هناك انتقادات متنوعة المصدر والمقصد علي دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتبرع لصالح مصر بأموال أو أصول ثابتة مشاركة في مسئولية دعم الاقتصاد القومي والنهوض بالبلاد في الظروف الصعبة جدًا التي تمر بها. الغالبية العظمي من هذه الانتقادات مغرضة حيث تنبع من أنفس حاقدة لا تبغي الخير للوطن بل العكس.. وهي مفضوحة بذاتها لأنها صادرة من أعداء البلد رغم حملهم الجنسية المصرية ولا تتسم في ذات الوقت بالموضوعية أو تستند إلي منطق.. بل هي مجرد هجوم علي المبادرة الرائعة وعلي صاحبها وفقط.. وبالتالي فإننا لن نلتفت إلي هؤلاء وخبلهم وسواد قلوبهم.. خسارة الوقت الذي نضيعه في الرد عليهم. لكن.. بعض الانتقادات مشروعة لأنها نابعة اصلاً من أناس يتسمون بالوطنية ونقدهم موضوعي ومحترم يبغي المصلحة العليا للوطن والرغبة الصادقة في أن تنجح المبادرة فعلا وتسلك الطرق السليمة لتحقيق أكبر استفادة منها وبالتالي يكون لها مردود ايجابي واضح وصريح.. وهذا ما يستحق ان نتوقف أمامه ونستعرضه ونثمنه. هذه الانتقادات المشروعة التي جاءت في صورة تخوفات وتنبيهات تركزت علي الآتي: * إن كافة المبادرات السابقة من نفس النوع والهدف لم يكن لها مردود ايجابي ملموس من حيث حجم الأموال الذي تحقق.. بما في ذلك مبادرة "306 306" ماعدا المبادرة الرائعة التي قامت بها سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم عقب نكسة 67 والتي جمعت بحنجرتها الذهبية آلاف الجنيهات وبما يساوي المليارات بقيمة زماننا هذا للمجهود الحربي وكانت دعما هائلاً للجيش المصري الذي اشتري بهذه الأموال الاسلحة اللازمة التي خاض بها حرب أكتوبر المجيدة وانتصر. * ان البعض يستغل مثل هذه المبادرات لعمل "شو" اعلامي يخدم مصالحه الشخصية.. أي أنه يحسب بالورقة والقلم مردود كل جنيه سيدفعه عليه. * ما هي أوجه الأنفاق للأموال التي سيتم جمعها؟؟ هل ستدخل خزينة الدولة وتستخدم لخفض العجز في الموازنة مثلا؟؟.. أم سيكون لها مصارف محددة..؟؟ لا أنا ولا هؤلاء المنتقدون الشرفاء نغفل عبقرية الفكرة خاصة في هذه الظروف التي نمر بها والتي تتشابه كثيرًا مع الفترة التي اعقبت نكسة ..67 فالنكسة جاءت بعد هزيمة عسكرية وسياسية فادحة والفترة الحالية نحياها بعد "وكسة" مروعة تسبب فيها حكم الإخوان الارهابيين.. وفي الحالتين انكسرت البلاد اقتصاديا. ولا أنا ولا هؤلاء المنتقدون الشرفاء إلا ونثمن ونعظم صدق وإخلاص الرئيس السيسي في مبادرته وحماسه لها في أمرين: الأول.. انه بادر بنفسه كي يكون قدوة حسنة بأن تبرع بنصف راتبه وممتلكاته حتي التي ورثها عن الوالد رحمة الله عليه وبالمناسبة هي كثيرة جداً. والثاني.. اعلانه ان جمع هذه الأموال سيكون تحت اشرافه هو شخصيا وهي ضمانة أكيدة علي عدم تعرض تلك الأموال لأي عبث بأي شكل كان. وانطلاقاً من المشاركة بالرأي.. ليسمح لي السيد الرئيس أن أطرح تصوري.. وأتمني أن يكون مفيدًا: * أولاً.. يجب التركيز علي الأغنياء خاصة رجال الأعمال الذين استفادوا من هذا البلد وأنظمته وقوانينه وكونوا ثرواتهم منه ووصلوا الي ما وصلوا اليه.. ولولا مصر ما كانوا وما اصبحوا. * ثانياً.. كل المتبرعين ببعض أموالهم وممتلكاتهم سواء كان ذلك عن قناعة تامة بحق البلد عليهم أو عدم قناعة بل ذرا للرماد أو اتقاء للاجابة عن سؤال حتمي هو "من أين لك هذا؟" فإننا سنوجه لهم الشكر والثناء كل علي قدره وغرضه وهدفه بشرط ان يقدم كل منهم ما يثبت تبرعه حتي لا يكون كلامه مجرد "شو" اعلامي دعائي لنفسه ولمشروعاته ثم لا نجد تبرعا ولا يحزنون.. لكن يجب ايضا وبالتوازي اتخاذ اجراءات وتدابير "عقابية" ضد من يرفض دفع ضريبة الوطن "الاستثنائية" عليه بألا يكون له دور في مستقبل البلد وليهنأ بما أخذ وللقانون "أنياب".. فليس منطقيا ابدًا ان تتضخم ثروة فلان من خير مصر ثم يبخل عليها بأموالها عندما تحتاجه وتتركه يلتهم المزيد.. كفانا غيبوبة وهبل وعبط.. وهذا ليس ابتزازًا بل استرداد جزء من الحق. * ثالثًا.. إذا كان هناك حساب رسمي في البنك لايداع الأموال المتبرع بها.. فليس شرطا ملزما ان يكون السداد في هذا الحساب فقط.. بل يجب ترك المتبرع حرًا في تبرعه.. يسدد أموالا سائلة في الحساب أو يبني مدارس ومستشفيات ومصانع صغيرة وورشًا واسواقًا حضارية للفقراء والحرفيين والباعة الجائلين أي انه يقدم خدمات للمناطق المهمشة والمحرومة ويوفر فرص عمل للعاطين ويعيد الجمال المفقود للشوارع.. الشرط الوحيد ان تدير كل هذا هيئة أو مؤسسة تطوعية تحدد الرئاسة العاملين بها وان يشرف عليها الرئيس شخصيا كما وعد وهو صادق في وعده. * رابعًا.. ان كافة المبادرات السابقة وآخرها "306 306" قد تجاوزتها الاحداث والظروف.. لذا أري وضع الاموال التي جمعتها في الحساب الجديد لمبادرة الرئيس الأخيرة.. فليس من الصالح والمنطق تشتيت المتبرع بين أكثر من مبادرة لها جميعا هدف واحد هو دعم مصر واقتصادها. سيادة الرئيس.. اخترناك بقلوبنا وعقولنا معًا.. فأنت رجل وطني من الطراز الفريد.. عشقت تراب هذا البلد وضحيت من أجله بالنفس والوقت والصحة وراحة البال والآن بالمال.. ونريد لمبادرتك الرائعة النجاح لأنها فعلا أمل مصر.. ومن غير المنطقي ان نظل مستمرين علي المساعدات العربية والأمريكية.. فقد آن الأوان ان يدعم مصر ابناء مصر انفسهم وهم قادرون علي ذلك اذا حسنت النوايا. لذا .. أتمني ان تدرس الانتقادات المشروعة الموجهة لمبادرتك وتصوري وتصورات غيري عليها.. ومن حقك ان تأخذ منها ما تراه صالحًا.. وأنا علي يقين انك ستفعل ذلك ولن تهمل رأيًا مهما كان. وفقك الله.. وسدد علي طريق الحق خطاك.. انه نعم المولي ونعم النصير. وتحيا مصر.