لعل الانفصام هو السمة الغالبة علي السياسة الإسرائيلية. يتحدث قادتها عن السلام وهم يعدون للحرب. والتعبير لإسحاق رابين لحظة إلقاء الرئيس السادات خطابه الشهير في الكنيست. وألف العالم - لسنوات - مزاعم جزيرة إسرائيل المسالمة في بحر محاط بالأعداء. وحين نسبت إلي نفسها صفات اليد الطولي. والقوة الرادعة. والجيش الذي لا يقهر . فقد كان الزعم الذي حاولت أن تستتر به أنها تدافع عن بقائها وأمنها. جاوز الإرهاب حدود الأرض التي تدعي الدفاع عنها إلي تدبيرات ومؤامرات خارج الحدود حتي حصل الكيان الصهيوني- بامتياز - علي تسمية الدولة الإرهابية الأولي في العالم . الطريف أن التسمية لاستبيانات أجريت بين الرأي العام في دول الغرب التي تدين حكومتها بصداقات مع حكومة إسرائيل. المتابع للتصرفات الصهيونية في الضفة وغزة وفي مناطق من الوطن العربي. يروعه التباكي علي السلام الذي يتحدث عنه قادة إسرائيل . وعمليات المحو والإفناء التي تشمل كل ما علي الأرض . تحت دعاوي غربية تستهدف حرمان المواطن العربي من حق الحياة علي أرضه. تواصلت تلك العمليات منذ أعلن بن جوريون قيام دولة إسرائيل حتي الآن. وتناقص في ظلها حجم الأرض الفلسطينية- عبر حروب ومفاوضات لا تنتهي- إلي أقل من 18% من مساحة فلسطين. آخر تصريحات داني دانون نائب وزير الدفاع الإسرائيلي. أن حكومته بدأت عملية واسعة في غزة ومدن فلسطين لتصفية عناصر المقاومة. وخاصة مطلقي الصواريخ التي يعرف القادة الإسرائيليون أن تأثيراتها تقتصر علي ملامسة المشاعر المرهفة للمستوطنين اليهود. في حين أهمل المسئول الإسرائيلي حالة الحرب الدائمة في الأرض الفلسطينية. تشمل ما لاحصر له من عمليات الاعتقال والتشريد والتسفير والمصادرة. جاوز المسئول الإسرائيلي محدودية تحركات كيانه في فلسطينالمحتلة. أدلي بتصريحات متشائمة عن مستقبل أقطار الربيع العربي. وأنه - داني دانون- قد يتاح له العيش حتي يشهد انهيار الأقطار العربية التي حققت ثورات الربيع. بصرف النظر عن وقاحة التصريحات . وأنها تعكس حالة عداء ضد دول بين بعضها وبين حكومته معاهدة سلام. فإن الموضوعية التي غابت عن التصريحات ربما نبهته إلي مستقبل الكيان الصهيوني في منطقة تعاني إرهابه من قبل أن ينشأ في المنطقة العربية. وتعاني المآسي التي اكتوي بنيرانها أبناء المنطقة جميعا. ولعلي أستعيد ما ذكره أستاذنا توفيق الحكيم من أن الوطن العربي كان سيصبح في رفاهية سويسرا لو أنه أنفق علي بناء حياته بجزء من الأموال التي أنفقها علي الصراع الضاري الذي فرضه عليه الغرب. بواسطة رأس الجسر المسمي إسرائيل. التقدم قدر الوطن العربي. يهيئه له التعداد البشري والمساحة والثروات وطموحات علمائه ومثقفيه. فضلا عن المواطنين العاديين الذي صهرتهم الأحداث السياسية. فأقدموا علي تبديل الصورة. بما يشير إلي أفق المستقبل.