يعاني مجتمعنا الكثير من الظواهر العشوائية التي تنامت واستفحلت بصورة مخيفة تهدد الاستقرار والأمن مما يستلزم ضرورة وجود سياسات ومعالجات مختلفة بعيداً عن الملاحقات الأمنية بهدف الحد من التداعيات والأخطار التي تترتب عليها. ظاهرة الباعة الجائلين إحدي صور العشوائيات الخطيرة التي تتحدي القرارات الحكومية وتضرب بعرض الحائط كل محاولات الاخلاء وتعود لتقتحم الميادين والشوارع بمخالفات لا تنتهي مما يؤثر علي معظم أنشطة الحياة. تتزامن كل هذه السلبيات في نفس الوقت الذي بدأت فيه الحكومة معركة تطوير الأسواق العشوائية مما يدفعنا للتساؤل هل يمكن أن تكون البداية السليمة للقضاء علي هذه الظاهرة ومواجهتها مواجهة حقيقية بادماج هؤلاء الباعة في اطار منظومة التطوير بحيث يمكن للأسواق الجديدة أن تستوعب أكبر عدد منهم بدلاً من انتشارهم علي الأرصفة وفي الشوارع. د.شريف الجوهري.. مدير الدعم الفني برئاسة مجلس الوزراء وصندوق تطوير العشوائيات أشار إلي أن خطة تطوير الأسواق العشوائية بدأت منذ عام 2011 بعد أن تمت عمليات الحصر علي مستوي جميع المحافظات وبلغت عدد الأسواق 1099 تحتوي علي 305 آلاف و236 وحدة بيع وتتصدر القاهرة قائمة العشوائيات بعدد 134 سوقاً يليها الجيزة والإسكندرية 83 سوقاً ثم سوهاج 71 أما أقل المحافظات فهي جنوبسيناء 7 أسواق والوادي الجديد 2 فقط. أضاف أن العمل بدأ في بعض المحافظات في اطار خطط تنفيذية لمشروعات ارشادية وهي القاهرة. بورسعيد. الإسماعيلية إلي جانب خطة عاجلة نقوم بتنفيذها بالتعاون مع القوات المسلحة لتطوير 5 أسواق في القاهرة في حي السلام ومنشية ناصر وعزبة أبو حشيش والحي الثامن بمدينة نصر ومن المتوقع أن تنتهي هذه المشروعات في نهاية العام الحالي. أوضح أن الفترة الزمنية المحددة للانتهاء من عمليات التطوير من 7 10 سنوات مؤكداً علي أهمية الاستقرار لأن الأحداث التي مرت خلال ال 3 سنوات الماضية أثرت علي حركة العمل وأحزنتنا الي حد كبير. قال إن ادماج الباعة الجائلين وتخصيص أماكن بديلة في اطار منظومة تطوير الأسواق العشوائية ليس صعباً خاصة وأن هناك أسواقاً قريبة من نفس أماكن انتشارهم وتواجدهم لكن لن تكفي الأسواق لاستيعاب كل الأعداد الهائلة ولذلك لابد من وضع حلول أخري بالتنسيق مع المحافظة والفرق التجارية وتخصيص مساحات مختلفة طبقاً لجمع ونوعية البضائع التي يعملون فيها والأهم ألا تكون أماكن بعيدة عن مسار حركة البيع والشراء. أكد أن تجارب الدول في ادماج الباعة الجائلين في النشاط الرسمي سريعاً غير ناجحة ولابد من العمل في البداية علي تحسين قدرتهم وامكانياتهم وتقديم بعض المساعدات والتسهيلات التي تمكنهم من العمل مثل تفتين أوضاعهم دون رسووم نظراً لأن حجم تجارتهم لن يسمح لهم بدفع أية مبالغ للدولة. أضاف أن الجميع لابد أن يتكاتف من أجل تطبيق سياسات لتنمية الاقتصاد من خلال تنمية التجارة الداخلية وخلق فرص عمل لهذا القطاع الكبير غير الرسمي. * محمد المصري.. رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية السابق: أكد علي أهمية انشاء أسواق حضارية إلي جانب منظومة تطوير العشوائيات حتي يتم استيعاب كل الباعة الجائلين الذين تزايدوا بصورة كبيرة بعد الثورة نظراً لزيادة البطالة مشيراً إلي أن ترك هذه الفئات بدون أي خطط للاصلاح والتغيير سوف يساهم في تفاقم الكثير من المشكلات وأخطرها تحولهم إلي ممارسة البلطجة وارتكاب الجرائم. قال إن الخطر ليس فقط في تواجد الباعة في الشوارع واشغال الطرق بصورة سيئة ولكن في انتشار سلع مجهولة المصدر مما يشكل خطورة علي صحة المستهلك الذي يقبل علي الشراء نتيجة لانخفاض أسعارهم. دراسة متكاملة * علي شكري.. النائب الأول لرئيس غرفة القاهرة التجارية: قال إن تزايد الأسواق العشوائية وانتشار الباعة الجائلين فقد وصل عددهم إلي حوالي 150 ألف بائع في القاهرة من الظواهر المؤرقة لمسئولي الغرف التجارية وقد أعد دراسة متكاملة قدمها لمحافظ القاهرة في اطار التعاون وتكثيف الجهود للحد من الظواهر الخطيرة وتساهم في نفس الوقت بعدة مقترحات عملية وقابلة للتنفيذ. أضاف أن الغرفة لديها امكانيات تمويل مشروعات بناء أسواق جديدة إلي جانب انهاء كل الاجراءات الخاصة بالتراخيص والسجل التجاري بشرط أن تخصص المحافظة الأراضي اللازمة. أوضح أن القضية الحقيقية تكمن في غياب الإرادة الحقيقية لمعالجة هذه المشكلة علي الرغم من كونها مصدراً للازعاج والقلق بصفة خاصة لأصحاب المحلات الكبري التي يحاصرها الباعة الجائلين من كل جانب مما يساهم في هروب المستهلكين من التوجه إليها للشراء. أشار إلي أن اتباع اسلوب عمل محاضر بواسطة شرطة المرافق ومصادرة البضاعة ليس مجدياً لأن البائع يدفع الغرامة ويحصل علي البضاعة مرة أخري ولابد من تغليظ العقوبات لتحقيق الردع المطلوب. التراخي * منير راغب أبادير.. رئيس شعبة الأخشاب بالغرفة التجارية: قال إن التراخي المستمر مع الباعة الجائلين ساهم في وجود دخلاء علي المهنة من البلطجية لأن هذه الظاهرة ليست جديدة لكنها تزايدت بعد الثورة متحدية كل القوانين. أضاف لابد من ضرورة ضم هؤلاء الباعة ضمن خطة تطوير الأسواق العشوائية خاصة في الأمكان المكدسة بأعداد كبيرة مثل ميدان رمسيس ومنطقة وسط البلد مع وضع نقطة شرطة متخصصة لمنع دخولهم مرة أخري حفاظاً علي أمن الشارع وسيولة المرور. الحصار * عمرو خضر.. الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية: أوضح أن هناك شكاوي متعددة تصلهم من أصحاب المحلات الكبري متضررين من حصار الباعة واحتلالهم للأرصفة ببضائع عشوائية ورديئة ناهيك عن اندلاع الشجار فيما بينهم في بعض الأحوال. طالب الحكومة بالعمل علي ايجاد حلا لتفادي المشكلات التي تزداد يوماً بعد يوم نتيجة لحالة الفوضي التي تعيشها الأسواق خاصة وأنه منذ عام 2011 قام أعضاء الغرف التجارية بالاتصال بالمحافظين لطلب أراضي يتم تجهيزها بشكل لائق بحيث تستوعب الجميع ولكن كل الوعود ذهبت أدراج الريح ولا أعرف من المستفيد من ترك الأوضاع تمضي علي هذا النحو السيء.