«شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك» لم يكن غناء سيد درويش لها من عدم، ولم يعرف وهو يشدو بها أنها ستكون يوماً ما شعاراً حكومياً، فالسياسات الحكومية منذ الستينات تُنادى بضرورة ترشيد الإنفاق، منذ أن أعلنها جمال عبدالناصر: «مصر خرجت من فترة الملكية فقيرة للغاية» ونادى بها أنور السادات: «شدوا الحزام، فإن خزائن مصر خاوية بسبب النكسة، وعلينا إعادة بناء الجيش»، حتى «مبارك» نادى بها فى بداية عهده: «شدوا الحزام لأن سياسة الانفتاح التى اتبعها السادات أضرت بالاقتصاد» ولم يفُته تكرار النداء سنوياً طيلة 30 عاماً، ليتنازل عنها «مرسى» لصالح رئيسى حكومته، كمال الجنزورى وهشام قنديل، اللذين لم يكتفيا بإعلان شد الحزام، بل طالبا المصريين بالتقشف فى العيش، ليكون أول قرار للحكومة الجديدة برئاسة المهندس إبراهيم محلب هو إعلان التقشف أيضاً. استهل «محلب» مهمته بمجموعة من القرارات التقشفية: أتمنى من رجال الأعمال عدم نشر صفحات تهنئة فى الصحف، وصرف الأموال فى الأعمال الخيرية، إلغاء الموكب الرسمى لرئيس الوزراء والاكتفاء بسيارة واحدة، منع استخدام المياه المعدنية داخل مجلس الوزراء ل«مشاركة البسطاء حياتهم». الاستحسان الشعبى الذى لاقته قرارات «محلب» لم يصل إلى الخبراء «المشكلة مش فى المياه المعدنية.. المشكلة أكبر من كده بكتير»، قالتها د. يمُن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم السياسية بجامعة القاهرة، موضحة أن الحكومة تلجأ إلى تطبيق هذه السياسات وقتما يحدث عجز رهيب فى الموازنة العامة للدولة، مشيرة إلى أن الحل يكمن فى تخفيض النفقات وزيادة الإيرادات «موضوع المياه المعدنية لن يخفض الإنفاق ولن يزيد الإيرادات». فى فرنسا لجأ بعض المواطنين لتوجيه الشعب لتطبيق سياسة التقشف، من خلال إنشاء موقع إلكترونى بعنوان «كن بخيلاً دوت كوم»، تدور فكرته الأساسية حول كيفية إرشاد الناس للحفاظ على مستوى معيشتهم بأقل تكلفة ممكنة، تقول «الحماقى» إن الأموال التى يتم توفيرها من سياسة «شد الحزام» لا بد أن تدخل فى تطوير الملفات التى يملؤها الفساد مثل التعليم والصحة، لأن «الأساس نفسه بايظ».