الاقتصاد المصري دخل مرحلة الحظر منذ فترة فحجم الدين المحلي تعدي 1.5 تريليون جنيه حتي مارس الماضي بما يجاوز 75% من إجمالي الناتج المحلي وفقا لما أعلنته وزارة المالية.. المؤكد أن خطط التنمية سوف تتأثر سلباً.. والرئيس القادم تنتظره أعباء ومشكلات اقتصادية ضخمة يري بعض أساتذة وخبراء الاقتصاد والتمويل أنه علي الدولة الإسراع بتقديم خطط اقتصادية ناجحة لمعالجة مشكلة الدين من الآن ومنها هيكلة الدين وإعادة النظر في منظومة الدعم وتشجيع وتحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة وقد يتم تنفيذ ذلك في فترة من 3 إلي 5 سنوات. يقول د. مصطفي بدرة أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة ان الدولة اصبحت مكبلة بالديون الداخلية والخارجية وان حجم الدين الخارجي وصل تقريبا إلي 46 مليار دولار حتي نهاية ديسمبر 2013 كما جاء في تقرير وزارة المالية عن الموازنة للعام المالي الحالي وأن الدين المحلي وصل إلي 1.5 تريليون جنيه بالاضافة إلي فوائدهما طبعا مما أدي إلي عجز كبير في الموازنة العامة مع عدم وجود فوائض مالية لتغطيتها او استثمارها لمواجهة هذا العجز وبالتالي تأثرت بشدة خطط التنمية بالدولة وارتفعت نسبة البطالة 13% وانخفض معدل النمو إلي 2.5% مع زيادة في معدلات التضخم الناتج عن ارتفاع الاسعار وتراجع قيمة الجنيه المصري بصورة لافتة خلال الفترة الماضية. أوضح بدرة أن اجمالي الدين المحلي تعدي 75% من اجمالي الناتج المحلي وهذا معناه الوصول لمرحلة القلق والخطورة لانه بذلك يتعدي نسبة الأمان وهي 60% وهذا كان له الاثر في تراجع التصنيف الائتماني للدولة مرات عديدة ومتتالية مما اوجد صعوبة لها في ان تقترض من الخارج فاتجهت للاسف إلي أذون الخزانة والتي ارتفعت فوائدها إلي 17% في بعض الاحيان فشجعت البنوك ان تتجه للاستثمار في اذون الخزانة مما اثر علي تشغيل اموالها في مجال الصناعة والزراعة للاستفادة من ارتفاع فائدتها. اشار إلي أن ارتفاع الدين المحلي ظهر بصورة أوضح في زيادة ايرادات الضرائب الناتجة عن فرض ضرائب علي فئات معينة دون غيرها والذي أدي إلي زيادة التهرب الضريبي والتوسع في الاقتصاد الخفي مقابل تضاؤل الاعباء المفروضة عليه. أضاف علي الدولة أن تعيد وتصحح مسارها للسيطرة علي خطورة هذا الدين بان يكون لديها ارادة سياسية وقانونية للتصالح مع رجال الأعمال بطريقة تحفظ لمصر ثرواتها بدلا من زيادة العبء ولجوء البعض للتحكيم الدولي موضحا ان فترة علاج اثار مخاطر الدين ربما قد تصل من 3 إلي 5 سنوات لذلك لابد ان تبدأ الدولة من الآن في تخفيض نسبته عن طريق اعادة التوزيع الجغرافي للموارد بين المحافظات وان تبدأ بالاكثر فقرا لتحقيق العدالة الاجتماعية مشددا علي اهمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وربطها بالمشروعات الكبري ووضعها في منظومة تحميها وتربطها بالمشروعات الكبري. يقول د. علي لطفي رئيس مجلس الوزراء الأسبق أن ارتفاع الدين العام سيؤثر علي كل المتغيرات الاقتصادية وأن هذا الدين ليس مجانا بل عليه فوائد وكلما زادت فوائده زاد الاستقطاع من الموازنة لسداده حيث بلغت قيمته ربع ايراد الموازنة تقريبا ويري ان الأثر الأكبر للدين المحلي يظهر في عجز الموازنة مما يأيد من ضرورة ان تبحث الحكومة عن طرق أخري لتغطية الدين ليس باللجوء لأذون الخزانة ان هذا معناه قروض جديدة وفوائد أكثر مما ستتأثر بالطبع موازنة العام الذي يليه وهكذا لن نخرج من هذه الدائرة إلا ببعض الحلول والتي علي رأسها علاج عجز الموازنة بترشيد النفقات الحكومية وخاصة الدعم الذي بلغت تكلفته 200 مليار جنيه. أضاف لطفي ان هناك طريقا آخر وهو تعظيم الايرادات ليس بفرض ضرائب جديدة ولكن بمكافحة التهرب الضريبي وبطرق متعددة منها تخفيض المدخرات الضريبية وتطبيق قانون الضريبة العقارية والذي سيجلب للدولة 4 مليارات جنيه في حال تنفيذه مؤكدا انه علي الدولة ايضا ان تجد طرقا لترشيد الاستهلاك حتي نصل إلي علاج لتخفيض عجز الموازنة ليتناقص حجم الدين تدريجيا. قال د. أحمد حسن خبير اقتصادي بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية إن الدين الداخلي هو في الحقيقة دين علي الحكومة ولابد من سداده عاجلاً أم آجلاً مما يوضح مدي العبء الكبير علي الحكومات القادمة ورئيس الدولة القادم خاصة مع ارتفاع الدين مع عدم القدرة علي السداد فيساعد علي تخفيض التصنيف الائتماني للبلد فيؤدي إلي هروب الاستثمار الاجنبي ويري انه يمكن السيطرة علي الدين الداخلي أو تحجيمه بطرق عديدة مثلما فعلت الاردن بضبط النفقات التشغيلية وخاصة البنود الخاصة بالمحروقات والكهرباء ومصاريف السفر للمسئولين. اوضح انه علي مصر أن تتجه لإعادة هيكلة الدين وأن تحصل الهيئات الاقتصادية المديونة علي فترة سماح مع تجنب طبع بنكنوت جديد لتجنب زيادة التضخم موضحا ان الدين الخارجي ممكن التعامل معه بأن تسقطه الدول المدينة ولكن الداخلي يوجد صعوبة لكبر حجمه. اضاف ان الحكومة الحالية لابد أن تركز علي زيادة معدل النمو ووضع برامج تنموية لأن الاهتمام بالتنمية يؤدي إلي الرفاهية للافراد فيحدث زيادة تلقائية في النمو مشددا علي أهمية السيطرة أولا علي المظاهرات الفئوية والاسراع باستعادة الأمن وتشغيل المصانع المتوقفة بكامل طاقاتها لتنفيذ الخطوة الأولي في تحقيق التنمية وان تأتي الخطوة الثانية وهي التوافق بين الشعب والرئيس القادم وخلق اليات جديدة لضم الاقتصاد غير الرسمي إلي الاقتصاد الرسمي وعمل مشروعات قومية كبري يلتف حولها الشعب. أشار د. محمد عبدالمطلب أستاذ الاقتصاد باكاديمية السادات للعلوم وعميد المعهد العالي للتسويق ونظم المعلومات إلي ان مشكلة الدين المحلية اصبحت عائقا امام التنمية الحقيقية لأنه حول الجانب الأكبر من ميزانية الدولة إلي سداد تلك الديون والفوائد مما خلق قيدا علي النمو لذا علي الحكومة العلاج مبكرا لانه كلما تأخرت الحلول زادت المشكلة عمقا لتأثر كل قطاعات التنمية سلبا لزيادة نسبة العجز لعدم وجود موارد كافية للانفاق علي الصحة والتعليم وغيرها من المجالات في ظل ارتفاع معدلات البطالة ونسب الفقر لذا فالحل الجذري هو جدولة ذلك الدين لتقليل العبء علي الموازنة بتخفيف النفقات التحويلية بالموازنة والتي تتمثل في فوائد القروض ومستحقات البنوك والدعم مقابل زيادة النفقات الحقيقية والتي تتمثل في التعليم والصحة والتشغيل والتي تعمل علي زيادة الانتاج وتقوية الاقتصاد. أكد ان تخفيض النفقات التحويلية مقابل النفقات الحقيقية يتم عن طريق تحويل الدعم العيني إلي دعم مادي مع تفعيل مشاركة القطاع الخاص مع الحكومي في بناء المشروعات الكبري والبنية الاساسية لتعظيم الايرادات وترشيد النفقات. أضاف انه حتي الآن للأسف لم تقف وزارة من الوزارات علي علاج الدين المحلي او حتي تعمل علي ان تصل به للحد الآمن لعدم تقديم خطط قوية لدعم الاقتصاد متوقعا الوصول للاستقرار بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. أوضح محمد أبوباشا محلل اقتصادي بالمجموعة المالية هيرمس أن وصول حجم الدين إلي النسبة الحالية قدرة الحكومة علي الاستثمار في كافة المجالات وعلي رأسها الصحة والتعليم نظرا لارتفاع فوائده وبالتالي اثر سلبا علي الاستثمارات وتوقف القائم منها وتسبب في عدم جذب استثمارات جديدة.