أخيراً فردت الثقافة أجنحتها محلقة خارج العباءة الضيقة التي سجنتها فيها وزارة الثقافة لسنوات عندما لخصوا المعني الكبير لها علي أنه الأدب والفن من السينما والمسرح فقط. في ظاهرة إفاقة للمؤسسات الثقافية والالتحام بقضايا المواطنين والجمعيات الأهلية والائتلافات.. بدأت الثقافة الحقيقية بمعناها العريض في الخروج من الشرنقة الضيقة الأفق لتعبر إلي ما سعينا نحوه لسنوات من خلال ندوتين هامتين كانت الأم المصرية بطلة المشهد فيهما: ففي مكتبة إمبابة بدار الياسمين لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وبالتعاون مع إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد أقيم أول صالون ثقافي لمتحدي الإعاقة شاركت فيه "المساء" والكاتب الصحفي مصطفي خالد الذي تحدث عن كيفية التعامل مع المعاقين ودور الأسرة والأم بشكل خاص في تخطي حاجز الإعاقة والتحليق بأبنائهم نحو مستقبل أكثر إشراقاً. الصالون الذي امتلأت جوانب القاعة الكبري برواده من الأمهات المكرمات وأطفالهن من ذوي الاحتياجات الخاصة "ذهنياً وحركياً" جاء ليبحثوا عن أمل في حل مشاكل أبنائهم والتي دارت حول محاور مهمة منها الإهمال في وزارة التعليم مما ضاعف من حجم معاناتهم سواء بعدم وجود أماكن مخصصة لاحتياجاتهم أو بما يتناسب مع طبيعة الإعاقة. * تقول نجوي إبراهيم إحدي الأمهات: ابني ضعيف السمع يوضع في مدرسة عادية مع أقوياء السمع مما أثر علي مستواه الدراسي ونفسيته ولا يوجد فصل لضعاف السمع ولا ينفع الدفع به في مدرسة للصم والبكم لأنه يسمع وإذا تعلم الإشارة فقدنا ما تبقي له والذي نحاول أن ننميه عن طريق التخاطب فكيف يكون الحل أن نقضي علي آخر أمل لنا أم أن نلقي به في مجهول؟! * أمينة إبراهيم: هذا المجتمع ظالم.. ظلمنا بنظراته لأبنائنا تلك النظرات القاتلة وبإهماله لإعاقتهم التي لا تراعي في التعليم ولا يجدون عملهم خاصة المعاقين ذهنياً.. كيف اطمئن علي ابني في حالة وفاتي من ينفق عليه؟! * هدي أحمد: نحن سعداء بهذا الصالون الذي إن دل فإنما يدل علي أننا بدأنا نشعر ببعضنا ونبحث مع بعضنا عن حلول للمشاكل مشكلتي مع الشئون الاجتماعية التي كلما طالبنا بمعاش قيل لنا لابد أن يكمل الطفل 18 عاماً فأين حق الطفل قبل هذا السن خاصة إذا كان مرتب الأب لا يكفي في حالة طفل معاق تزداد المصاريف هل تستطيع الثقافة والإعلام أن يتابعوا مشاكلنا دون المتاجرة بها تعبنا والله حتي أننا أحياناً نشعر أننا لا نعيش في وطن.. إنه لا يعطينا حقوقنا. * جيهان السيد: وزارة الصحة لا توفر لنا الدواء لمرضي ضمور المخ وهو غال جداً وغير متوافر.. كيف نعالجهم وقد كفلت الدولة علاجهم ومع ذلك لا نجد هذا العلاج أين تذهب ميزانية علاج أولادنا ونحن نقابل دائماً "ب لا يوجد" ومتي يوجد؟! * إيمان خليل: إذا كانت مشكلتنا مع وزارة التعليم والمواصلات والشئون الاجتماعية والصحة.. فمشكلتنا مع الدولة.. لذا نحن نسأل أكبر رأس في الدولة هل نحن مواطنون مصريون.. هل نحن من شعب مصر؟ بعد أن تعددت الشكوي كان الوجه الآخر للقاء الوجه المشرق فرغم المعاناة لم يغب الأمل عن قلوبهم فأخذوا يلقون الأشعار ألقي حسام جمعة قصيدة بالعامية "الحظ قليل" وكذلك يوسف أيمن. ومحمد أحمد.. وبدأت الفرقة الفنية في تقديم فقرات موسيقية غني مصطفي صالح والمجموعة. ومصطفي كمال. وحسن مصطفي. وأحمد محمد. وسهي حسن عدة أغاني. وفي نهاية الحفل كرمت الأمهات المثاليات اللاتي رغم الألم دفعن أطفالهن للأنشطة الفنية والثقافية واليدوية محاولات تخطي الألم نحو الأمل. أعد لهذا الصالون الشاعرة سلوي أبوهندية مسئولة النشاط بإقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد ونادية محمد إسماعيل مسئولة المكتبة بدار الياسمين وفي نهاية الحفل افتتح الحضور ورشة الأعمال الفنية التي قدمها الأطفال علي مدار العام من مشغولات يدوية ورسم ونحت. اللقاء الثاني والاحتفاء الثاني كان بنموذج آخر من الأم المصرية الأم التي قدمت ابنها فداء للوطن. فبالتعاون مع إقليم شرق الدلتا الثقافي نظم الائتلاف الشعبي بمحافظة الدقهلية حفلاً كبيراً لتكريم أم الشهيد.. أقيم المهرجان في ميدان الشهداء بجوار مديرية أمن المنصورة رداً علي الإرهاب الذي التهم فلذات أكباد تلك الأمهات. نظم الحفل الائتلاف بمشاركة فاعلة من د. محمد مجدي رئيس الإقليم. ومحمد صلاح أمين عام الإقليم والنشطاء الثقافيين رباب عبدالعليم وشريف صلاح الدين وشيماء عزت.. في حضور نخبة كبيرة من الضيوف ورجال الأوقاف والمحافظة ود. عمرو الفقي والانبا لوقا ممثلاً عن كنيسة جرجا - بدأ الحفل الموسيقي بقيادة أحمد زكي وفرقة الموسيقي العربية بالإقليم ثم تكريم الأمهات اللاتي اختلطت دموعهم بابتساماتهم وكما عبرن في كلماتهن البسيطة بأن التكريم الحقيقي سيكون بعودة حق الشهيد وحق ما مات من أجله وقتها ستجف الدموع ويقبلن العزاء. بعد التكريم قدمت د. أمل سعد وفرقتها فاصلاً من الأغاني الشرقية وأصوات شابة تعلن أن الغد قادم وألقي أيمن الصياد قصيدة مهداة لأم الشهيد وقدم الحفل محمد رجب.