هناك من يسخر من قرار المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الجديد عدم استخدام المياه المعدنية في اجتماعات المجلس وتقليص موكبه إلي سيارة واحدة.. وهي سخرية ليست في مكانها أبداً خاصة ان هؤلاء الساخرين هم بعض من كانوا يشيدون بمحلب وأدائه عندما كان وزيراً للإسكان فماذا تغير فيه حينما أصبح رئيساً للوزراء..؟؟!! لست مع تقليص موكبه لأنه مستهدف بالتأكيد من الاخوان واتباعهم.. ولست مهتما بقرار منع المياه المعدنية إلا من زاوية واحدة هي أن يكون بداية حقيقية ونقطة انطلاق للتقشف في كافة المجالات والوزارات لسد عجز الموازنة والنهوض بالاقتصاد حتي يلبي مطالب الشعب. يجب ألا نسفه من التغيير الذي طرأ علي الحكومة.. ولنعد بالذاكرة إلي أسابيع مضت بل إلي أيام قليلة قبل أن تستقيل حكومة الببلاوي حيث كانت التصريحات تؤكد ان التعديل المنتظر علي الحكومة السابقة محدود جدا ولن يتجاوز ثلاثة وزراء بعينهم هم وزير الدفاع "إذا ترشح السيسي للرئاسة" ووزير التعاون الدولي المستقيل ووزير الانتاج الحربي المتوفي.. وبالتالي.. عندما يشمل التعديل في حكومة محلب 11 وزيرا جديدا ودمج 5 وزارات في أخري فإن معني ذلك ان التغيير طال 16 وزيرا بنسبة 45% تقريباً.. وهو أمر جيد فعلاً. وإذا كان لدي أحد تحفظ علي بعض الوزراء الجدد فيجب ألا نغفل أمرا مهما وهو صعوبة الاختياربسبب رفض الكثيرين قبول العمل في حكومة غالبا لن تستمر بعد انتخاب الرئيس.. أي نحن نتكلم عن ثلاثة أشهر.. لذا.. يجب أن نساعد الحكومة علي انجاز مهامها الثقيلة في هذا التوقيت الصعب والدقيق لا أن نكسر مجاديفها وهي في بداية السباق ان كنا نريد اصلاحا. الحكومة تواجه تحديات صعبة فعلا.. مثل تطبيق الحد الأدني للأجور وغول الأسعار ومنظومة الدعم المهترئة والمصانع المتعثرة أو المغلقة أو الصادر لها احكام بالعودة من الخصخصة. ولوغاريتم انقطاع الكهرباء والقصور الصارخ في العلاج والتعليم والمرور ومكافحة الارهاب وجذب السياح وتوفير الوظائف للشباب والقضاء علي تلال القمامة التي تناطح أهرامات الفراعنة واشغالات الطريق التي تسد عين الشمس وحل مشاكل طوابير العيش والعشوائيات والبناء المخالف والنهوض بالصعيد والاهتمام بالمناطق المهمشة وبمراكز الشباب حتي لا تتحول إلي مفارخ لانتاج الارهابيين والتعامل بحرفية مع أزمة سد النهضة والمواجهة الجادة والحاسمة لكل من يسيء لمصر قولا أو فعلا.. وغير ذلك كثير. هذا بعض من كل.. وهو بلا شك يحتاج إلي تفرغ وانضباط وأجواء تسمح بالحل الذي لا يمكن أن يأتي في ظل اعتصامات ومطالب فئوية وتحدي القانون وعدم احترامه. إذا طبقت الحكومة نظرية "المياه المعدنية" التقشفية كأسلوب حياة مؤقت في شتي المجالات فسوف تتوافر لديها مبالغ ضخمة يمكن بها حل مشاكل لا حصر لها.. ولذا.. يجب علي رئيس الوزراء تعميم التقشف وتقديم كشف حساب شهري يوضح ما تم توفيره فعلاً في جميع الوزارات.. وبعدها يكون لنا كلام آخر. الرجل يحاول.. ساعدوه ولا تحبطوه.