هل رغبتي في أن أحب أو أن أكون محبوباً مطلب غير عادل أو مستحيل؟! اعذريني سيدتي لو بدأت رسالتي إليك بسذاجة في السؤال لكنها الحقيقة المؤلمة. عمري الآن 30 عاما من أسرة متوسطة في ريف مصر حصلت علي مؤهل متوسط ليس خيبة مني أو تقصير إنما لحاجة الأسرة للعمل والقرش.. فأنا الأكبر بين أخوتي وكان علي التضحية لأجلهم وليس بكثير عليهم غير هذا أنا أشعر تجاههم بالمسئولية والتي تتلائم وطبيعتي الشخصية. عن أهم صفاتي أقول لك أنني متدين معتدل محباً للخير علي إطلاقه.. أديت واجباتي تجاه الأسرة حتي تزوجت شقيقتي الوحيدة ولم أقصر في أي شيء منذ تعليمها حتي زواجها.. نسيت وسط المطالب أنني إنسان له قلب يخفق مع العلم أنني رومانسي جداً وأحب حالة الحب ذاتها بكل معانيها من لهفة وألم ودقات زائدة في القلب وأجمل لحظات حياتي تلك التي تمتليء بالمشاعر والحب.. أنه عالم سحري اختبأت فيه من قسوة الحياة ولطبيعتي هذه والتي أشعر بها بعض المغالاة خاصة أن الرجال من المفروض أن يكونوا عقلاء أكثر منهم عاطفين .. فكرت كثيراً في الذهاب لطبيب نفسي فقد فشلت في قصة حب مرتين وطبعا لم يكن السبب الطرفان المحبان وإنما الظروف المالية التي تواجهنا ولأنني من الريف كان من الصعب أن تنتظرني محبوبتي حتي أكون نفسي وهكذا أصبح الفشل يجر الفشل حتي أصابني اليأس مثل كثير من الشباب ووصلت مع اليأس أخجل من قوله ولكنه حدث فعلاً فقد قمت بمحاولة انتحار لكن مازال في العمر بقية .. أنقذني الله وشفيت تماماً بعدها أصرت أسرتي أن تخطب لي وفعلاً أشرت عليهم بفتاة كنت قد عرفتها منذ فترة وجيزة ربطني بها لاعجاب فقط .. تمت الخطبة ثم عقد القران وأصبحت في حكم زوجتي منذ عامين وطبعاً تأجل الزفاف لحين الانتهاء من الجهاز. ولأنني مازلت أدعم أسرتي أصبحت أشعر بثقل حالي وأنا أعد لمنزل الزوجية .. هذا جعلني أشعر مع الوقت الطويل الذي مر لأنه لا يوجد تفاهم بيني وبين خطيبتي فأنا لا أستطيع أن أطبعها بطبعي.. كتمت شعوري بداخلي فأسرتي لديها من الهموم ما يكفيها عن إضافة هم جديد فوق عاتقها. مرت الأيام ثقيلة وفجأة قابلتها .. إنسانة تماثلني في الطباع والميول والتفكير .. شدت انتباهي إليها وهنا بدأت مأساتي الحقيقية لقد احببتها بشدة ولا أتصور حياتي بدونها.. والمشكلة الآن أنني أريد ترك خطيبتي.. فهل أحطم قلبها الذي أحبني جداً؟ أم أصارحها في بداية الطريق؟ هل أنسي نفسي واستمر في سلسلة التضحيات التي بدأتها؟ أنني خائف من هذه الحيرة ومن فقد حبيبتي التي عرفتها.. أنا في أشد الحاجة إليك أرجوك أنقذيني بأسرع وقت قبل أن اتخذ قراراً أندم عليه بقية عمري فهل تمدين يديك لإنقاذي؟! بدون توقيع الحب لولاه لضعنا تحت وطأة الكروب و الحزن والآلام وكل أزمات حياتنا .. هو زورق في النهر يرفعنا فوق الأمواج وينساب بنا حتي نصل للبر.. أو هو يا صديقي كما قال الشاعر إبراهيم ناجي: هوي كالسحر حيرني.. أري بقريحة الشهب وطهرني وبصرني.. ومزق ملحق الحجب! سموت كأنما أمضي.. إلي رب يناديني فلا قلبي من الأرض.. ولا جسدي من الطين! هذا عن سؤالك الأول: هل هناك حب؟! أما عن أين توجد السعادة؟! فالإجابة أقرب من رشفة ماء.. وأبعد من نجم السماء.. إنها مسألة نسبية .. قد تكون السعادة هو ما قدمته لأختك وأسرتك من عطاء بذلته راضيا مترفها فوق الأنانية وحب الذات.. هذا العطاء الذي بذلته راضيا سعيدا محباً للخير الذي ملأ نفسك فطرها وجعلها تسمو فوق خصال الأنانية التي أصبحت قاعدة في نفوس الناس في ظل انهيار مجتمعي كبير يحدث الآن ومنذ عقود. أنت يا عزيزي إنسان ومن حقك أن تحب وتسعد بمن تحب ولكن هناك خطأ صغيراص لا نلومك عليه .. وهو اعتقادك بأنك في احتياج لطبيب يعالجك من الحب والإنسانية في قلبك وضعفك كما تعتقد تجاه الخير. العقل من صفات الرجال كما تقول وأنا أصحح لك العقل من صفات الإنسان رجلاً كان أو امرأة ووقوفك بجوار أسرتك قمة التعقل منك.. وأضيف لك أيضا أن الحب من صفات الرجال أيضا وأنت تحب كرجل ولكن بدون تجارب.. حياتك الجادة ومسئولياتك دفعتك للإغراق في هذا الشعور فكنت تندفع من حبيب إلي حبيب ترنو للحنان.. تبحث عن حياة مغايرة تحتبيء فيها من وحدتك برغم وجود كل الناس من حولك وبعد أزمة انتحارك تنبه أهلك لضرورة أنك بحاجة لأن تعيش لنفسك ليس للآخرين فقط .. فاخترت أنت عروسك ولم تجبر عليها ولكن يبدو أن مشاكل الاعداد لعش الزوجية وضيق ذات اليد أبعدت المشاعر الرومانسية عنك وهذ هو وقود حياتك "الحب والرومانسية" كما ذكرت أنت مما دفعك للنفور من عروسك وبحثت عن مبررات الهروب أنها لا تماثلك.. لا تستطيع تطبيعها.. وهل ضروري أن يكون كل زوجين نسخة من بعضهما.. أو لهما طبيعة واحدة؟! الناس يا صديقي تبحث عن التكامل لا التطابق .. لابد أن يكمل الزوجان .. بعضهما كقطب سالب وموجب.. يجوز لو تشابهتما تنافرتما.. أنت تهرب من زوجتك وهذا هو اسم العلاقة بينكما وليس كما تقول في حكم زوجتي.. هي قرينتك منذ عقد القران وأشهر بين الناس.. الزواج شهود وإشهار وفي ريفنا قراءة الفاتحة عقد. أنت تهرب ولكن ليس منها فقد جمعكما الاعجاب وبعد عقد القران احبتك هي وهربت أنت من المسئولية فبحثت عن حب آخر بلا مسئولية .. أردت أن تعيش وخز الحب وقلقه من جديد غير عابيء بمن وهبتك قلبها وعاشت لمدة عامين علي أمل أنكما ستزفان قريبا. يا صديقي أنت لا تحب الفتاة التي تشبهك .. أنت فقط تبحث عن وميض السحر الذي يشعه الحب ولحظات التوتر التي قد لا تشعر بها مع خطيبتك أو زوجتك لأنها أصبحت ملكا لك.. وعبئا يضاف إلي ما لديك.. لذا فررت بعيداً. راجع نفسك وضع أمامك حقيقة واحدة جلية أن فتاتك الحقيقية هي التي تحملتك سنتين وهي زوجتك وتحبك كل هذا الحب مضحية وليس أنت.. وما عليك إلا أن تفصلها عن أعبائك وستحبها ولا يليق بك أن تغدر بها هذا ومن يدريك أن حبك الجديد سينجح. هو ليس حب ولكنه هروب من مسئولياتك تجاه زوجتك تخل عن هذا الوهم وأسرع في إتمام زواجك بأي شكل وقتها ستجد وميضاً أحلي وأجمل مما تبحث عنه ستجده في دفء العائلة والأسرة فهذا هو الحب الحقيقي.