يبدو أن الدول الإسلامية ستخذل المسجد الأقصي في معركته الحالية مع العصابة الصهيونية كما خذلت من قبل المسلمين في ميانمار وتايلاند وأنجولا وأفريقيا الوسطي التي احتفلت الثلاثاء الماضي بذبح آخر مواطن مسلم كان يعيش علي أرضها وكان بالمناسبة نائباً لرئيس البلدية في واحدة من المدن الكبري.. بما يعني أنه كان شخصية وطنية مشهورة رفض الفرار إلي الخارج مع الفارين بدينهم من المذابح الجماعية. لقد اكتفت الدول والمؤسسات الإسلامية بإصدار بيانات الشجب والإدانة والاستنكار كالعادة.. دون أن تقدم علي اتخاذ إجراء عملي واحد يجبر حكومات هذه الدول علي حماية مواطنيها المسلمين من المصير المشئوم الذي تعرضوا له.. وبسبب هذا التخاذل تأكد العالم أن الدم المسلم هو أرخص الدماء علي وجه الأرض. نفس السيناريو يتكرر الآن للأسف في معركة المسجد الأقصي.. أولي القبلتين وثالث الحرمين ومسري الرسول ومعراجه.. فمنذ أن أعلن الكنيست عن وجود مشروع قانون لبسط السيادة الإسرائيلية عليه تمهيداً لتقسيمه بين المسلمين واليهود ونحن لا نري إلا بيانات الشجب التي لا تقدم ولا تؤخر. ومعروف أن اليهود يدعون لهم حقاً في المسجد الأقصي الذي يطلقون عليه "جبل الهيكل".. ويزعمون أنه بني علي أطلال هيكل سليمان إلا أن عمليات الحفر والتنقيب التي قاموا بها تحت المسجد لم تكشف عن دليل واحد يؤكد زعمهم.. ومع ذلك يواصلون اعتداءاتهم المستمرة علي المسجد والمصلين فيه.. ويواصلون أيضا أعمال التخريب المتعمد والحرق منذ أن سيطروا عليه بعد نكسة .1967 وفيما عدا قرار الأردن بسحب سفيرها لدي إسرائيل وتهديدها بإلغاء اتفاقية السلام المعروفة باسم "اتفاقية وادي عربة" فإن مجمل ما صدر عن الدول والمؤسسات العربية والإسلامية من رد فعل علي مخطط الكنيست لا يعدو أن يكون كلاماً في كلام.. وهو ما يعطي رسالة للعدو مفادها أننا لا نأخذ القضية علي محمل الجد.. إن لم يكن مفادها الموافقة الضمنية. وحتي البيانات الصادرة عن اجتماعات الجامعة العربية حول القضية صيغت علي استحياء كي لا تخرج من دائرة الشجب والاستنكار.. بينما لم تطرح القضية من الأساس مثلا علي اجتماع مجلس التعاون الخليجي. بل إن صحفنا العربية ووسائل إعلامنا المشغولة ليل نهار بالصراعات الطائفية والحزبية لم تجد في جدول اهتمامها مساحة مناسبة لقضية المسجد الأقصي. وكان من الطبيعي إزاء هذا التراخي أو التجاهل العربي والإسلامي أن تمادي العدوان الإسرائيلي علي الأقصي وتمدد.. وتواترت الهجمات التي يقوم بها المستوطنون لاقتحام المسجد وتدنيسه في حماية الشرطة الصهيونية.. بينما لا يجدون في مواجهتهم غير الأبطال العزل في القدس الشريف.. الذين يحمون المسجد بأجسادهم وأرواحهم.. يسقط منهم كل لحظة شهداء لا يعلم أحد عنهم شيئا.. في ظل حالة الضعف والتفكك التي تعيشها أمتنا.. ونجاح المخطط الأمريكي في انصراف الدول العربية والإسلامية عن قضيتها المركزية.. وهي احتلال إسرائيل لفلسطين. أمس الأول أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بالسجن لمدة ثمانية أشهر علي الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل بتهمة تحريض "كل العرب والمسلمين" علي بدء انتفاضة جديدة لدعم القدس والمسجد الأقصي المبارك.. وهي نفس التهمة التي سجن الشيخ بسببها عام .2007 ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية في عدد الأربعاء الماضي عن الشيخ رائد قوله: "هذا الحكم أرخص ثمن نقدمه لأجل الانتصار للمسجد الأقصي المبارك.. وسأبقي أنا كما أنا قبل السجن وبعده حتي زوال الإحتلال الإسرائيلي". في مصر أدان المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء اقتحام الجماعات المتطرفة المسجد الأقصي مؤكدا رفض المجتمع العربي والإسلامي والدولي لأي إجراءات تضع المسجد الأقصي تحت سلطة الاحتلال وداعياً كل الدول الإسلامية والعربية وكل أحرار العالم إلي اتخاذ موقف حاسم لوقف التعديات السافرة علي مقدساتنا الإسلامية. وأصدر الأزهر بياناً أدان الاعتداء الهمجي الذي قام به المستوطنون اليهود لانتهاك حرمة المسجد الأقصي مبدياً تحفظه علي صمت المجتمعات والمنظمات الإسلامية. وطالب الأزهر بالتحرك الإسلامي الضاغط علي سلطة الاحتلال لوقف مخططاتها وتحركاتها نحو إخراج الأقصي الشريف عن طبيعته العربية والإسلامية.. كما حث الأزهر حكومات الدول الإسلامية والمنظمات الحقوقية الدولية علي اتخاذ ما يلزم لوقف كل صور الاعتداء علي ثالث الحرمين الشريفين. ونحن بالطبع نضم صوتنا لصوت الأزهر.. ولكن تظل المعضلة قائمة.. من يقدم علي ضربة البداية؟!.. من يتحرك أولا حتي يتحرك الآخرون؟!.. وإلي متي سنظل نطالب الآخرين بأن يفعلوا بينما نحن نتكلم ونتكلم ونتكلم؟!. إشارات: * تذكروا معي.. من القائل: أسمع ضجيجا ولا أري طحنا؟! * أخيراً أمسكت النيابة بصيد سمين من جماعة "أنصار بيت المقدس" الإرهابية.. مواطن هولندي من أصل صومالي ألقي القبض عليه ووجهت إليه التهمة بتمويل الجماعة المرتبطة بتنظيم القاعدة.. نتمني أن يظل الخيط مشدوداً لنكتشف هذه الجماعة الغامضة. * سوف نحتفل الخميس القادم بعيد الفن.. حسنا.. أرجو ألا ننسي عيد العلم. * التوازن مطلوب في كل شئ.. إذاكانت لميس ويسرا من أقوي النساء في مصر فقد كان واجبا أن تضم القائمة لونا آخر من النساء يمثلن القدوة والعطاء ولكن بعيدا عن الأضواء.. مصر غنية برجالها ونسائها إلي يوم الدين. * ذبح المصريين في ليبيا جريمة لا تسقط بالتقادم.. ولابد أن يقدم مرتكبوها للعدالة.. مصر لن تفرط في حقوق أبنائها ودمائهم. * عودة المدارس والجامعات اليوم.. الحمد لله.. لا يصح إلا الصحيح.