منذ ثلاثة أشهر تقريبًا حدثتك عن المحنة التي يعيش فيها صديقي المسن بسبب استهتار ولده الكبير والتي تناولتها عبر النافذة تحت عنوان "المدلل". وفي الحقيقة لقد عملت بنصيحتك وحاولت إصلاح بعض ما أفسده صديقي في أسلوب تربيته لأبنائه الأربعة خاصة الكبير الذي جرت به الأمور إلي منعطف خطير. كما أشرت إليه في رسالتي السابقة حين أخلد للراحة وأغري زوجته بترك عملها بأحد المحلات والغناء بصالات الأفراح سعيا وراء المكسب السريع حتي ولو كان هذا علي حساب ابنتهما الصغيرة التي باتت تفتقر لوجود أمها في حياتها فيوميا كانت تمضيه في بيت إحدي الجارات!! حاولت تصحيح هذا الوضع المعوج وبدأت بطريقة غير مباشرة مع الابنة الكبري لصديقي عسي أن تتدخل وتلفت نظر شقيقها المدلل إلي خطورة استمرائه لعمل زوجته وعودتها متأخرة في منتصف الليل وانعكاس ذلك علي مستقبل ابنتهما الصغيرة وهي تكاد لا تري أمها في حين آثر والدها الجلوس في البيت بعد أن باع المحل الذي كان قد اشتراه له والده ليتولي إدارته وتشغيله بعد أن فشل في مواصلة دراسته بعد الثانوية !! في الحقيقة ساعدتني شقيقته الكبري في هذه المهمة وراحت تنبهه إلي خطورة المقبل عليه في ظل بقائه في المنزل.. واستمرار زوجته في العمل بالصالات وفوق كل هذا وهو الأهم ابنتهما الصغيرة!! أخذت ابنة صديقي تشد من أزر أخيها وأنا من ورائها أدفع بها وأتابع.. حتي استطاعت بفضل الله إقناعه بضرورة تصحيح مساره الآن.. وفورا فتعود الزوجة للمنل وينزل هو للعمل.. لقد أفاق "المدلل" أخيرا من غفوته بملاحقة شقيقته له.. وراح يبحث عن أي عمل يغطي به احتياجات بيته ومصاريف تعليم ابنته التي بلغت سن المدرسة. وكانت المفارقة التي وجدت فيها من العظة والعبرة ما يستحق أن أبلغه لقرائك لعل يفيق المتواكل ويكف المستهتر عن إهماله وإهدار ماله. تصوري لقد التحق ابن صديقي بالعمل في نفس المحل الذي كان يمتلكه في يوم من الأيام.. عاد إليه في هذه المرة ليس كصاحب محل بل عامل فيه وسبحانه مغير الأحوال..!! ل.ع القاهرة * المحررة: نجحت ضغوطك في تحقيق ما عجز صديقك المسن عن تقديمه لابنه الكبير حين أفرط في تدليله والإغداق عليه حتي بات عبئا عليه وعلي أم ابنته من بعده.. لكن وبحكم معرفتك بخريطة الأسرة بحثت عن الوسيط المناسب الذي بإمكانه التأثير علي هذا الابن الخانع المدلل.. ولم تجد أفضل من شقيقته الكبري لتحدثها بأن حال شقيقها بات "جد خطير"! نبهتها إلي العواقب الوخيمة التي في انتظار أخيها ما لم يسارع بتصحيح الوضع المعوج علي حد تعبيرك والذي سيدفع ثمنه إن آجلا أو عاجلا من مستقبل ابنته الصغيرة الوحيدة تلك التي ومنذ أن جاءت إلي الدنيا تكاد لا تري سوي وجه جارتها التي تمضي معها كل الوقت انتظارا لعودة أمها إليها في منتصف الليل!! و.. وتحقق الأمل بعودة ابن صديقك إلي رشده.. فخرج ليبحث عن عمل فوري يجنب به زوجته الخروج للعمل الليلي وإهمال صغيرتها. وبقدر سعادتك لنجاح شقيقته في مهمتها قدر ما كانت المفارقة التي تعطي بحق الدرس والعبرة لمن أرادوا السير علي نفس الدرب الذي سار فيه ابن صديقك حتي من الله عليه بالرجوع إلي صوابه ومعرفة دوره الحقيقي كزوج وأب.. ومثلما قلت سبحان مغير الأحوال من صاحب محل إلي عامل فيه!! تقول: حاولت يا صديق الرجل المسن فأثابك الله علي إخلاصك الكبير له وتفانيك في إسداء النصح له وسعيك للتخفيف عنه بعد أن استبدت به الحيرة والألم من أحوال ابنه الذي أفرط في تدليله وكاد يضيع منه لولا أن وضعك الله في طريقه لتكون بحق خير صديق ومعين.