لا يجوز الحديث باسم الشعب إلا لمن انتخبه الشعب ولحدود.. ولا اتخاذ قرارات مصيرية في غياب صاحب السيادة لاسيما لو يترتب عليها توريط الدولة في مشروعات نجاحها محل شك. في أسيوط مثال صارخ لهذه الاشكالية حيث يتبني محافظها اللواء إبراهيم حماد انشاء مدينة سكنية علي مساحة 900 فدان محصورة بين مصنع الأسمنت ومعمل تكرير البترول .. مشكوك في سلامتها البيئية .. وأسرع المحافظ الذي نثق في اخلاصه باتخاذ اجراءات تنفيذية لم يحظ بها مشروع عملاق في الجوار.. لا يتطلب سوي شق محور مروري أو طريق ينقل الحياة أعلي الهضبة الغربية التي تحاصر عاصمة الصعيد.. طريق يحول الهضبة إلي مصدر للرخاء بدلاً من الحصار .. ويجعل من سطحها الممتد لمئات الألوف من الأفدنة ساحة للتنمية والرفاهية لشعب تخنقه الأزمات فلا يجد منها مفراً سوي الهجرة بها للقاهرة. مشروع محور الهضبة يمثل مطلبا شعبيا خرج من رحم المجالس المحلية ومر بالمراكز البحثية بجامعة أسيوط واستوفي دراساته منذ سنوات حتي صدر بتنفيذه قرار جمهوري.. تكلفة الطريق 300 مليون جنيه.. يمتد بطول 17 كيلو مترا فقط ليربط كل طرق الصعيد ببعضها بينما تقام علي جانبيه مجتمعات عمرانية تستوعب الزيادة السكانية والهجرة المرتدة المتوقعة لعقود قادمة وتحمي ما تبقي من أراض زراعية. قال اللواء نبيل العزبي محافظ أسيوط الأسبق أنه كان يعد لتنفيذه من ايرادات صندوق الخدمة. لكن بعد خراب الصندوق في اطفاء لهيب الاحتجاجات الفئوية كان خلفه "السيد البرعي" يبحث عن 50 مليون جنيه ليبدأ بها تنفيذ المرحلة الأولي من الطريق.. ثم جاءت حكومة الإخوان فجمدت المشروع.. واستمر التجميد لعجز التمويل.. المدهش أن الأموال تتوافر لمشروعات أخري أقل أهمية وقدرة علي تحقيق عوائد سريعة تقدر ب 10 مليارات جنيه. لا لوم علي محافظ أسيوط أن يجتهد ليترك بصمة .. لكن المطلوب تحديد الأهداف وترتيب الأولويات .. والتواضع عند اتخاذ قرارات مصيرية بالرجوع للشعب أو ممثليه وليس في غيابه.