تفاجأ بأن بعض المشروعات تطرح ولا يأتي إلا مستثمر واحد متعجبة هل السبب في ذلك أن التسويق تم بشكل لا يتيح للعديد من المستثمرين أن يعرفوا بوجود فرصة استثمارية, أم أن هناك أسبابا أخري ترجع إلي الأداء المؤسسي الذي كان به بعض الفساد من ناحية, ومن ناحية أخري توجد قواعد غير رسمية تحكم المعاملات بمنعي ترتيب الأوراق بشكل يتماشي مع القانون وفي الحقيقة هناك أهداف خفية تصب في مصلحة بعض الناس لذلك تري أن تطبيق موزانة البرامج والأداء هي الحل الوحيد لمكافحة الفساد في مصر, حيث يمكن عمل برامج الخصخصة من خلالها, مستدركة أنا هنا لا أنادي بالخصخصة لأنها أصبحت سيئة السمعة نتيجة للتجارب المريرة التي مرت بها في مصر, لذا يمكن الاستعاضة عنها حاليا بوضع أسس للشراكة بين القطاعين العام والخاص بشفافية ومتابعتها بشكل جيد عن طريق موازنة البرامج والأداء لتحقيق الهدف من الخصخصة. وتوضح د. يمن: في ظل مشكلات مصر فإن كل الطاقات العاطلة في شركات القطاع العام يمكن استغلالها في شراكات مع القطاع الخاص فنأتي بشركات إدارة وشركات تسويق من القطاع الخاص, أو شركات أجنبية ونحن الذين نضع الشروط والقواعد للأجانب مثل تدريب المصريين وعدم الإضرار بالاقتصاد المصري مما يساعدني في استغلال القطاع العام والطاقات العاطلة, وأن يكون الاهتمام بالاستثمارات التي تحقق المصلحة العامة أولا ثم المصلحة الخاصة فقبل ذلك كانت المصلحة الخاصة هي التي تحدد الاستثمار. مقترحة وضع الضوابط وآليات الرقابة السابقة من مجلس الدولة بشرط أن يستعين مجلس الدولة بالمتخصصين فتوجد أبعاد اقتصادية وفنية وهندسية حتي يكون القرار سليما, مؤكدة لو فعلنا هذه الآليات فسنحمي البلاد من الفساد فليس حق التقاضي وحده الذي يحمي البلاد من الفساد فهناك العديد من الضوابط التي تقضي عليه وعلي الانتقائية بدلا من أن نقيد الاستثمار من خلال تعظيم دور الرقابة واستمرار المتابعة حتي لو يوجد خطأ في مرحلة من المراحل وثبتت الانتقائية من حق الحكومة إقامة الدعوي. ويري د. مصطفي سالم أستاذ قانون الاستثمار الدولي أن القانون له أكثر من بعد فالوجه الإيجابي أنه سوف يوقف القضايا التي يرفعها أي عابر سبيل بالطعن ببطلان عقود الخصخصة وهذا أمر خطير لأنه ينفر المستثمرين من الاستثمار بمصر ويفقدها مليارات الجنيهات, فهذا القانون يجعل المستثمر مطمئنا لأنه يترتب علي هذا الوجه وجود تزكية للمستثمر ويخفف عبئا علي المحاكم, فالقانون لا يقبل الدعوي إلا من أصحاب المصلحة فقط بالمفهوم الضيق. موضحا أن أحكام القضاء المصري بفسخ عقود الاستثمار قبل القانون وفقا لقواعد القانون الدولي في هذا الشأن التي تطبقها محكمة واشنطن تعتبر أحكام تأمين ويترتب عليها أن المضرور يستحق تعويضا كاملا في حالة فسخ العقد أو بطلانه فمصر تدفع بسعر السوق في وقت النطق بالحكم وفقا للمستوي الدولي للتعويض, فعلي سبيل المثال تعويض الوفاة في مصر يصل إلي40 ألف جنيه لشركات التأمين, أما علي المستوي الدولي فلا يقل عن100 ألف دولار. لافتا إلي أن سلسلة القضايا التي تصل مبالغ التعويضات التي قد تتكبدها مصر تبلغ100 مليار جنيه وهي أحكام علي الشعب مما يقتضي وقف هذا النزيف. مبينا أن الجزء السلبي أنه يحمي الفساد الذي يشوب عمليات الخصخصة ونحن من أفشل دول العالم في عمليات الخصخصة وأكبر مثال علي هذا شركات الأسمنت التي بيعت بأسعار بخسة وجنت الشركات الأجنية أكثر مما دفعته في عام ونصف فقط, وحاليا ترفع الأسعار دون رقيب أو حسيب والشعب هو الذي يدفع الثمن, لذا ينبغي أن نعيد صياغة عقود الخصخصة. بينما المستشار مصطفي عبدالغفار رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضو مجلس إدارة جهاز المنافسة الأسبق يؤكد أنه لا يوجد مطلقا علي مستوي العالم تشريعات تدلل المستثمرين خاصة الأجانب بقدر التشريعات المصرية, متعجبا من أن القانون8 لسنة97 الصادر بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار قد وصل بالمستثمرين إلي حد التعدي علي حقوق المواطنين المصريين من خلال مواد ما أنزل الله بها من سلطان من بينها أنه لا يجوز تأميم الشركات والمنشآت أو مصادرتها فماذا لو كانت هذه الشركات قد تبين أنها لا تحقق مصالح الأفراد؟ ثم تأتي الطامة الثانية بعدم جواز بالطريق الإداري فرض حراسة علي هذه الشركات والمنشآت أو الحجز علي أموالها أو التحفظ عليها أو تجميدها, فماذا لو تبين أن وراء هذه الشركات أغراضا وأهدافا تلقي بمصر إلي الهاوية؟ ثم تأتي طامة ثالثة بأنه لا يجوز لأي جهة إدارية إلغاء أو إيقاف الترخيص بالانتفاع بالعقارات التي رخص بالانتفاع بها بهذه الشركات أو المنشآت فما هو الحل لما بيع بأبخس الأسعار؟ ثم تأتي الطامة الكبري التي قتلت حقوق المصريين وسوف تقتلها وتضع الحكومات والوزراء المعنيين بحقوق المواطن الاقتصادية موضع اللاأهمية أمام المادة العاشرة بأنه لا يجوز لأي جهة إدارية التدخل في تسعير منتجات الشركات والمنشآت أو تحديد أرباحها, هذه المادة استحلت دماء المصريين الاقتصادية وتقول للوزير المنوط به أعمال التجارة الداخلية الزم بيتك فليس الوطن في حاجة إلي وجودك, وبعد ذلك يصدر هذا القرار الجمهوري الذي يبدو أنه جاء بناء علي مقترح وزير التجارة والصناعة الاستثمار بقصد تعزيز مناخ الاستثمار وتحفيز النشاط الاقتصادي, ولكنه يعتبر أن العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين قد تحصنت بهذا القرار من الطعن عليها والمادة89 من القانون أوجبت أن العقد يتم بمجرد تبادل الطرفين التعبير عن إرادتين متطابقتين شرط مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد وهذه قواعد النظام العام المقيدة للتشريعات التي تصدر علي النحو الصادر به هذا القرار الجمهوري فضلا عن ذلك فإن العقد إذا أبرم بين الدولة والمستثمر وشابه جانب من الفساد فلا يوجد مواجهة لهذا الفساد مادامت اتفقت المصالح. ويعرب المستشار مصطفي عبد الغفار عن أنه كان يتمني العمل بالقانون الصادر عن رئيس الجمهورية106 لسنة2013 بشأن حظر تعارض مصالح المسئولين بالدولة باعتبار ان كل حالة يكون للمسئول الحكومي او الشخص المرتبط به مصلحة مادية او معنوية تتعارض تعارضا مطلقا يترتب عليه ضرر مباشر او محقق المصلحة او الوظيفة العامة او تعارضا نسبيا محتملا في وقوع ضرر للمصلحة او الوظيفة العامة في جميع الاحوال مع ما يتطلبه منصبه او وظيفته من نزاهة واستقلال حفاظا علي المال العام بما لا يؤدي الي كسب غير مشروع للنفس او للشخص المرتبط. ويضيف إننا في حاجة قبل اصدار مثل هذه التشريعات ان نحترم القانون في حماية اموال الدولة وانضباط اداء الحكومات خاصة ان قانون العقوبات باعتباره من قواعد النظام العام قضي بأن كل من أخل عمدا بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط بها مع الدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات ووحدات القطاع العام أو الوحدات الاقتصادية أو المنشآت التي تساهم فيها الاتحادات أو الجمعيات وما شابه ذلك أو مع إحدي الشركات المساهمة ترتب علي ذلك ضرر جسيم أو إذا ارتكب أي غش في تنفيذ هذا العقد يعاقب بالسجن وتصل العقوبة إلي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إذا ترتب علي هذه الأفعال أضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة لها. مشددا علي أننا في حاجة الي تفعيل التشريعات التي ترفع من حماية المال العام وليس من تركه أو وضعه موضعا يشجع ذوي السوء من النفوس نحو الإضرار به فنعود إلي النظم السابقة والجرائم التي ارتكبتها ولم يصدر بها حكم حتي الآن! مؤكدا أنه من حق كل مواطن مصري علم بوقوع جريمة تتعلق بإهدار المال العام أو تحوي شروعا في إهداره أن يتقدم للنائب العام للإبلاغ لحماية البلاد من الفساد. ومن جانبه يسجل زيدان مدكور حسين باحث اقتصادي وقانوني خمس ملاحظات حول هذا القانون وهي: 1- أن هذا القرار يؤدي الي سلب اختصاص أصيل من القضاء لكون التحقق من توافر شرطي الصفة والمصلحة في أطراف الدعوي اختصاص أصيل لقاضي الموضوع وبالتالي فإن تطبيق المادة الثانية من هذا القرار بأن تقضي المحكمة بعدم قبول الدعوي من تلقاء نفسها يجعل الحكم بعدم قبول الدعوي من النظام العام دون بسط سلطة القاضي في تقدير توافر شرطي الصفة والمصلحة من عدمه ويترتب علي ذلك عدم النظر في موضوع الدعوي. 2- إذا أخذنا في الاعتبار نص المادة الاولي من قانون المرافعات بأن القوانين يجب أن تسري فور إصدارها علي القضايا التي لم يغلق فيها باب المرافعة فإن ذلك سيؤدي إلي عدم السير في العديد من الدعاوي المعروضة حاليا ومنها قضية شركة نوباسيد المؤجلة لجلسة3 مايو الحالي وقضية أسمنت أسيوط المؤجلة لجلسة17 مايو الحالي وغيرها من الدعاوي التي كان ينتظر الشعب رأي القضاء فيها باعتبار أن الأحكام القضائية مقررة وكاشفة للحقيقة فضلا عما ثبت سابقا من بطلان وعدم صحة العقود في خصخصة العديد من الشركات.3- أن هذا القانون يحمل بين طياته احتمالية العوار الدستوري مما يفتح الباب للدفع بعدم الدستورية في الدعاوي المنظورة مما يؤدي الي إطالة أمد النزاع حال الدفع بعدم الدستورية استنادا لنص المادة32 من الدستور الجديد التي تنص علي أن موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب, والحكومة تدير أملاك الشعب ولا تملكها, ولا يجوز لها منع الشعب من استخدام حقه في الطعن علي العقود التي قد يشوبها الفساد, بهدف بسط رقابته علي مقدراته وأملاكه. وكذا تعارضه مع المادة97 من الدستور الجديد التي تكفل حق التقاضي لجميع المواطنين لكونه اقتصر حق التقاضي علي أطراف العقد وأصحاب الحقوق العينية والشخصية. 4- يجب إعمال الرقابة القضائية علي العقود الادارية من الغير( الشعب- أو دعوي الحسبة) باعتبارها سبلا رقابية رادعة لأي تصرفات إدارية فاسدة. 5- أن هذا القرار يحرم العاملين بالشركات والهيئات العامة من حق إقامة الدعاوي علي الرغم من توافر الصفة لكونه موظفا بتلك الشركة والمصلحة لاقتران استمرار الشركة باستمرار دخله لأن العاملين ليسوا أصحاب حقوق شخصية ولا عينية إلا إذا كانوا يمتلكون حصصا أو أسهما في تلك الشركات. ويشدد مدكور علي ضرورة دراسة جميع الممارسات غير السليمة التي اكتنفتها تجارب الخصخصة وعقود الامتياز السابقة والعمل علي وضع آليات إجرائية وتشريعية لتجنبها مع استمرار بسط الرقابة القضائية علي العقود الإدارية والقرارات المنشئة لها وتغليب حماية المال العام من الفساد علي حماية المستثمر الذي تقتصر حقوقه في الدولة المضيفة علي توفير مناخ استثماري جاذب له من خلال تطبيق الحوكمة والشفافية وتبسيط الإجراءات وتوفير المعلومات عن الفرص الاستثمارية الجاذبة, ومن خلال علاقات عقدية متوازنة لا يشوبها أي فساد مع استمرار خضوعها للرقابة الشعبية والقضائية. ---------- قانون تنطيم إجراءات الطعن ما له وما عليه.. = صلاح حيدر: يضمن حقوق المتعاقد خاصة إذا كان مع الدولة, وسيغير وجه الاقتصاد في مصر = إسلام عبد العاطي: تعديل القانون لن يحل الأزمات التي تواجه الاستثمار ولن يعيد المستثمرين الأجانب إلي مصر = نادي عزام: حظر الطعون أمر منطقي ويساهم في منع تعرض المستثمرين وشركاتهم لأحكام قضائية تتسبب في إيقاف تلك الاستثمارات = اتحاد العمال: القانون بعد تعديله يحرم العاملين بالشركات المخصخصة بغرض الاستيلاء علي أراضيها من إقامة دعاوي بطلان عقود بيعها ----------------- تباينت ردود الفعل من جانب الخبراء بعد إقرار قانون الطعن علي عقود الدولة الذي صدر تعديل عليه أخيرا والذي كان ينتظره المستثمرون كثيرا, إلا أن بعض الخبراء يؤيدون القرار باعتباره ضامنا لحقوق المتعاقد مع الدولة والبعض الآخر يري أنه لن يحل الأزمات التي تواجه الاستثمار, وما بين المؤيد والمعارض فإن أصحاب المشكلة الحقيقية وهم اتحاد العمال يعتبرون أن هذا القانون يحرم العاملين بالشركات المخصخصة بغرض الاستيلاء علي أرضها من إقامة دعاوي بطلان عقود بيعها.. في البداية قال صلاح حيدر المحلل المالي تعليقا علي إقرار قانون الطعن علي عقود الدولة: إن هذا القرار يعطي الحق للطعن في بطلان العقود التي يكون أحد طرفيها الدولة أو أحد أجهزتها وزارات أو مصالح, مع عدم الإخلال بحق الطرف الآخر من حقوق شخصية أو عينية. وأضاف أن القرار ينظم إجراءات حق التقاضي ويحدث مزايا عديدة جدا, مشيرا إلي أن القرار تم بناء علي مقترح وزارة التجارة والصناعة لتحفيز الاستثمار, وجاء موافقا لأحكام المحكمة الدستورية, مؤكدا أن هذا القرار بقانون يضمن حقوق المتعاقد خاصة إذا كان مع الدولة, وسيغير وجه الاقتصاد في مصر لأن الدولة ستضمن تعاقداتها. وأضاف أن القضايا الشخصية وقضايا الابتزاز ستختفي بموجب هذا القرار بقانون, وقسم التشريع في مجلس الدولة فحص هذا القرار بقانون لتنظيم اجراءات التقاضي بشأن عقود الدولة.وأشار الخبير الاقتصادي, اسلام عبد العاطي, إلي أن هذا التوجه من الحكومة المصرية لن يحل الأزمات التي تواجه الاستثمار, ولن يعيد المستثمرين الأجانب إلي مصر, لأن المنظومة بحاجة إلي إعادة هيكلة وليست بحاجة إلي تحصين العقود مثلما قررت الحكومة. وأوضح أنه لم تقم أي دولة علي مستوي العالم بتحصين عقود الاستثمار أو قصر الطعن علي طرفي التعاقد سواء المستثمر أو الحكومة, خاصة في ظل حالة الانقسام التي يمر بها المجتمع المصري, مؤكدا أن الشفافية في التعامل مع المستثمرين ووضوح رؤية الحكومة وتوجهاتها والرقابة علي قراراتها أهم بكثير لدي المستثمرين. ولفت عبد العاطي إلي أن من يسعي إلي تحصين عقوده الاستثمارية مع أي حكومة علي مستوي العالم لا يرغب في الاستثمار, ولا يسير بطرق صحيحة في الحصول علي هذه العقود, والمستثمر الجاد يرفض مثل هذه الإجراءات لأنه في حال حدوث أي تغيير في مصر سوف تلغي مثل هذه القرارات أو القوانين ووقتها سيحق لأي مواطن الطعن علي أي عقود سابقة. وقال نادي عزام خبير أسواق المال إنه وفقا للمادة الأولي من القانون, فإنه يقتصر الطعن أمام القضاء علي طرفي التعاقد فقط, وجاء النص علي الشكل الآتي:' مع عدم الإخلال بحق التقاضي لأصحاب الحقوق الشخصية أو العينية علي الأموال محل التعاقد, يكون الطعن ببطلان العقود, التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها من وزارات ومصالح, وأجهزة لها موازنات خاصة, ووحدات الإدارة المحلية, والهيئات والمؤسسات العامة, والشركات التي تمتلكها الدولة أو تساهم فيها, أو الطعن بإلغاء القرارات أو الإجراءات التي أبرمت هذه العقود استنادا إليها, وكذلك قرارات تخصيص العقارات, من أطراف التعاقد دون غيرهم, وذلك ما لم يكن قد صدر حكم بات بإدانة طرفي العقد أو أحدهما في جريمة من جرائم المال العام المنصوص عليها في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات, وكان العقد قد تم إبرامه بناء علي تلك الجريمة'. وقال يلزم القانون في مادته الثانية المحاكم بعدم قبول أي دعاوي تقام من طرف المواطنين, وجاء نصها كما يلي:' مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية الباتة, تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعاوي أو الطعون المتعلقة بالمنازعات المنصوص عليها في المادة الأولي من هذا القانون والمقامة أمامها, بغير الطريق الذي حددته هذه المادة, بما في ذلك الدعاوي والطعون المقامة قبل تاريخ العمل بهذا القانون'. ويري أن حظر الطعون من أطراف خارجة عن التي حددها القانون علي العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمر أمر منطقي ويساهم في منع تعرض المستثمرين وشركاتهم لأحكام قضائية تتسبب في إيقاف تلك الاستثمارات. ولضمان تنفيذ العقود المبرمة مع المستثمرين يقترح عزام تشكيل لجنة رقابية تتابع التزام المستثمر بتنفيذ جميع البنود المنصوص عليها في التعاقد مع وضع شروط جزائية يلتزم بها الطرفان حيث كثرت الطعون وصدرت الكثير من الأحكام القضائية بشأن إلغاء خصخصة بعض الشركات وأبرزها عمر أفندي, والنيل لحليج الأقطان, بجانب إلغاء قرارات تخصيص أراض للشركات وعلي رأسها مدينتي, وايضا هناك العديد من القضايا منظورة امام المحاكم ومنها شركات سينتامين للتنقيب عن الذهب, والعربية لحليج الأقطان, وطلعت مصطفي, والمصرية للمنتجعات. ولكن باثارة هذه الاحكام امام المحاكم الدولية والتظلم من منها ثم الحكم بتعويضات قد يكلف الدولة ما يقرب من100 مليار جم كتعويضات كما ان هذه الطعون والقضايا ادت الي هروب المستثمرين وعدم ثقتهم في الاستثمار في الدولة بعد توالي الطعون من اشخاص غير ذوي صفة وتضرر المستثمرون الرئيسيون الخليجيون من تلك الطعون واصبحت الاستثمارات شبه متوقفه بسبب هذه القضايا. وقال عزام: يعتبر القرار بقانون خطوة ايجابية علي الطريق الصحيح لاعادة الثقة والاطمئنان مرة اخري للمستثمرين واتوقع ان يجني مساهمو العربية لحليج الاقطان والمنتجعات السياحية ومجموعة طلعت مصطفي ثمار هذا القرار بعد نص القرار علي إلغاء القضايا المنظورة امام المحاكم ولم يتم البت النهائي فيها. وكانت هذه الطعون تشكل تهديدا كبيرا للمستثمرين وقلقا من تعاملاتهم في الدولة وقال ان هذا القرار سوف يساعد علي عودة السيولة للبورصة مرة اخري في الايام القليلة المقبلة بعد ان خرج جزء كبير من السيولة خلال الشهر الماضي ويعود النشاط مرة اخري للتداولات. وكانت الحكومة قد بدأت في إدخال تعديلات علي قانون حوافز الاستثمار, ليسمح بتحصين عقود الاستثمار بين الدولة والمستثمرين لحماية المال العام وحق المستثمر الحسن النية. وبلغت حصيلة الحكومة من بيع شركات الخصخصة نحو53.644 مليار جنيه, وذلك من بيعها ل282 مصنعا وشركة, بدءا من عام1993 حتي نهاية يناير2013 وعلي مدار20 عاما. من جانبه أصدر اتحاد عمال مصر الحر, برئاسة علي البدري, بيانا لرفض قرار الرئيس عدلي منصور, بإصدار قانون تنظيم إجراءات الطعن علي عقود الدولة, تحت مسمي رعاية الاستثمار والمستثمرين. وقال علي البدري, رئيس الاتحاد, إن هذا القانون يحرم العاملين بالشركات المخصخصة بغرض الاستيلاء علي أرضها من إقامة دعاوي بطلان عقود بيعها, ما يعد حماية للمستثمر الفاسد الذي أوقف النشاط, واستولي علي الأراضي وطرد العمال من عملهم, بغرض تحويلها من أراض صناعية إلي سكنية, مشيرا إلي رفضه القانون لتستره علي مجموعة من الفاسدين الذين استولوا علي المال العام, علي حد وصفه. وأشار وليد جودة, الأمين العام للاتحاد, إلي أن عودة الاستثمار والمستثمرين لا يلزمها صدور قانون لحماية فساد المنتفعين, الذين استولوا علي الشركات بغية الاستيلاء علي أراضيها بأبخس الأسعار, فأكبر سعر بيع للمتر المميز في قلب القاهرة لا يتعدي195 جنيها للمتر, وتم وقف أنشطة الشركات والمصانع بعدة حجج مختلفة, كلها تحت مظلة التلاعب بالقوانين, مشيرا إلي التخلص من العمال بعدة طرق مختلفة, وجاءت مكافأة الدولة لهؤلاء الفاسدين والمفسدين بإصدار قانون يقنن أوضاعهم, ويحمي المستولي عليه من أراضي الدولة والمال العام, علي حد وصفه, لافتا إلي أن القانون جاء إجحافا لحقوق عمال مصر في استعادة مصانعهم وشركاتهم من تجار الأراضي والأبراج السكنية, مطالبا رئيس الجمهورية بدراسة أوضاع المستثمرين الذين اشتروا شركات ومصانع الدولة, وبيان مدي ما قدموه لخدمة الصناعة في مصر. وقال' جودة', إن الغالبية العظمي منهم أغلقوا المصانع وتخلصوا من العمال, بغرض الاستفادة من الأرض كأرض مبان, ما يعود عليهم بمليارات الجنيهات من المال العام المملوك للشعب, لحفنة من الأغنياء حتي يزدادوا غني ويزيد الفقير فقرا تحت سمع وبصر الدولة, التي لم تحرك ساكنا لتمنعهم من تنفيذ مخططاتهم بالاستيلاء علي المال العام, علي حد تعبيره. وكان الرئيس المؤقت عدلي منصور قد أصدر قرارا بقانون يقصر الحق في الطعن ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها علي أطراف التعاقد دون غيرهم. وقال البيان يكون الحق بالطعن ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها من وزارات ومصالح وأجهزة لها موازنات خاصة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تمتلكها الدولة أو تساهم فيها أو الطعن بإلغاء القرارات أو الإجراءات التي أبرمت هذه العقود استنادا لها وكذلك قرارات تخصيص العقارات من أطراف التعاقد دون غيرهم وذلك ما لم يكن قد صدر حكم بات بإدانة طرفي العقد أو أحدهما في جريمة من جرائم المال العام. وكان الكثير من عقود الأعمال والعقارات قد ألغيت بعد الطعن فيها أمام المحكمة من قبل أشخاص غير ذي صلة الأمر الذي أضر بثقة المستثمرين في مصر وعليه وافق مجلس الوزراء علي مسودة للقانون في الشهر السابق.