يبدأ اعتباراً من اليوم تنفيذ قرار وزير الأوقاف د.محمد مختار جمعة بتوحيد خطبة الجمعة علي مستوي جميع مساجد مصر.. وقد أثار هذا القرار ردود فعل واسعة حوله فمنهم من أيده ومنهم من تحفظ عليه ومنهم من رفضه جمله وتفصيلاً. "المساء" ناقشت أبعاد هذا القرار مع بعض العلماء: فيقول الشيخ صبري عبادة وكيل وزارة الأوقاف إن البلاد في حاجة ماسة هذه الأيام لتوحيد الخطبة علي المنابر في ظل ما يقوم به بعض الدعاة من أصحاب التيارات المتشددة من إثارة البلبلة وسط المصلين وتسييس المنابر.. وجاء قرار الوزير بتوحيد الخطبة ليكشف مثل هؤلاء. أضاف أن توحيد الخطبة قاصر علي عناصر الموضوع فقط أما مضمونها فللخطيب حرية التعبير عنه بأسلوبه والاجتهاد في تناوله بالشكل الذي يناسب المجتمع الذي يلقي فيه الخطبة بالاضافة إلي أنه مطلوب منه إثراء الموضوع بالإحصاءات والمعلومات التي تفيد المصلين. أكد الشيخ عبادة أنه سيتم إحالة أي إمام لا يلتزم بتعليمات الوزارة التي لن تتهاون في معاقبة كل من لم يلق خطبة الجمعة حول الموضوع الذي حددته الوزارة. عملية بدائية الدكتور عبدالفتاح إدريس استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر يري أن توحيد خطبة الجمعة عملية بدائية وغير مناسبة لأن لكل محافظة ظروفها الخاصة.. لذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "خاطبوا الناس علي قدر ما يفهمون".. ومخاطبة الناس علي قدر ما تستوعبه عقولهم يقتضي أن يتنوع الخطاب الديني الذي يوجه لبعض الناس في المجتمع فمثلاً الذين يتميزون بالبساطة في الحياة وممارسها جوانبها بتلقائية لا ينبغي أن يخاطبوا بمثل ما يخاطب به أفراد المجتمع الذين يقطنون المدينة ويعانون من مشكلاتها المستعصية علي الحل. يضاف إلي هذا أن الرسول كان يطبق هذا عملاً في حياته وكان في دعوته إلي الله سبحانه وتعالي يراعي ثقافة الناس الذين يخاطبهم بهذه الدعوة.. ولهذا فإن المطلع علي أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم فيما جاء فيها يعرف ذلك تماما ويعلم أن الرسول لم يخاطب الناس جميعاً بأسلوب واحد أو يركز علي فكرة واحدة يفضي بها إلي الناس في دعوته.. ومن الحصافة والكياسة التي دعا إليها الإسلام إن يلمس الداعية مشاكل كل فئة وما يعانون منها ويضع لهم الحلول العلمية من خلال المنهج الإسلامي. أشار د.إدريس إلي أن توحيد الخطاب الديني لا يحقق الغاية المرجوة منه وسيفضي عاجلاً أو آجالاً إلي الإعراض عن المساجد وعن سماع إمام المسجد وصرف الناس عما يقوله والذي ينتظره الناس كل أسبوع وينتظرون معه جديداً يلامس واقع حياتهم الذي يعيشونه. دراسات ميدانية الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف الأسبق يؤيد د.إدريس ويضيف أن وزير الأوقاف عليه أن يكلف المكتب الفني في وزارته بعمل دراسات ميدانية لإيجاد حل للمشاكل التي تعاني منها كل محافظة من خلال إعادة طبع النشرات التي أعدت علي مدار السنوات الماضية. يري الشيخ عبيد أن تحديد موضوع الخطبة مسئولية اتحاد علماء المساجد الذي يجب أن يقوم بهذا الدور أما الوزرير فيجب أن يبتعد عن هذا الموضوع ويكتفي بالتوجيه لأنه عندما يتحدث الوزير عن توحيد الخطبة سوف يقول من عنده قصر نظر "الدولة عاوزه كده" وبالتالي تحجز وزارة الأوقاف علي فكر الأئمة وتريد أن تجعلهم يسيرون في دائرة واحدة وهذا سوف يسيء للوزارة رغم المجهود الكبير الذي يقوم به د.محمد مختار جمعة للنهوض بالدعوة ومحاولته نشر المنهج الوسطي الذي يتميز به الأزهر الشريف. أبدي جمال سعد حاتم رئيس تحرير مجلة التوحيد الناطقة باسم جماعة أنصار السنة المحمدية تحفظه الشخصي علي قرار وزير الأوقاف ويري أن القرار النهائي سيكون لمجلس ادارة الجماعة التي تربطها اتفاقات مع وزارة الأوقاف مشيراً إلي أن البلاد تمر بفترة انتقالية هي أحوج ما تكون فيه لوحدة الكلمة. ولذلك يأمل أن يكون القرار مؤقتاً نظراً لما له من آثار سلبية علي الواقع الدعوي علي المدي البعيد.