ولد الفنان بخيت فراج بأسيوط يوم 10 يوليو عام 1939 وتوفي بها يوم 5 أكتوبر عام 1997بعد أن ملأ عالم الفنون الجميلة بتغريده وشدوه بلوحاته المرسومة بالألوان المائية. هو آخر سلالة فناني جمعية الرسم بالألوان المائية التي أسسها الفنان حبيب جورجي.. فهو تلميذ مخلص لمنهج استاذه "شفيق رزق سليمان" وقد نال الفنان شهرته من خلال لوحاته التي تركز علي دراسة المنظر الطبيعي ويشيع في أعماله دفء المناطق التي يصورها في أسيوط والسعودية. درس بالمعهد العالي للتربية الفنية وتخرج بتفوق عام 1961 ثم عمل بتدريس التربية الفنية بدار المعلمين بأسيوط عقب تخرجه وحتي عام 1965. تولي مسئولية الاشراف علي نشاط الفنون التشكيلية بقصر الثقافة بأسيوط من عام 1962 حتي 1972 وقد انتقل إلي تدريس التربية الفنية بكلية التربية بأسيوط عام 1969 حتي 1973 ثم سافر للعمل بكلية التربية جامعة الرياض عام 1973 حتي ..1977 عاد بعدها إلي عمله السابق بكلية التربية في أسيوط. أقام ستة معارض خاصة لإنتاجه في أسيوطوالرياض والقاهرة ويمارس الرسم بالألوان المائية منذ عام 1957 وتنتشر لوحاته في المجموعة الخاصة بمصر واليابان وكوريا وألمانيا الغربية وأمريكا وفرنسا والسعودية. تتميز لوحاته المائية بطابعها الرقيق ووضوح معالمها تكشف عن صراحة الفنان وصدقه في التعبير عن جمال الطبيعة والكشف عن موقفه المعارض للأساليب العابثة والأساليب الأنانية في التعبير عن ذات الفنان وعدم الاكتراث بالجمهور. كانت رسالته هي فتح عيوننا لإدراك الجمال في الطبيعة حولنا حتي ان أكثر الأماكن فقراً وبدائية والأشكال المهموشة غير المهذبة في الواقع تتحول عند نقلها إلي لوحاته إلي رسالة حب دافئة تدعونا إلي التخلي عن المدنية وزحامها وضوضائها ومشاكلها الضاغطة للاستمتاع ولو في رحلة قصيرة بجمال الريف وبساطة الحياة في الخلاء وأصالة المباني في المناطق الشعبية. كان يقدس القواعد التي وضعها الأساتذة السابقون من رسامي الألوان المائية.. وأهم هذه القواعد هي عدم خلط الألوان علي البالتة "أي لوحة تخفيف الألوان بالماء قبل استخدامها" ولا علي اللوحة أثناء الرسم.. وهو أمر صعب لا يتبعه العديد ممن يستخدمون الألوان المائية.. كان ينبذ التردد ولا يضع اللمسة اللونية إلا بعد تفكير ووعي طبقا لخطة محكمة.. هكذا تحتفظ الألوان بشفافيتها مما كانت داكنة وتحتفظ بحيويتها وطزاجتها وتبهرنا بتدرجها الذي يشبه الهارموني في الموسيقي. وهو في هذا المجال يتفوق علي أمهر الرسامين التجريديين لأننا إذا اقتطعنا جزءا تفصيليا من احدي لوحاته نكتشف كل القيم الجمالية التجريدية ممثلة في هذا الجزء الصغير وإذا وضعنا لوحاته في ميزان التقييم من ناحية جماليات الشكل المطلق المتعلقة بالتوازن والتوافق والترديد والإيقاع والتكامل والصراع والحيوية.. نجدها مجتمعة كلها في أعماله بالإضافة إلي القيمة الموضوعية والشكل الواقعي واحترام المنظور وإظهار الأعماق المتتالية في اللوحة وغير ذلك من قواعد الرسم الواقعي.. لكن بخيت فراج لم يكن رساما واقعيا.. وانما هو أقرب الي الرسامين "التأثريين" الذين يسجلون تأثرهم بالمشهد الذي يرسمونه طبقا للأضواء الساقطة علي العناصر.. فالضوء والظل والدرجات الظلية وانعكاسات ألوان العناصر المختلفة الألوان بعضها علي بعض هو الذي سجله بخيت فراج في لوحاته.. ولهذا يمثل عنصر الضوء ومصدره ومساراته البطل الأول في لوحاته تماما. كما كان عند الفنانين "التأثريين".. وبهذه الطريقة في التلوين مع مميزات الشفافية التي تختص بها الألوان المائية حقق الفنان ما يمكن تسميته بالتأثرية المصرية التي تختلف عن روادها الفرنسيين في اننا لم نلتزم بقاعدة نبذ اللونين البني والأسود ولا بالقطع الفوتوغرافي "أو المنظر المفتوح" وانما معظم لوحات الرسامين المصريين الذين استخدموا الاسلوب التأثري في الرسم اتجهوا إلي "المنظر المغلق" مثل الكلاسيكيين ولم يتخلوا عن الألوان البنية والسوداء وسجلوا الطبيعة في بلادنا ذات الشمس الساطعة والإضاءة القوية طوال النهار. ان التأثرين المصريين ومن بينهم بخيت فراج اتخذوا موقفا وسطا بين الواقعية والتأثرية.. فلا هم التزموا الاسلوب الواقعي كما أعلنه الفنان الفرنسي "كوربية" ولا هم استسلموا للأسلوب التأثري بحذافيره وانما انتخبوا من المذاهبين ما يتفق والطبيعة المصرية.. سواء التي يرسمونها أو طبيعة الجمهور الذي يشاهد أعمالهم. فالفنان لا يلتزم بتسجيل المشهد في لحظة خاطفة قبل أن تتغير الإضاءة نتيجة تغيير موقع الشمس مع تقدم ساعات النهار. كما انه لم يمهل اظهار كتلة وثقل العناصر التي يرسمها ورسوخها ليحولها إلي أشكال خفيفة كما فعل التأثريون الفرنسيون وانما في أعماله رسوخ الواقعية واهتمامها بالكتل والأحجام والمنظور.. انه في النهاية له شخصيته الفنية التي تعبر عن مدي حبه وهيامه بالطبيعة وانحيازه لها. وفي بعض لوحاته تظهر مجموعات من المباني المتساندة وكأنها كائنات حية تحتمي ببعضها في تعاطف ومحبة.. أما الأشجار والنخيل فهو يلخصها إلي لمسات لونية تسودها الخضرة.. وهو يعتني بكل سنتيمتر في اللوحة حتي الأعشاب والنباتات الصغيرة تتخذ نفس القدر من الاهتمام والدقة في الرسم.