المتابع للحملة الانتخابية للمشير عبد الفتاح السيسي.. يلاحظ أن الرجل لم يقدم وعوداً خيالية.. ولم يلعب علي أوتار المشاعر.. وإنما حديثه ينصب حول الواقع بموضوعية وعقلانية ويراهن علي أن تغيير هذا الواقع لن يتحقق إلا بأيدي أبناء الشعب.. وبتكاتفهم وتلاحمهم .. ونشر ثقافة العمل. ولعل أهم ما لفت نظري في رؤيته للخروج مما نحن فيه وما نعانيه من مشكلات اقتصادية وصحية وتعليمية وغيرها.. جملة قالها واحتلت عناوين الصحف: "إن التحديات التي تواجهها مصر تتطلب العمل من الجميع .. مش هنام وانتو كمان مش هاتناموا". هذا الكلام الواقعي والموضوعي.. والبعيد عن توزيع الوعود الوردية وترديد الشعارات البراقة.. يؤكد جدية هذا المرشح .. ووضوح رؤيته .. ونهجه "العملي" في علاج المشاكل والقضايا التي تؤرقنا جميعا. *** علينا .. أن نسلم بأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة .. وأننا لن نحصد إلا ما نزرعه .. وأن أحداً لن يساعدنا مالم نساعد أنفسنا فكيف نستسلم للنوم ثم ننتظر أن تتغير أحوالنا إلي الأفضل؟! وإذا كان المشير السيسي قد طالب القطاع الخاص بتخفيض هامش الربح من أجل دعم الفقراء ومحدودي الدخل.. فإنه يبغي بذلك حماية الجميع.. أي حماية الأغنياء والفقراء معاً.. وهو رهان علي الشعب أيضا. وربما يتساءل البعض : إذا كان تخفيض الأسعار يمثل دعما وحماية للفقراء.. فكيف يكون حماية للأغنياء أصحاب شركات القطاع الخاص؟! الإجابة بسيطة .. وهي حماية الأغنياء وأصحاب القطاع الخاص من "فيروس الجشع" الذي قد يصاب به البعض .. وهو فيروس خطير لا يفارق من يصاب به وينعكس سلبا عليه وعلي عمله وأرباحه .. بل ينعكس سلبا علي المجتمع بأكمله .. فهذا الجشع يتسبب في إثراء غير مشروع لقلة محدودة في المجتمع وإفقار جائر للغالبية العظمي. الأمر الذي يفجر الصراعات. ويهدد الأغنياء قبل الفقراء .. ولا يمكن لغني أن يعيش مطمئنا وسط مجتمع من المعدمين! "طماع" إذن .. تخفيض الأسعار بحيث يكون هامش الربح معقولاً وبعيداً عن سعار التكالب علي جمع الثروة يحمي المجتمع بأكمله من المخاطر والتقلبات .. ولعل ما شهدناه منذ ثورة 25 يناير وحتي الآن لهو أكبرالأدلة علي أن طمع قلة محدودة في المجتمع وسعارها واستحواذها علي كل شيء .. واحتكارها السوق . كان من أقوي العوامل التي قلبت الأمور رأسا علي عقب وألحقت الضرر بالأغنياء قبل الفقراء.. وأوشكت علي تدمير المجتمع بأكمله!. كذلك حري بأصحاب الشركات والمصانع من رجال الأعمال ألا يبخلوا بالأجر المناسب لمن يعملون معهم.. وأن يحرصوا علي التأمين الاجتماعي والصحي عليهم. وحتي يشعر العامل بالاطمئنان ويبذل أقصي طاقته في العمل والإنتاج الذي هو أساس أي تقدم .. وحتي لا تتسلل مشاعر الحقد والحسد إلي نفوس الفقراء وحتي لايشعروا بأن الأغنياء يمتصون دماءهم ويسرقون جهدهم ويحققون الثروات الطائلة ولا يتركون لهم غير الفتات فينقلبون عليهم وقد يضربون عن العمل فتتعطل مصالحهم ويدفع الجميع الثمن! في المقابل .. علي العامل أن يدرك الظروف التي تمر بها البلاد وأن يستوعب معطيات العصر الذي نعيشه .. عصر التكنولوجيا والميكنة عصر حرية الحركة بالنسبة للأفراد ورأس المال والسلع فماذا لو بالغ العمال في مطالبهم وحاولوا إجبار صاحب العمل بشيء يفوق طاقته ويفوق قدراته..؟! هناك عدة احتمالات للنتائج التي قد تترتب علي ذلك .. ومنها: ربما يقدم صاحب العمل علي إغلاق المنشأة تماما وينقل نشاطه إلي دولة أخري تكون فيها تكلفة العمل أقل. * ربما يغلق المستثمر منشأته .. ويلجأ إلي استيراد السلع التي يحتاجها السوق من الخارج ويريح نفسه من عناء المشاغبات العمالية والاضرابات والاحتجاجات وغيرها! * ربما يقدم علي الاتيان بعمالة أجنبية رخيصة من دول شرق آسيا أو من الدول الأفريقية الأكثر فقراً .. ويستغني عن العمالة المحلية. * ربما يلجأ إلي التوسع في الميكنة والاستغناء عن العمالة .. خصوصا في ظل التقدم الرهيب في تصنيع الآلات التي يمكنها أداء ما يقوم به البشر! من الخاسر إذن في النهاية..؟! سوف أترك الإجابة لفطنة القاريء لكن ما يهمني هو أن ندرك جميعا.. أين تكون المصلحة اتلوطنية.. أين تكون سلامة المجتمع .. وكيف ننهض من كبوتنا. *** * لقد طرح المشير السيسي رؤاه الواقعية كمرشح رئاسي في مختلف المجالات ..التعليم .. الصحة .. الاقتصاد بكل عناصره من قوة العمل ورأس المال وأدوات الإنتاج .. وغير ذلك .. وتحدث في هذه الموضوعات حديث الخبير في كل تخصص.. وتناول دور المدرس وأهميته في الارتقاء بالتعليم مؤكداً أن المدرس هو المفصل الأساسي في العملية التعليمية . وعلي المجتمع والدولة أن يقدموا له الدعم الكامل "رهان علي الشعب". إن قوة مصر الحقيقية.. وثروتها النفيسة.. تتمثل في العنصر البشري.. وهذا العنصر هو الذي يصنع التقدم ويحقق التنمية .. وهو الوسيلة والغاية.. هو الوسيلة لتغيير الواقع .. وهو الهدف الذي سيستفيد من هذا التغيير لذا فإن التركيز علي الارتقاء بالإنسان وتنمية قدراته ومهاراته هو أساس أي تنمية ومحور كل تقدم ومن هنا جاء تركيز المشير السيسي علي ضرورة علاج منظومة التعليم في مصر وأن هذا العلاج يبدأ بتطوير المدارس والتأكيد علي حاجتنا إلي 20 ألف مدرسة جديدة بتكلفة 500 مليار جنيه. التحديات صعبة .. والآمال كبيرة .. لكن لاشيء مستحيلاً متي توفرت الإدارة القوية والعزيمة الصادقة .. والأمانة مع النفس في مواجهة التحديات .. ولا تساورني ذرة شك في قدرة الإنسان المصري علي تحقيق المعجزات . عندما يجد القيادة الملهمة التي تحوز علي ثقته وتفجر الطاقات الهائلة الكامنة في أعماقه نحو البناء والأمل وصنع المستقبل. ** أفكار مضغوطة لطف الكلمات يخلق الثقة.. ولطف التفكير يزيل الصعوبات "قول صيني مأثور".