كالعادة. حاول قادة إسرائيل أن يفيدوا من الخلافات العربية . حتي لو كانت هامشية. أو طارئة. أية ظاهرة سلبية داخل الوطن العربي يسعون لأن يجعلوا منها حصان طروادة الذي يقفزون منه. في توقيت يتمنونه. ويعدون له. بتصدير التآمر والشائعات والفوضي. والتجسس في أحيان كثيرة. لصنع المزيد من التفتت داخل الأقطار العربية. والمزيد من الاستقرار والاستحواذ والسلب والسيطرة للكيان الصهيوني. شيمون بيريز حرص - قبل أن يودع منصب الرئاسة الإسرائيلية - علي أن يتوجه بالنصيحة إلي الأنظمة العربية. يفيد فيها من خبراته الطويلة. وحصيلته المعرفية. وفهمه العميق للأوضاع العربية. وإجادته تحريك ميديا الغرب. والمنظمات الصهيونية العالمية. بحيث يصب ذلك كله في صالح الدولة التي شارك الرئيس الإسرائيلي بنفسه في صنعها علي أجساد الشهداء منذ دير ياسين إلي قانا. زعم بيريز في نصيحته تغير الواقع العربي جذرياً. ربما استناداً للخطأ الفادح الذي تورط فيه من كان يتولي مسئولية الحكم في بلادنا. عندما وصف الإرهابي القديم بأنه صديقة العزيز. ومرادفات أخري زين له مستشاروه أنها اللغة التي تليق به كرئيس دولة! وأكد بيريز أن الأقطار العربية لم تعد في موقف العداء لإسرائيل. وأنها تبدي الاستعداد للتعاون معها. بل أنها ترفض الاستجابة إلي الدعوات المطالبة بوضع دولته في موضع العدو. بما يعرض أمن إسرائيل المسالمة - ضع ما شئت من علامات التعجب - للخطر! لا أدري من أين أتي بيريز بالمعلومات التي انطلقت منها نصحيته. لكن الشواهد - منذ ما قبل 1947 وحتي الآن - تفرض الكثير من الحقائق وعلامات الاستفهام والهائلة. لقد شارك بيريز في كل الخطوات التي أقدمت عليها إسرائيل لصنع كيان الدولة. بوسائل وصفها الرأي العام العالمي إنها تمثل إرهاب الدولة: المصادرة والتعتيم والمحو والإفناء والتسفير والقتل والتشريد وغيرها من المفردات التي صنعها قاموس السياسة الإسرائيلية. ظني أن الرجل قد أسهم في صياغة تلك المفردات بما أتاح صياغتها في الواقع. وبما يدفعنا إلي التأكيد علي أن السلام له معناه الذي يرفض مفردات القاموس الإسرائيلي. وأن فلسطين ليست كما أوهم قادة الكيان الصهيوني أنفسهم. وحاولوا إيهام العالم. أرضا بلا شعب. لكنها شعب له أرضه التي يحب أن يحيا فوقها. ورغم كل عمليات الإرهاب التي استهدفت وجوده. فإنه - ولو من خلال الديموغرافيا - هو مستقبل الأرض الفلسطينية. النصيحة التي يجدر بالسيد بيريز أن يعيها. من خلال ممارساته العسكرية والسياسية في الوطن العربي. هي أن السلام تصنعه المبادرات الحقيقية. وليست العبارات البليغة التي تظل- في ظل الممارسات الإرهابية -مجرد محاولات للتشوية. وتحسين الصورة.