سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكلم الطيب - التنازع والاختلاف بين المسلمين أول طريق الفشل والضياع الرعيل الأول من الصحابة امتثلوا .. حالفهم النصر .. فتحوا الأمصار شرقاً وغرباً السيد العزاوي [email protected]
منذ فجر الدعوة المحمدية.. والرسول صلي الله عليه وسلم يحذر المسلمين من التنازع والاختلاف. وضرورة الصبر والامتثال لأمر الله واتخاذ الوحدة والاتحاد طريقاً نحو البناء والتعمير والتطلع إلي المستقبل بنية صادقة وإخلاص في العمل. وبذل أقصي الجهد لرأب الصدع بين وجهات النظر المختلفة وسد أي باب يفتح نافذة الشقاق والفرقة التي تؤدي إلي التشتت والضياع. وقد كان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم حريصاً علي هذا التآلف والوحدة من أجل بناء المجتمع علي أساس متين. ولكي يسود الأمن والأمان. ويتحرك الأفراد للعمل والبناء. والسعي نحو نهضة الأمة وحضارتها والانطلاق نحو آفاق أكبر رحابة لنشر دين الله وتحقيق العدل والحرية لسائر البشر. في ظل مبادئ الإسلام وقيمه التي تؤمن الإنسان علي يومه وغده. وقد كانت تعليمات الله لخلقه من أبناء الأمة الإسلامية تتضمن في مقدمة أولوياتها "وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" 46 الأنفال. وهذا النهي الصريح من الله. يتضمن تحذيراً من الانحدار إلي هذا المنزلق لأنه أول الطريق لضياع هيبة الأمة. لأن الانقسام يؤدي إلي تشبث كل فريق بآرائه وينشب الاختلاف وينشغل كل الأطراف بهذه المعارك وبذلك تتشتت الجهود وتتخلف الأمة ويصيبها الهرم وتصدع البنيان. وقد فطن الرعيل الأول من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي هذه الحقائق وكان الامتثال لأمر الله وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب لهذه الأوامر وتلك التعليمات ولم يحيدوا عنها قيد أنملة ولذلك نصرهم وفتح الله علي أيديهم الأقاليم شرقا وغرباً وكانت معاملاتهم مضرب الأمثال. يقدرون الآخرين ولايبخسون حقاً لأي إنسان. وكانت الشعوب هي التي تطلب المسلمين لإنقاذهم من الظلم. وفي أقل من ثلاثين عاماً امتدت الممالك الإسلامية في كل أنحاء الدنيا وكان العدل والاستماع إلي أي شكوي وكانت المواجهة هي أفضل الوسائل لفض المنازعات فهاهو الإمام علي كرم الله وجهه اختصمه أحد الأشخاص ومثل الاثنان أمام القاضي لحسم الأمر بينهما وخلال الجلسة قال القاضي للإمام علي تحدث يا أبا الحسن فتكلم ثم استمع إلي الخصم لكن الإمام علي عاتب القاضي قائلاً: لقد ناديتني بالكنية ولم تناد الخصم بكنيته. هكذا كان الرعيل الأول يكرهون أي تمييز لهم علي الآخرين. وكان الفيصل في الخصومات أن البينة علي من ادعي واليمين علي من أنكر. ومن يستعرض جوانب حياة هؤلاء الصحابة يجد الكثير من الاشراقات التي تضيء حياتهم ويستجيبون لنداء الحق فهاهو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ضبط رجلاً وامرأة في وضع يستوجب اقامة الحد عليهما وحين أراد أن يقيم حدود الله في حقهما كان هناك الإمام علي بن أبي طالب فسأل عمر قائلاً: كيف ضبطتهما؟ فقال عمر شاهدتهما في وضع أفصح عنه. فقال علي: هل معك ثلاثة شهود غيرك لكي يكتمل العدد بأربعة شهود؟ فقال عمر: ليس هناك غيري قد شاهدهما. فقال علي: إن لم تأت بأربعة شهود فسوف أقيم عليك أنت الحد. ثم ذكره بقول الله تعالي: "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة. ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون"4 النور. علي الفور امتثل عمر لقول الإمام علي. لقد استوعب أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم قول الله تعالي: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" 55 النور. ولذلك كانت الحكمة هي التي جعلت أبا بكر الصديق يبعث بالجيوش إلي بلاد فارس بقيادة خالد بن الوليد وجيش آخر بقيادة أبو عبيدة رضي الله عنه إلي بلاد الشام ثم فتح الله علي أيدي هؤلاء الصحابة مصر بقيادة عمرو بن العاص وامتدت الممالك الإسلامية إلي أقصي الأماكن فهناك الأندلس وقبرص وبلاد القيروان. وقد ملأوا هذه البلدان عدلاً وقسطاً. كما ملئت ظلماً وجوراً. إن المجتمع المسلم كان موئلاً لكل البشر يلجأ إليه كل الناس يعرفون لكل فرد قدره ولا يهضمون حقاً لأحد ولذلك كانت الأمة الإسلامية هي المنارة التي تنير الطريق لكنه حينما ضعفت هذه الأمة وكانت الدنيا هي التي تسيطر علي خلفائها سلط الله عليه خصومهم فاستعمروا بلادهم واستنزفوا خيراتهم وتحكموا في كل اقتصاد لديهم. ولن تقوم لهذه الأمة قائمة إذا لم تعد إلي وحدتها والسعي بكل جدية لتطبيق القيم الخالدة في شئون حياتها. ولعل أبناء العالم الإسلامي يستغلون الصحوة الإسلامية ويتخلون عن خلافاتهم المذهبية والابتعاد عن مواطن الشقاق والخلاف والحرص علي معاملة أهل الديانات الأخري بالحسني. أن العالم في أشد الحاجة هذه الأيام لمبادئ الإسلام التي استفاد منها العالم في كل شئون الحياة. فهل يستلهم المسلمون الصور المضيئة في حياة الرعيل الأول من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم لكي يستعيدوا مكانتهم اللائقة بهم. ويجب أن يتصدي المسلمون لكل من يحاول المساس بوحدتهم والعبث بمقدراتهم. وليت الجميع يدرك أن أفضل الأساليب لمواجهة الحملات الشرسة ضد الإسلام لن يكون إلا بالمثابرة والعمل الجاد والمعاملة بالحسني والحكمة في مخاطبة الآخر والالتزام بأدب الحوار بعيداً عن العنف أو الإرهاب الفكري أو البدني والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.