اعتاد سكان العاصمة لعبة القط والفأر بين أجهزة الدولة والباعة الجائلين في ميادين وشوارع وسط البلد. يواجه الباعة حملات الشرطة. المدفوعة من أجهزة الدولة. بالفرار إلي مداخل البيوت. أو إلي الشوارع الجانبية. ومن يسقط في يد الشرطة فإن "المعلم" الذي يعمل لحسابه يدفع له الغرامة. ويعود - بعد الإفراج عنه- إلي ممارسة اللعبة.. بلا نهاية! اللافت أن اللعبة لم تتغير . ولا شهدت نهاية من أي نوع. المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء نزل الشارع بنفسه لإنهاء المشكلة التي تزداد تفاقما. وتوصل إلي حل مؤقت بإخلاء نهر الطريق والاقتصاد علي الأرصفة. لكن المشكلة ظلت علي حالها. بل إنها زادت صعوبة عندما ثار أصحاب المحال لأن محالهم اختفت وراء بضائع الباعة الجائلين عليها. اتسعت بالتدريج حتي عادت ريمة لعادتها القديمة. وجهة نظر الباعة الجائلين أن المشكلة ليست في مجرد إشغال الطريق. لكنها لقمة العيش التي تدفعهم للنزول إلي الشارع ببضائع يحصلون عليها من تجار كبار. مقابل نسبة من ربح. إنها مصدر الرزق الوحيد لمئات من الباعة الجائلين. بعضهم يحمل مؤهلات عليا. لكن غياب الوظيفة يفرض عليهم العمل باعة للملابس المستوردة. أو نفايات أوروبا والصين. وتلك قضية خطيرة أشرنا إليها من قبل. قال أحد هؤلاء الباعة في برنامج تليفزيوني: إذا أصرت الحكومة علي منعنا من البيع في الشارع فإنها تحضنا علي الانحراف والجريمة! ظني أنه من المهم أن نتوقف طويلآً حول هذا المعني. يضطر البائع إلي ممارسة اللعبة الغريبة. بداية من الوقوف بالساعات بحثاً عن الرزق. وانتهاء بالفرار من مطاردة الشرطة. أو مصادرة ما يبيعه. ليعوضه المعلم من ثم في الغرامة. وفي البضاعة المصادرة وتظل الساقية تدور. عندما ينزل رئيس الوزراء إلي الشارع لحل مشكلة ما. فإن الحل يجب أن يكون جذرياً وحاسماً الحلول الوقتية قد تفيد في المشكلات الصغيرة. أو الطارئة أما المشكلات التي تتصل بحياة قطاع كبير من المواطنين. فإنها تتطلب دراسات جادة. واقتراحات يسهل تطبيقها. بحيث لا يكون الحل بأسلوب التوقيع وكما نشر فإن عدد الباعة الجائلين في ميادين وشوارع العاصمة. بلغوا - حتي الآن- ما يقرب من مائتي ألف بائع.. والعدد- إن لم نعالج المشكلة بصورة حاسمة -قابل للزيادة!