رغم الظروف والأوضاع المتأزمة التي تشهدها البلاد بسبب أزمة المياه وأزمة سد النهضة الأثيوبي الذي أصبح يهدد حصة مصر من مياه النيل وبرغم نداءات الدولة المتكررة بمناشدات وتحذيرات وتهديدات بتغليظ العقوبات من أجل ترشيد المياه ولا يزال هناك من يضرب بكل ذلك عرض الحائط وهو ما كشفته الأيام السابقة مع بداية عودة رش الشوارع بالمياه بحجة تهدئة الأتربة التي تتطاير في الجو وتلحق ضرراً بالمحلات التجارية ومحاولة ترطيب الجو من شدة وارتفاع حرارة الصيف ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقط لإهدار المياه فهناك سائقو السيارات خاصة السرفيس والتاكسي الداخلي والذين أصبحوا يفضلون غسل سياراتهم بمياه الشرب علي جانبي الشوارع في نهاية اليوم بدلاً من غسلها بمحطات الوقود كما كان يحدث في الماضي. هذا بالإضافة إلي صنابير المياه المفتوحة علي مدي ساعات الليل والنهار في بعض المساجد ودورات المياه العامة نتيجة عدم إصلاحها وهو ما يتسبب في إهدار كميات كبيرة من مياه الشرب دون فائدة كما أن عمليات الحفر المستمرة لإقامة المشاريع أو تشييد الأبراج والعقارات تؤدي أحياناً إلي تحطيم مواسير مياه الشرب الرئيسية والتي تغرق الشوارع بالمياه لساعات طويلة حتي يتم إصلاح هذه المواسير وهناك أيضاً استمرار لإهدار المياه بكثافة في محطات الوقود لغسيل السيارات علي مدي ساعات الليل والنهار وعمليات البناء والمدارس والمصالح الحكومية والتي تشهد مسلسلات مستمرة لإهدار المياه. يقول وليد مسعد الرشيدي صاحب محل لتجارة الملابس والعبايات بالمحلة الكبري انه يضطر أحياناً للجوء إلي رش المياه في الشارع بفعل مرور السيارات مما يؤدي لتراكم هذه الأتربة علي فاترينات المحل مما يؤدي لطمس معلم معروضات المحل أمام الزبائن كما أن الملابس والأقمشة والمفروشات تتأثر من الأتربة المتطايرة مما يسبب له أضراراً وخسائر ويري أنه يستعين بكمية قليلة من المياه لتفادي هذه الأضرار. بينما يؤكد صابر السيد بائع مصنوعات جلدية بوسط البلد بالمحلة الكبري أنه يضطر أحياناً لرش كمية من المياه في الشارع أمام المحل لمنع تطاير الأتربة من ناحية وترطيب حرارة الجو التي تكون مرتفعة بشدة في فصل الصيف خاصة خلال وقت الظهيرة مشيراً إلي أنها عادة قديمة ورثها عن والده وأجداده وجيرانه وليست وليدة اليوم. بينما يكشف سعد الغمري سائق تاكسي أجرة داخلي بأنه يضطر للقيام بغسيل سياراته بنفسه مستخدماً كمية من المياه بعد أن أصبح يجد صعوبة في غسيل سيارته بإحدي محطات الوقوت نتيجة الزحام الشديد أحياناً علي هذه المحطات بالإضافة لتوفير المبلغ الذي سوف يدفعه مقابل غسيل السيارة في المشحمة في ظل الظروف المائية الصعبة الحالية ولذلك فإنه أصبح يفضل ومعه الكثير من زملائه سائقي وأصحاب السيارات التاكسي الأجرة الاستعانة ببعض جراكن المياه ليلاً وبعد انتهاء يوم عمل طويل لغسيل سياراتهم بأنفسهم. المثير للدهشة أن جميع من تحدثوا للمساء كانوا يعلمون تماماً بوجود أزمة قادمة في المياه وأن هناك مشكلة مع أثيوبيا بسبب سد النهضة وذلك من خلال متابعتهم لوسائل الإعلام ولكنهم رغم ذلك لم يفكروا في التوقف عن عاداتهم السلبية بإهدار المياه برش الشوارع وغسيل السيارات وخلافه وهو ما أصبح يستدعي من الدولة سرعة وضرورة تفعيل العقوبات التي أعلن عنها السادة المسئولون بعد تغليظها وتشديدها وتنفيذها علي أرض الواقع لأنها ستكون الحل الوحيد للتصدي لهذه الظاهرة السلبية والحفاظ علي المياه وعدم إهدارها بهذا الأسلوب غير المسئول والمستفز. وفي محاولة لاستطلاع رأي المسئولين حول الوضع القانوني لهذه المشكلة وكيفية تطبيق القوانين للتصدي لها وهل يتم تفعيل هذه القوانين فعلاً للقضاء علي هذه المشكلة التي أصبحت تهدد حياة المصريين بالعطش. أكدت المهندسة نادية حسونة رئيس حي ثان المحلة الكبري بأن مشكلة إهدار المياه أصبحت ظاهرة خطيرة بالفعل في ظل حالة اللامبالاة وعدم الاكتراث التي أصبح عليها بعض المواطنين والذين لا يشعرون بخطورة ما يفعلونه بإهدار المياه برشها في الشوارع من غسيل السيارات وخلافه من أساليب إهدار مياه الشرب رغم الأزمة القائمة حالياً وتحشد الدولة كافة الجهود لإيجاد حل عاجل لها بسبب أزمة سد النهضة والتي أصبحت تهدد حصة مصر من مياه النيل وتهدد البلاد بالعطش والجفاف ولكن لا حياة لمن تنادي عند العديد من المواطنين الذين يواصلون عاداتهم السلبية والسيئة لإهدار المياه في نفس الوقت ومما يساعد علي التمادي في ذلك هو عدم تفعيل وتنفيذ العقوبات التي قررتها الدولة ضد أي مواطن يخالف القوانين وبفعل هذه الجريمة في حق وطنه بعد تقاعس الجهات المسئولة والمعنية بتفعيل العقوبات المقررة علي المخالفين لردعهم والقضاء علي هذه الظاهرة السلبية والخطيرة. أشارت رئيسة حي المحلة الكبري أن الشركة القابضة لهيئة مياه الشرب والصرف الصحي أصبحت مسئولة منذ انفصالها عن الوحدات المحلية عن تنفيذ تحرير المخالفات وتوقيع العقوبات علي كل من يتم ضبطه متلبساً بإهدار مياه الشرب بأي طريقة مثل رشها بالخراطيم لترطيب الشوارع من حرارة الجو والتخلص من الأتربة حيث أن هيئة مياه الشرب هي الجهة المنوط بها تحرير المخالفات للمخالفين ولكن للأسف لا يحدث ذلك وأصبحت الهيئة لا يعنيها سوي تحصيل الفواتير من المواطنين فقط وسط تجاهل وعدم التصدي للأزمة أو الاهتمام بمشاكل مياه الشرب والصرف الصحي الذي أصبح يمثل أزمة يومية لأهالي مدينة المحلة الكبري بسبب الطفح المستمر لمياه المجاري والتي أغرقت معظم الشوارع بالمدينة دون تحرك الجهة المسئولة. بينما أشارت رئيسة حي المحلة الكبري إلي أن جهاز النظافة بالوحدة المحلية هو المسئول عن تحرير المخالفات للسيارات التي يقوم سائقوها أو أصحابها بغسلها في الشوارع ولكن الجميع في تجاهل للتصدي لمشكلة المياه بعد تجميد القوانين والاكتفاء بوضعها داخل الأدراج لحين وقوع الكارثة ووقتها لن يفيد الندم لعدم تفعيلها علي أرض الواقع لأن الواقع سيكون للأسف قد فات.