بسم الله الرحمن الرحيم.. أنا فتاة عمري 22 سنة، وكنت عايشة حياة هادئة، وكان هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة.. فأنا من أسرة متوسطة الحال. أبي رحمه الله، وأمي، وأخويّ متزوجان، وأختي الكبرى كانت متزوجة ولديها طفلان توأم عمرهما سنتان، وأنا الصغرى مُدللة من كل العائلة. ومنذ شهرين توفيت أختي رحمها الله وكانت صدمة جامدة أوي على أمي وعليّ، فهي كانت أختي وأمي وصاحبتي وكل شيء في الدنيا. المشكلة إني من حوالي أسبوع جوز أختي جاء يقابل أمي وإخوتي ويطلب منهم الزواج مني، وأنا مش مصدقة إزاي؛ ده كان حب عمر أختي وكان بيحبها أوي؛ إزاي يطلب الطلب ده، كمان ده أكبر مني ب13 سنة. المشكلة إن أمي وإخواتي موافقين إنه يتجوزني، وأمي بتقول لي علشان أربي أولاد أختي بدل ما أي واحدة تانية تربيهم، وهو كده كده هيتجوز، إنتي أحسن ولازم تضحي علشان الأولاد لسه صغيرين، وأنا مش موافقة إني أتجوزه ومش عارفة أعمل إيه، أوافق علشان الأولاد؟ ولا أرفض وأتجوز واحد من سني؟ أنا محتارة أوي ومش عارفة آخد قرار، أرجو الرد بسرعة أرجوكم .. وشكرا.
www.wmm
عزيزتي.. أولا أبلغك عزائي الشديد في وفاة أختك رحمها الله، فلقد أوجعت قلبي بقصتك التي أوجزتِها في بضع كلمات، حتى أن الدموع طفرت من عيني، فأنا أعلم جيدا أن وفاة أختك قد أبدلت حياتكم من قمة الهدوء والسكينة إلى قمة الشقاء وعدم الاستقرار، كما أعلم أنها قد مزّقت قلبك برحيلها، وأن مجرد تخيّلك أنكِ تحلين محلها مع زوجها شيء مؤلم بشدة، خصوصا إذا كان الحديث في هذا الموضوع والجرح ما زال ساخنا لم يبرد بعد.. ولكن عزيزتي هكذا هي الحياة فلا تتعجبي، أناس ترحل ويجيء غيرهم وتستمر الحياة، وأنا هنا لا أستطيع أن أجبرك أو أعطيك رأيا قاطعا بالزواج من زوج أختك الراحلة، لأن هذا متروك لك ولمشاعرك وأحاسيسك تجاه أختك وتجاه زوجها وأبنائها، ولكن كل ما أستطيع قوله هو أن أفتح لك بعض الأسباب التي ربما توصلك إلى حل يرضيك. أولا: لست أنت أول من توفيت أختها وتزوجت من زوجها بعدها حتى تربي أطفالها، فإن الكثيرات قبلك فعلن نفس الشيء، حتى يعيش الأطفال في كنف أبيهم وخالتهم، التي قد تكون هي الملاذ الوحيد والصدر الحنون لهم في هذه الحياة التي جعلتهم يفقدون أمهم وهم ما زالوا في سن صغيرة مثل سنهم، وخصوصا عزيزتي إذا كان زوج الأخت رجلا جيدا، وهذا واضح في حالتك، بما أن أهلك ارتضوه زوجا لأختك سابقا، وارتضوه زوجا لك بعد رحيلها لاحقا.. وأنبّهك أن ثلاثة عشرة عاما رغم أنها كثيرة بعض الشيء ولكنها ليست كبيرة إلى هذا الحد، فيوجد زيجات كثيرة تكون من أفضل الزيجات ويكون فيها سن الزوج أكبر من هذا، فليس هذا هو صلب المشكلة، لأنك ربما ترفضينه لهذا السبب، وفي النهاية يكون نصيبك أن تتزوجي رجلا أكبر منك بثلاثة عشرة عاما أو ربما أكثر، فهذا في علم الغيب، كما أن زوجا في الخامسة والثلاثين ليس بكبير، فإنها سن معقولة جدا بالنسبة إلى الرجل.. ولكن المشكلة هي: هل أنتِ تقبلين هذا الرجل، وتشعرين أنه رجل جيد، ولو كان جاء لك رجل في مثل ظروفه ربما كنت تزوجتِه؟ هذا يا عزيزتي يتوقف عليك أنتِ؛ إذا شعرت بهذا فلماذا لا تعطي نفسك فرصة تفكرين فيها، ربما يحوز هذا الرجل إعجابك، وتكونين قد تزوجتِ من رجل فاضل، كما تكونين حافظت على ابنيّ أختك الراحلة، بدلا من أن يتزوج زوج أختك واحدة أخرى، ربما تكون هي العذاب بعينه للطفلين. فكري في الطفلين يا عزيزتي ولكن دون ظلم نفسك، واتركي تماما فكرة فارق السن و.. و.. بل قفي أمام نفسك واسأليها: هل أتقبل هذا الرجل؟ وهل يمكنني أن أعيش معه حياة زوجية طبيعية وأحبه لو لم يكن زوج أختي؟ لو كانت الإجابة بنعم فتوكلي على الله، وعيشي حياتك مع زوجك ولا تجعلي الماضي مهما كانت غلاوته وروعته -التي ستظلين تحتفظين بهما في قلبك- يفسد عليكِ حياتك، فأنت فتاة وعروس يجب أن تحظى بكل شيء مثل أي فتاة، ويجب ألا تُظلم لمجرد أنها قررت التضحية وإكمال مشوار أختها.. في ذات الوقت ستصونين أبناء أختك وتحمينهم من مستقبل لا يعلم به سوى الله. أما لو شعرت أن زوج أختك الراحلة ليس هو النموذج الذي تتمنين الزواج منه، وأنكِ لا تتقبلينه، فلا تظلمي ذاتك، فأنت لست مسئولة عن القدر، وليس واجبا عليكِ أن تُظلمي، وعدم زواجك لا يعني أنكِ سيئة تخليتي عن أبناء أختك.. فيمكن دائما لوالدتك (جدتهم) أن تراعيهم في حالة زواج أبيهم من أخرى، ويمكنك أنتِ ذاتك أن تساهمي في تربيتهم دون الزواج من زوج أختك، هناك خيارات كثيرة يمكن اتباعها دون أن تظلمي ذاتك.. لذا فما عليك إلا أن تقولي لأهلك وزوج أختك بأن يعطوك فرصة بعض الوقت، حتى يهدأ الموضوع وتفكري جيدا، ولا تنسي أن تستخيري الله حتى يخيرك إلى ما فيه خيرك، وخير هذين الطفلين، وربما يكون هذا الرجل نعم الزوج، الذي كنت تتمنيه لنفسك، وفقك الله لما فيه خيرك وخير الطفلين إن شاء الله.