استصلاح 4 ملايين فدان تنفيذاً لبرنامج الرئيس عبدالفتاح السيسي والذي يبدأ بعد العيد مباشرة ب 33 ألف فدان ضمن المرحلة الأولي ومساحتها مليون فدان قفزة كبري نحو المستقبل حيث يزيد المساحة التي نعيش عليها في الوادي الضيق من 6% إلي 30% بجانب ما يوفره من مئات الآلاف من فرص العمل ويحقق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات.. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف نضمن نجاح المشروع والا يتعرض للانتكاسة كما حدث في مشروعات سابقة؟ "المساء الأسبوعية" ناقشت القضية مع الخبراء في العديد من المجالات فوضعوا روشتة النجاح للمشروع والتي تتمثل في توفير البنية الأساسية ومصادر المياه وتحديد نوعية المحاصيل بكل دقة وقبل أي شيء. قالوا إن نظام "الكيبوتس" هو النظام الأفضل والذي يضمن اقامة مجتمعات عمرانية متكاملة بجانب ضرورة التوسع في استخدام الميكنة الزراعية لتحقيق التوسع أفقياً وراسياً. اقترحوا أن تكون الأولوية في المشروع لاصحاب مهنة الزراعة الذين ليسوا لديهم حيازة زراعية مع تخصيص الجزء الأكبر من المشروع للشركات ذات الخبرة بسبب ارتفاع تكلفة استصلاح الفدان. أشاروا الي أهمية السحب الآمن من المياه الجوفية واختيار المحاصيل التي تناسب الظروف المناخية في كل مكان يتم اختياره لتنفيذ المشروع. * د.جمال الدين محمد نصر وكيل زراعة القاهرة واستاذ الهندسة الزراعية يؤكد أنه من الصعب نجاح استصلاح هذه المساحة الضخمة من الأراضي بدون استخدام الميكنة في كافة اشكالها سواء بالنسبة للمساحات المنزرعة بطريقة عادية أو الزراعة المحمية والمقصود بها الصوب لأننا بذلك نضمن تكثيف الانتاج سواء أفقياً من خلال زيادة المساحات أو رأسياً من خلال زيادة الانتاجية لنفس المساحة باستخدام تقنيات حديثة في الانتاج. أضاف أن استخدام الميكنة الزراعية في عملية الانتاج يتطلب أن يكون هناك شكل من اشكال تجميع المساحات الصغيرة في كيانات كبري حتي نستطيع استخدام الميكنة سواء في الري أو مقاومة الآفات أو حتي الجمع والحصاد للمحصول. أشار إلي أنه يجب الاعتماد علي الميكنة الحديثة في استصلاح هذه المساحات من الأراضي في الري بالرش المحوري وتجهيز الأرض ويمكن أن يصل الأمر إلي الحصاد والدراسة والفصل بل وتعبئة الانتاج في أجولة. أوضح أن عنصر التكلفة هنا سيكون عنصراً حاكما بمعني أن الشباب المتملكين لهذه الأراضي أو المستفيدين بها لن يستطيعوا بمفردهم استخدام هذه الميكنة بسبب ارتفاع تكلفتها ومن ثم يجب تكوين ما يشبه الجمعيات التعاونية بينهم لشراء هذه الميكنة والاستفادة منها بشكل يعظم من الانتاج. التجمعات التعاونية * د.أحمد الخولي عميد مركز بحوث الصحراء سابقاً يري أن أفضل الطرق لاستزراع هذه المساحات هو نظام التجمعات التعاونية الانتاجية التي تعرف "بالكيبوتس" وهي عبارة عن تجمعات من الشباب يكونون فيما بينهم جمعية زراعية تقوم بكل شيء ويتحمل كل شخص نصيبه سواء بالعمالة أو الانتاج بشرط أن يكون ذلك من غير تملك ولكن بحق الانتفاع حتي نتلافي أخطاء التجارب الماضية بقيام الشباب ببيع أو تأجير هذه الأراضي. اقترح أن تمنح الأراضي للشباب الذي ليس لديه وظيفة أو استفاد من مشاريع تملك الأراضي من قبل ولا يشترط هنا الخبرة حيث يمكن أن يخضع هؤلاء الشباب للتدريب ويمكن أن يساهم المركز في هذا المجال حيث لديه خبرة سابقة في هذا المجال حيث قام باقامة تجربة في مركز يوسف الصديق بالفيوم علي مساحة 2000 فدان بإنشاء قرية منتجة منخفضة التكاليف صديقة للبيئة. أشار إلي أهمية أن تخضع كل المساحات المقترحة لتنفيذ المشروع لمسح شامل وكامل للتربة لمعرفة صلاحياتها لاي نوع من الزراعة وعمق المياه والسحب الآمن للمياه الجوفية ونوعية الملوحة وهل هي عالية أو متوسطة أو قليلة واقامة حقول تجارب لمعرفة نوعية المحاصيل الملائمة للبيئة والتي تتحمل أقصي درجات الحرارة والملوحة والجفاف. أوضح أن هذه الزراعات أو المساحات يجب أن تحقق قيمة مضافة بمعني اقامة صناعات قائمة عليها فاذا زرعنا مثلا نباتات طبية يجب اقامة معاصر وتعبئة للمنتج ونظام تسويق واستنباط بعض المواد الكيماوية الناتجة عنها. ايضا يجب التركيز علي اقامة صناعات يدوية باستخدام المنتجات الزراعية والاستفادة من المخلفات الزراعية لانتاج الطاقة لاننا بذلك نضمن اقامة مجتمعات انتاجية تتوافر فيها كل الاحتياجات لاقامة حياة متكاملة بعيداً عن الوادي الضيق. البنية الأساسية * حسن الحصري نقيب الفلاحين بالغربية يطالب قبل البدء في أي عمليات استصلاح بتوفير البنية الأساسية للمساحات المنزرعة من شق الطرق وتوصيل الكهرباء ودق الآبار ويمكن أن يكون هناك بئر لكل مائة فدان ثم تقسم المساحات الي خمسة أفدنة لكل مستفيد. أشار إلي أهمية اختيار المستفيدين من المشروع بحيث يتم تحديدهم بكل دقة ويري أن تكون الاولوية من الاشخاص الذين يعملون بمهنة الزراعة وليس لديهم أي حيازة زراعية ويتم منحهم مهلة في سداد أقساط ثمن الأرض الي أن تنتج حيث سنضمن في هذه الحالة أن ينتقل باسرته للاقامة في هذه الأراضي ونفرغ الوادي الضيق من السكان. حذر من قيام البعض من "تسقيع" هذه الأراضي خاصة أن الدولة ستنفق علي استصلاحها مليارات الجنيهات ولذلك لابد أن يكون هناك ضوابط لمن يحصل هذه الارض حتي لاتفشل التجربة مثلما حدث في حالات سابقة. اقترح أن يقسم كل 1000 فدان إلي ما يشبه القرية المتكاملة التي توجد بها كل المرافق والخدمات والمياه سواء المياه السطحية أو المياه الجوفية حتي نضمن نجاح المشروع. الجزء الأول * د.ضياء القوصي خبير المياه يؤكد أنه لايوجد مشكلة في الجزء الأول من المرحلة الأولي الذي تبلغ مساحته 33 ألف فدان من المليون فدان الأولي حيث إن الدراسات تؤكد توافر كميات المياه المطلوبة لاستصلاحها. أضاف: وفيما يتعلق بباقي المرحلة الأولي والمراحل اللاحقة والتي تبلغ مساحات شاسعة فيجب اجراء دراسات ميدانية باقامة آبار اختبار لكي نحدد كميات المياه الجوفية والسحب الآمن منها فالمشكلة ليست في وجود المياه ولكن في السحب الآمن منها حتي لاتنفذ سريعاً ويتعثر المشروع بالاضافة الي اجراء دراسات حقلية متكاملة لمعرفة أفضل أنواع المحاصيل غير المستهلكة للمياه بشراهة والأفضل بالنسبة للظروف المناخية في كل منطقة يتم اختيارها لتنفيذ المشروع. التخطيط الجيد * د.محمود طارق استاذ استصلاح الأراضي يري أن المشروع يحتاج الي التخطيط الجيد لتلافي سلبيات تجارب الاستصلاح السابقة التي تقدر الدراسات أننا انفقنا عليها ما يقرب من 40 مليار جنيه ولم يكن العائد علي نفس المستوي بأي شكل من الأشكال. أضاف يجب أن يكون الهدف الأهم لاستصلاح هذه الكميات من الأراضي بجانب توفير جانب كبير من احتياجاتنا الغذائية خلق مجتمعات عمرانية جديدة وهو ما فشلنا فيه في الماضي بسبب منح الأراضي للشباب عديمي الخبرة ومن ثم إما قاموا ببيع الأراضي من خلال توكيلات أو تأجيرها من الباطن والعودة للبحث عن وظيفة. اقترح أن يخصص الجانب الأكبرمن هذه الأراضي للشركات المستثمرة في مجال الاستصلاح مع وجود رقابة مشددة عليها لضمان عدم المتاجرة في هذه الأراضي وتجزئتها بالاضافة الي منح كميات اقل لشباب الخريجين بشرط تهيئة الظروف المناسبة لهم كمساعدتهم في اقامة كيانات مشتركة تقوم باستصلاح الأراضي لأن هذا يضمن تقليل التكلفة التي لايستطيع الشاب بمفرده تحملها حيث ان تكلفة استصلاح الفدان الواحد تقترب من 70 ألف جنيه.