قبل أن تقدم وزارة د.الببلاوي استقالتها. كان الاتهام بضعف أدائها في المجال الثقافي. فضلاً عن غلبة الفردية علي أداء هيئات الوزارة مبعث سخط كبير بين المثقفين إلي حد إلقاء السؤال: هل نحن في حاجة إلي وزارة للثقافة؟. حتي الآن فإن السؤال يظل قائماً: هل تحتفظ وزارة الثقافة بكينونتها. أو تؤول هيئاتها كما جري التخطيط من قبل للمجلس الأعلي للثقافة أو تحتفظ كل هيئة بشخصيتها المستقلة ضمن منظمة تشمل كل جوانب العمل الثقافي؟. الناقدة فريدة النقاش تجد السؤال بالغ الأهمية نحن الآن في أمس الحاجة إلي وزارة للثقافة. مازال أمامنا أشواط طويلة كي نؤسس لفكرة مشروع عام يقوم به المبدعون والمثقفون. علي غرار الشكل الذي يقوم به المجلس الأعلي للثقافة. ولا تزال هناك حاجة لكي تخصص الدولة ميزانية لوزارة الثقافة. تزداد كل حين للمؤسسات الثقافية. وفي المجتمع المنقسم اجتماعياً بهذه الصورة لن يكون بوسع المثقفين الأفراد أن ينتجوا أعمالهم بحرية. ويتواصلوا مع جمهورهم الواسع فالمثقفون بشكل عام فقراء وأنا لا أتوقف أمام بعض الذين أفلتوا من الفقر. بجانب أو آخر. فالمثقفون الفقراء يحتاجون إلي مؤسسات ثقافية تمولها الدولة كي ينتجوا إبداعهم عبرها. ويمارسوا أنشطتهم. والسوآل الذي يترتب علي هذا. هو مدي هيمنة وزارة الثقافة وفرض هذه الهيمنة علي المثقفين. المشروعات الثقافية لابد أن تكون ممولة من الدولة. دون أن تفرض رؤية أو أفكاراً. فهي الراعي الذي ينهض بهذه المهمة دون أن يفرض هيمنتها. وهنا أتوقف أمام أزمة السينما. هي أزمة انتاج. في الستينيات والسبعينيات اخرجت لنا أهم الأفلام التي اسهمت الدولة في انتاجها. من خلال مؤسسة دعم السينما. الآن السينمائيون عاطلون. ورجال الأعمال ليس أمامهم سوي هدف وحيد. هو الربح ثم الربح ثم الربح. يجب أن تتدخل الحكومة بقوة دون التدخل وتقييد الحريات. لا يمكن أن تعاد أوضاع الستينيات أو تتكرر عليها أن تساعد في التمويل دون أن تفرض شروطاً. أو قيوداً. للحريات العامة. أو تعتبر المثقفين رعايا وليسوا مثقفين. نحن في حاجة إلي وزارة الثقافة. وقد ينطبق هذا السؤال علي وزارة الإعلام. نحن في مجتمع تعددي. وفي دولة تسير في اتجاه ديمقراطي وبالتالي الإعلام لابد أن يكون حراً. وفي رأي د.رمضان بسطاويسي أن وزارة الثقافة مهمة وغياب الاستراتيجية لدي وزارة الثقافة مهم جداً. لأن الوزارة تهتم بالثقافة والفنون وملء الفراغ الوجداني والفكري الذي يعانيه الشباب وهذا يعني أن يكون لديها خطة بمشاركة وزارات الشباب والتربية والتعليم والتعليم العالي. هذا هو التحدي الكبير. ووزارة الثقافة كانت تقوم بدور كبير في المجالات السياسية. والمثل طه حسين ونظرته إلي مجانية التعليم لكل أبناء مصر. علاقة مصر بأوروبا والعالم. إتاحة المواد الثقافية من فيلم مسرحية كتاب. للجميع كل هذا غائب عن وزارة الثقافة. لأن الجانب البيروقراطي غالب علي أدائها. من يأتي لوزارة الثقافة لديه إحساس أنه مؤقت. لذا لا يقدم استراتيجية واضحة. كذلك غياب الثقافة من أجندة الأحزاب السياسية جميعاً وليس معقولاً أن يتحاور الأزهر مع المتطرفين لابد أن ينشأ حوار مستمر بين تلك الوسائط وبين المتلقي. الحوار هو الاختبار الحقيقي للمثقفين في العلاقة بما هو يومي. ثمة فكرة الإلغاء التي يعانيها المجتمع. ما لم يكن هناك وجود لاستراتيجية واضحة للمؤسسات الثقافية فلن يحدث هذا الحوار. وزارة الثقافة يجب أن تعني بالتخطيط. أقصد بذلك القيادات ولابد من المتابعة. ومناقشة القضايا بكل صراحة. في المقابل فإن الشاعر أحمد هريدي يذهب إلي أنه يمكن الان أن نكتفي بالهيئات الثقافية. التي تعمل وتحاسب مثل هيئة الكتاب هيئة قصور الثقافة هيئة المسرح وغيرها كل هيئة لابد أن تظل مستقلة ومن المهم أن نذكر أن وضع اسس الثقافة المصرية ينتمي إلي ثورة يوليو وإليه يرجع الفضل في وجود الهيئات الثقافة ومن الأفضل بالمناسبة ألا يكون وزارة للإعلام بل تنشأ هيئة عليا للإعلام. ويؤكد د.مدحت الجيار أننا لسنا في حاجة إلي وزارة للثقافة. بل نحتاج إلي مؤسسات ثقافية مستقلة. قادرة علي إدارة شئون المؤسسة دون الاحتياج إلي الوزارة. وفي الوقت نفسه. لابد من تفعيل المجلس الأعلي للثقافة بإعادة تشكيله وتغيير كل اللجان. بحيث تتألف لجان جديدة تتولي التخطيط لسياسة المجلس ولا تظل لجاناً تنفيذية. هذا يجعلنا نخرج بمجلس أعلي للثقافة يليق بمرحلة البناء القادمة . وأخيراً فلابد من اعادة صياغة موقف المثقف المصري. ليتناسب مع تفعيل الدور الثقافي في كل مجالات الحياة المصرية.. هذه الخطوات الثلاث يجب إنجازها معاً. فلا يمكن أن تتم الخطوتان السابقتان ولا نلتف للخطوة الثالثة. علينا أن نعترف بأن موقف المثقف المصري الآن يحتاج إلي مراجعة. وهو ما لن يحدث إلا اذدا أدرك المثقف دوره في تفعيل هذا الدور. ويبرر الشاعر محمود الحلواني رأيه بعدم الحاجة إلي وزارة للثقافة. بأنه لابد من البحث عن صيغة جديدة للتعامل مع الشأن الثقافي في مصر. لأن طبيعة وزارة الثقافة علي ما هي عليه اثبتت فشلها تمامًا. وأدلل علي ذلك بذيوع وانتشار الفكر الظلامي في المجتمع. وسيادة الجهل. الأمر الذي جعل الجماعات الدينية المتطرفة. والتي لا تتحدث لغة العصر. تكتسب أرضية كبيرة لدي الجماهير. وتفوز في كل انتخابات. ماذا فعلت وزارة الثقافة في الارتقاء بثقافة الشعب؟.. هناك دلائل وشواهد كثيرة علي فساد وزارة الثقافة التي لم تكن تعمل أبداً لصالح الثقافة الحقيقية. ولا لصالح الشعب. ولم تكن وزارة للثقافة بقدر ما كانت وزارة المثقفين الأشد وصولية. والأكثر قدرة علي الكسب والقفز علي المناصب والتعامل الابتزازي مع المسئولين.