كانت فتنة إمبابة جريمة كبري تفرعت عنها جرائم أخري منها ما عُرف ب "الاستقواء بالخارج".. حيث ذهب حوالي 200 شخص من المسيحيين في مظاهرة محدودة للاعتصام أمام السفارة الأمريكية طلباً للحماية والتدخل الأمريكي في مصر. وبالتوازي مع هذه المظاهرة أصدر المحامي موريس صادق رئيس الجمعية الوطنية القبطية بأمريكا بياناً دعا فيه المجتمع الدولي للتدخل واحتلال مصر لإنقاذ الأقباط من الظلم والاضطهاد علي حد زعمه ومنحهم حكماً ذاتياً.. ووقف المعونات الدولية لحماية الأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم وبناتهم.. وإعلان اللغة القبطية لغة رسمية للدولة المصرية. وكما هو معروف فإن هذه ليست المرة الأولي التي يتم فيها الكشف صراحة عن مطالب قبطية للاستقواء بالخارج.. فهناك أصوات عديدة نادت بذلك من قبل.. خاصة أقباط المهجر.. وهذا المدعو موريس صادق صاحب صوت فاجر في هذا الملف.. وهو متهم بتنفيذ مخطط صهيوني معلن منذ عام 1979 لتقسيم منطقة الشرق الأوسط علي أسس طائفية. وكل من يتابع مواقف موريس صادق وتصريحاته يدرك جيداً أن مطالبته باحتلال مصر ليست أكثر من دعوة صهيونية أمريكية غرضها تقسيم المنطقة وحرق الوطن.. والرجل لا ينفي عن نفسه أنه صهيوني الهوية ومنحاز لإسرائيل.. ودائماً يعلن تهانيه لها ولقادتها في ذكري إنشائها.. وكثيراً ما أعلن استغاثته بإسرائيل لحل مشكلات الأقباط.. وليس بأمريكا فقط. وإذا كان الاستقواء بالخارج علي هذا النحو قد شكَّل جرحاً وطنياً عميقاً لدي المواطن المصري المسلم الذي رأي فيه إحياء لتيار الانقسام والانشطار وتدعيماً لانعدام الثقة فقد شكَّل علي الجانب الاخر جرحاً وطنياً ودينياً لدي المواطن المصري المسيحي الذي رأي فيه خيانة للوطن والدين وإهانة للطائفة. ولأهمية الرد القبطي علي تيار الانقسام والاستقواء بالخارج سوف أكتفي بإشارات سريعة للآراء التي أعلنها أربعة من المفكرين الأقباط في هذا الشأن حتي لا يظن أحد أن الاستقواء بالخارج قد صار خياراً قبطياً. * المهندس نجيب ساويرس رجل الأعمال ومؤسس حزب المصريين الأحرار قال في مؤتمر جماهيري بمحافظة البحيرة إن اعتصام المسيحيين أمام السفارة الأمريكية أمر لا يليق وغير مقبول الاستقواء بأي قوة خارجية.. واصفاً ذلك بالخيانة ومؤكداً أن مصلحة الوطن أهم من مصلحة الطائفة.. ولن يحمي الأقباط سوي المسلمين. * وقال المفكر القبطي جمال أسعد: إن الذين يطلبون الحماية من الخارج خونة للأقباط قبل أن يكونوا خونة لمصر والمصريين لأن من يدعو للاستقواء بالخارج تحت أي زعم لاحتلال مصر خائن لدينه ويسعي لحرق الوطن بكل طوائفه مسلمين ومسيحيين. * وأكد كمال زاخر أن دعوة أقباط المهجر ليست جديدة.. وهي مرفوضة شكلاً ومضموناً ويجب عدم الاهتمام بها والتفرغ حالياً لإيجاد أساليب عملية لمعالجة حالة الاحتقان الموجودة في الشارع المصري. * د.إكرام لمعي كتب في روزاليوسف يوم 14 مايو الحالي أن التدخل الأجنبي خطر علي الأقباط قبل أن يكون خطراً علي المسلمين.. ثم طرح سؤالاً: هل من الأفضل أن يكون الأقباط في الطرف الذي يطلب الحماية فيصبح خائناً للوطن ويكون موقفه في منتهي الحرج علي الرغم من أن دعوته لأمريكا لن تجدي شيئاً.. ويوم أن تتدخل أمريكا سوف يكون لأسباب أخري ولن يخسر سواكم فهل نفيق وندرك المستقبل قبل أن يقتحمنا؟! ويضيف: المعروف تاريخياً أن القوي الكبري تتدخل في شئون الدول عند اقتسام الغنائم.. فهل يقبل الأقباط خيانة الوطن؟! إن هناك أخطاء كثيرة ارتكبت علي مدي الأسبوعين الماضيين منذ أن اندلعت أحداث فتنة إمبابة.. وكانت هذه الأحداث سبباً في إخراج مشروعات القوانين الخاصة ببناء دور العبادة ومنع التمييز الطائفي والتجمهر أمام دور العبادة من الثلاجة لمناقشتها وإقرارها.. وكان يجب أن يتزامن مع ذلك إصدار قانون جديد لتجريم الاستقواء بالخارج بكلام واضح وصريح ومحدد. نحن مقبلون علي حياة سياسية وديمقراطية.. وانفتاح كامل علي كل الآراء والتيارات.. ولذلك فمن الضروري جداً أن يتضمن القانون الجديد خطوطاً فاصلة بين الممارسة السياسية والمعارضة والتظاهر والمطالبة بالحقوق وبين الاستقواء بالخارج الذي يهدد أمن الدولة واستقرارها ويهدد سلامة الوطن ويدخلنا في دوامات التبعية للقوي العظمي. يجب أن يكون واضحاً للجميع أن الاستقواء بالخارج جريمة تتساوي تماماً مع جريمة الخيانة العظمي.. وعقوبتها أيضاً يجب أن تكون متساوية مع عقوبة الخيانة العظمي حتي تعود لمصر هيبتها.