تحقيق : عزة الراوىعندما تفلس الحكومة سياسيا واقتصاديا، تبحث في مشاريع قديمة وتلجأ للاستعانة بتبرعات مواطنيها سواء في الداخل أو في الخارج للمرة الرابعة بعد فشل عدة مبادرات للاعتماد علي تبرعاتهم أو من خلال وسائل لاستثمار أموالهم في شراء أراضٍ أو ضخها في أوعية استثمارية.هذه المرة خرجت علينا الحكومة بفتح حساب باسم حساب نهضة مصر برقم 333/333 ضمن حسابات الحكومة بالبنك المركزي، فهو بجانب تخصيصه لإيداع الأموال التي سيتم استرجاعها من الداخل والخارج، فسوف يتلقي أيضًا تبرعات المواطنين الذين يحرصون علي دعم مصر ومساعدتها للخروج من الأزمة الراهنة.في البداية، يقول الدكتور ممدوح حمزة ، الناشط السياسي: إن 'مشروع النهضة' وهم وليس له وجود.وأعرب عن استيائه لتصريحات الدكتور محمد البلتاجي الذي أكد خلالها أن حمزة طلب منه المشاركة في مشروع النهضة.وطالب الحكومة بالإفصاح عن جميع التفاصيل الخاصة بمشروع النهضة، وأرصدة الحسابات التي فتحتها الحكومة لدعم الاقتصاد خلال الفترة الماضية وأوجه صرف تلك الأموال، نظرًا لتعددها منذ بداية الثورة وتزامنها مع تراجع معدل النمو الاقتصادي.وأكد ً أن توجيه الأموال للمشروعات الجديدة والتوظيف يسهم في علاج البطالة ورفع معدل النمو الاقتصادي، منتقداً غياب الرؤية الحكومية التي تسهم في توظيف تلك الأموال. مشيراً إلي أن الدعوة لرد الأموال إلي حساب النهضة نوعا من الاستغاثة للتغطية علي فشل مشروع النهضة.وقال عمرو سليمان، رئيس مركز الدراسات بالاتحاد العام للمصريين بالخارج، إن الاستثمار عادة يتطلب استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، وهذا لم يتحقق حتي الآن في مصر، فمصير نظام الحكم بالبلاد جعل المحاولات التمويلية محاطة بجزء كبير من التشكك في نجاحها.وأضاف سليمان أن المصريين في الخارج لا يثقون في تعاملاتهم مع الحكومة، وهو ما جعل البلاد لا تستفيد من تحويلاتهم التي تتجاوز دخل قناة السويس مرتين ونصف المرة.وأشار إلي أن هناك تجارب ناجحة للتعاون مع المصريين في الخارج، ففي عام 1984 تم تأسيس كيان اقتصادي خاص للمصريين بالخارج، وتم تأسيس شركة باسم المصريين في الخارج وقتها، وحققت الشركة نجاحًا كبيرًا، وخرجت من عباءة الشركة عدة شركات أخري مثل المصريين للإسكان والمصريين لإدارة المحافظ وغيرهما، وتعتبر تلك الشركة من المحاولات الناجحة للاستفادة من تحويلات المصريين في الخارج.وأضاف سليمان أن ما يتشكك فيه المصريون الآن، هو مدي قدرة الحكومة علي الوفاء بالتزاماتها في ظل الأزمات التي تمر بها حاليًا، وحتي يتم التعاون بين المصريين والحكومة يجب القضاء علي الفساد ووضع رؤية اقتصادية واضحة للبلد وتحقيق استقرار سياسي، فلا يمكن الحديث عن مشاريع تنموية وأنت لا تعرف ما إذا كانت اللجنة الموضوعة لصياغة الدستور ستستمر أم لا.وأشار إلي أن المصريين في الخارج يسعون بكل السبل لمساعدة البلاد، لكنهم يخشون من كمية الفساد في البلاد، وأعطي سليمان مثالاً علي ذلك بمبادرة أطلقها المواطنون في الخارج، أطلقوا عليها مبادرة لدعم التعليم الفني والصناعي لبناء مائة مدرسة، واشترطوا أن يتم صرف الأموال من خلال فتح حساب في البنك المركزي ويتم الصرف عبر فواتير المقاولين وذلك حتي يتم تقنين عملية الصرف بسبب عدم الثقة في أجهزة الدولة.وصف أحمد آدم، الخبير المصرفي، هذا الحساب بأنه تغييب تام للقانون في قضايا الفساد، مؤكدا أنه لم يتم إلي الآن تنظيم أساليب التعامل مع الحساب، وأن هذا الحساب مجرد تصريحات ارتجالية للرئيس. مشيرا إلي التصريحات التليفزيونية للدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشؤون البرلمانية حول الحساب بأنه حساب مفتوح منذ شهر تقريبا، ولكنه خاوٍ ولم يودِع أحد فيه أموالا، متسائلا لماذا يتم إنشاء حساب خاص للتصالح في الوقت الذي يمكن فيه أن يودع المتصالحون تلك الأموال لدي الخزانة العامة مباشرة؟، مشددا علي غموض الفكرة بالنسبة إلي الرئيس نفسه، ملمحا إلي التناقض الذي احتوت عليه خطبته في أنه لن يتم التصالح مع مفسد وفي الوقت نفسه يدعو المفسدين للتطهر والتبرع.وقالت الدكتورة فائقة الرفاعي، النائبة السابقة لمحافظ البنك المركزي، إن حصيلة الحسابات التي تم فتحها لدعم الاقتصاد سابقا يُسأل فيها محافظ البنك المركزي حاليا. مؤكدة أنه لم تصدر أي أوامر رئاسية خلال النظام السابق لفتح حسابات من هذا النوع، باستثناء تلك التي كان يتم تخصيصها لتلقِّي المنح والودائع والمساعدات من الداخل، علي أن يتم إيداعها لدي البنك المركزي الذي يقوم بدوره بإقراضها للبنوك لإقراضها في الاستثمار أو تستثمرها بذاتها.الرفاعي شددت علي أن الحساب الذي أعلن عنه مرسي مؤخرا باسم نهضة مصر لا يعد أمرا رئاسيا، وإنما ترتيب لتعبئة الموارد المحلية من مدخرات المصريين لدعم الاقتصاد، مشيرة إلي ضرورة معرفة أوجه الإنفاق التي سيتم إنفاق حصيلة الحساب بها، وهو الأمر غير الواضح إلي الآن لعدم وجود برنامج النهضة المزعوم. قائلة عندما أفتح حسابا برقم لدي أي بنك لا بد أن يكون غرض الحساب واضحا ومحددا مسبقا، لذا لا بد أن نعرف ما مشروع النهضة أولا قبل التبرع أو الإيداع حتي نستطيع مراقبة ومتابعة هذه الأموال وتكون للصرف قواعد كذلك، بمعني هل سيقرض المركزي الحصيلة للبنوك والبنوك تستثمرها أم أنه سيتم وضعها كودائع للبنوك أم توضع في خزانة الدولة.وأضافت أن هناك تخوفات كثيرة من تخصيص هذا الحساب للفاسدين، أهمها أن لا يلقي الحساب قبولا للتبرع، لأن معني هذا أن من يتبرع سوف يبلغ عن نفسه، كما أن تخصيص حساب للفاسدين للتطهر سيحول دون تحقيق الشفافية، لأن المركزي وقتها لن يعلن عن أسماء المتبرعين باستثناء من سيتصالح قضائيا.من ناحيته يؤكد الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية أن تصريح الرئيس مرسي يحتاج لإعادة الصياغة موضحا أنه بهذا المعني يثير الكثير من الشكوك لأنه يعني الكثير من الشكوك لأنه يعني أن كثيرا من المهربين و المتهمين في قضايا الفساد يدفعون مبلغا لحساب النهضة ثم تسقط عنهم التهم، مضيفا أن مرسي خلط الدين بالسياسة و لايجوز ذلك في القضايا العامة وبالتالي يجب علي الرئيس مرسي أن يخرج بتصريحات جديدة توضح ماذا يريد أن يقول للشعب المصري حتي لا يشتت الرأي العام . من جانبه أكد الدكتور عبد الغني محمود رئيس قسم القانون الدولي بجامعة الأزهر أن الرئيس مرسي عندما تحدث عن حساب 333-333 بالبنك المركزي كان يقصد أنه عندما يتم الحصول علي الأموال المنهوبة من الفاسدين ليتم وضعها في هذا الحساب، مشيراً إلي أنه في حالة إذا طلب المتنازل عن هذه الأموال التصالح مع الحكومة وأراد تطهير أمواله تسقط عنه العقوبة الجنائية إذا لم يكن موظفا تنفيذيا في الدولة لا يجوز أن تسقط عنه العقوبة الجنائية ولكن يجوز لرئيس الجمهورية العفو عنه.يؤكد د.علي المليجي الخبير السياسي إن الرئيس مرسي لم يقدم من برنامج النهضة الذي وعد به في برنامجه الانتخابي شيئا أكد أنه لم يبين للشعب حتي الآن ما هو مشروع النهضة و كيف يتحقق، وكأنه مشروع وهمي.أضاف المليجي أن النهضة تأتي من سلامة النية وشرف الكلمة وطهارة اليد، لكن مشروع نهضة مرسي يحتاج للتبرعات وجمع الأموال من الشعب لتنفيذه، موضحا أن هذا لا ينبغي أن يكون من رئيس منتخب، مشيراً إلي أنه يريد أن يقيد حرية المواطنين ويقترض من هنا وهناك ليزيد من ديون المواطن المصري.يوضح د.ابراهيم زهران رئيس حزب التحرير المصري أن أي فرد يتبرع ولو بجنيه واحد في حساب النهضة الذي أعلن عنه مرسي معناه إدانته في قضايا فساد مؤكداً أنه يريد أن يحقق مشروعه من أموال منهوبة مشيراً إلي أنه يجب أن يأتي بهذه الأموال بالقانون ويعاقب المفسدين بدلا من إعفائهم من القانون، مضيفاً أن مشروع النهضة الذي تحدث عنه مرسي كثيراً ما هو إلا دعاية إنتخابية وقت الانتخابات