مشكلتي قد تبدو لك تافهة ولكنها تضايقني كثيراً.. فأنا الآن علي مشارف الثلاثين من عمري وخريجة إحدي الكليات العريقة ؤأعمل في مكانة تحسدني عليه الكثير وانتمي لأب عظيم وأم سامحها الله تركتنا ونحن صغاراً لتتزوج برجل آخر وإن كانت ترعانا عن بعد ولنا في زوجة أبينا العوض فهي طيبة وتعتبرني وشقيقتي بناتها.. ولها ابن صغير لا يتجاوز العشر سنوات أخينا من أبينا ويحبنا. المشكلة ليست في الأسرة المشكلة في أنا.. لقد تعرفت منذ ثورة يناير ونحن بالميدان علي شاب وأخته كنا نلتقي يوميا يجمعنا هدف واحد وهو إسقاط النظام الذي مص دماءنا وحرمنا من أحلامنا الصغيرة والمشروعة. ظللنا هكذا حتي صرح لي بحبه وبرغبته في الزواج بي بعد تحسن ظروفهم المالية قليلا فقد خرجت الأسرة توا من زيجة أختهم الكبري قدرت الظرف وسعدت بهذا الحب وأخبرت زوجة أبي التي اعتبرها صديقة لي وقالت المهم ألا تتجاوز العلاقة شكل الصداقة حتي يخطبك واحترمت هذا منها وأنها لم تخبر أبي فلم ألحظ عليه أي تغيير. تسألين أين المشكلة ما حدث بعد 30 يونيه .. أصبحت وحبيبي فريقين .. هو متعاطف مع ما يسمي الشرعية وأنا مع أخذ بالقوة والخداع لا يسترد إلا بالقوة.. أصبحنا نتشاجر كثيراً لايمر يوم إلا وأنا أبكي من مفرداته التي أصبحت قاسية.. الشاب الذي تقاسمنا معه اللقمة في الميدان الحبيب الذي انتظرته لمدة عامين ونصف يتهمني بالخيانة والدموية؟؟ ولأن أخته مازالت مثلي وفي فريقي تقول بأن ذلك كله غمة وتزول ومسيره يعقل .. من أسبوع تقدم لوالدي مهندس شاب يعمل في دبي وطلب مني والدي أن أفكر وأرد عليه بعد أن نبهني بقسوة لمرور السن من بين يدي. الحقيقة أنني كلمت شقيقة حبيبي التي أكدت لي مازال يحبني ومازال ينوي الزواج بي ولكنه غاضب الآن وعلي أن أنتظر قليلاً فالحب يستحق ذلك .. رفضت العريس وهذا جعل زوجة أبي تتحدث إلي وتقول عليه أن يأتي لإثبات حسن النية فقط وباقي الترتيبات تتم بعد ذلك.. وهكذا طلبته وحددت معه موعداً راح أكثره في محاولة اقناعي بأنه علي صواب ثم نظر لي نظرة غريبة وقال إذا كنت تخالفيني من الآن فماذا بعد الزواج.. دعيني أفكر.. شعرت بالإهانة جدا وعدت غاضبة وأخبرت أبي بأنني موافقة علي العريس إذا كان العرض مازال قائماً.. فرح أبي كثيرا وقال أنه لم يخبره برفضي بعد وشكرني لأنني عقلت وقرأت الفاتحة .. وعرفت من شقيقة حبيبي أنه منهار وأنه أتهمني بالخيانة وأنني كنت أتسلي وكان علي أن أتغير لو كنت أحبه .. أخته غاضبة مني وتطالبني بمقابلته لعلنا نعيد ما مضي.. وأنا حائرة هل أذهب إليه مع العلم أنه لم يتغير ولم يغير رأيه بل ينتظر أن أغير أنا رأيي.. أرجوك دليني ماذا أفعل لا أريد أن أكون خائنة ولا أريد أن أخدع خطيبي المهذب الراقي والذي لولا وجود حبيبي بقلبي لأحببته فوراً فهو يستحق.. شاعديني أنا حائرة. عزيزتي الحب لكي يعيش يحتاج لطرفين يرغبان في حياته .. وهناك طرف مستسلم لكل الظروف تحدثت عن نفسك وذكرت كل المعلومات التي احتاجها ولم تقولي عن حبيبك إلا القليل فلا نعرف إن كان يعمل أم لا.. ولا مستواه العآئلي هل مناسب لعائلتك أم لا.. ولكن علي كل الأحوال نتصور مادام قام بعرض فكرة الزواج وقمت أنت بعرضها علي زوجة أبيك والتي كانت ملاحظتها محترمة للغاية بأن تظل العلاقة صداقة فقط حتي يخطبك فهذا يؤكد هل أنها عرفت بعض التفاصيل والتي منها أنه مناسب لك. ولكن ما حدث بعد ذلك مؤشر آخر غير أن له ظروف تؤخر الارتباط أو لنقل ظروفه الأسرية والتي حلتها زوجة الأب الواعية بقولها يأت لإثبات حسن النية فقط المشكلة ليست تعاطفه مع الشرعية المزعومة أو الإخوان أو غيرهم.. الأزمة أن تكوينه العقلي يبحث عن تابع له .. بمعني أن عليك ترتيب نفسك لو تزوجك فلن يكون لك رأي وهذا واضح من سلوكه معك.. الاختلافات الإيدلوجية صحية بين الناس وعلينا أن نختلف في الرأي دون صدام فنخسر بعضنا فالثابت الوحيد في الحياة هو التغيير.. إذا لا يوجد حال يثبت ودوام الحال من المحال كما نقول.. فكيف نطالب بعضنا بالثبات علي شيء معين. فكري في الحياة بعد الزواج مع تلك العقلية التي تطالبك أنت بالتغيير ولا يطالب نفسه بالعيش في الواقع .. هذا الواقع الذي يقول أن عقارب الساعة لا تدور للخلف.. وأن ما يحلم به لن يكون وأن علينا تقبل المتاح الآن والتعامل معه فقد يثبت نجاحه .. هذا لا ينطبق علي الوضع السياسي الراهن فقط وإنما هو قانون حياة.. التشبث بالماضي جنون وتخلف وهذا ما يدعوك إليه.. أن تكوني نعامة تتوقف عن التفكير وتدفن رأسها في الرمال.. وهذا سيكون الشأن في كل القضايا بالإضافة لرفضه أن يكون لك رؤيتك التي قد تصيب وقد تخطيء ولكنها تعبر عنك. لا تذهبي فقد ذهبت سابقا لوضع النقاط فوق الحروف فقال لك أنت تخالفينني من الآن وهذا مؤشر لنوعية تفكيره ولو كان هناك متغير لعرض هو عليك أن يتقدم فوراً لإنقاذ حبكما من الضياع لكنه مازال يتحدث من وراء ستار أخته ولم يواجه الموقف وهذا مؤشر آخر يدلل لك عن جانب آخر في شخصيته. عزيزتي .. من الله عليك بعريس رائع ومن الممكن حبه كما قلت ونموذج للشاب الناجح.. توكلي علي الله ولا تندمي ربما كان الحب الذي جاء بعد الثورة واضحاً وصريحاً ومباشراً.. هذا هو رأيي ؤأعتقد إنك ستميلين لهذا الرأي.. وتحياتي للصديقة المحترمة زوجة والدك التي هي أم حقيقية.. ثقي فيما ترشدك إليه واحذري سنوات عمرك من الانفلات.