توقفت من خلال متابعتي لنافذتكم أمام قصة "صديقي المسن" ووجدت فيها ما شجعني علي الحديث إليك خاصة أن الأمر يتعلق أيضا بصديق وبأبناء هذا الصديق الذين جعلوه يعيش مهموما بهم حزينا عليهم رغم انهم كبروا وتزوجوا وصاروا آباء!! كان صديقي يقدس الحياة الزوجية.. ويغدق في الانفاق علي أبنائه ما جعلهم يعيشون "هوس" الرفاهية فكل ما يحتاجونه رهن الاشارة والطلب وكيف لا ووالدهم من عائلة ثرية وسفرياته للخارج لا تتوقف أو تنقطع ودنيا الحفلات والهدايا هي عالمهم الفسيح الذي لا يعرفون غيره.. ولو بدأت بالكلام عنهم سأبدأ من الابنة الكبري وكيف تتعامل مع الحياة - كما يروي لي أبوها - دون أن تشعر بوخز الضمير وهي التي حرص علي أن تتزوج بمن يكافئوها في المستوي الاجتماعي فهو من أسرة عريقة أنجبت منه البنت والولد لكن نتيجة لتسلطها الشديد لم يدم زواجها به طويلا.. وأسرعت بالتنازل عن كل حقوقها مقابل الطلاق معتمدة في ذلك علي أملاك أبيها وأمواله التي تعلم تماما انه لن يمنعها عنها إن أرادت تكرار التجربة!! طلاقها أحزن صديقي كثيراً وهو يراها تفقد رجلا محترما من الصعب تعويضه وظن انها ستنذر حياتها من بعده للولد والبنت لكنها فاجأته بارسالهما للاقامة مع جدتهما من الأب.. وهما لا يزالان في سن صغيرة فقد قررت الزواج للمرة الثانية.. والثانية جرت وراءها الثالثة وكلتا التجربتين كان عمرهما قصيرا ولم تسفرا عن أبناء!! و.. وحين أقدمت علي الزواج الرابع رزقها الله بولدين بخلاف ولديها من الزوج الأول. زواج كاد مصيره يكون مثل سابقه والحجة جاهزة "مفيش وفاق" لكنها في هذه المرة فضلت الاستمرار ولو شكلا حتي يظهر في حياتها من تتوافق معه أما كيف يحدث ذلك وهي علي ذمة رجل ومعها منه ولد وبنت فهذا ما لا تعبأ به ولا يزعج ضميرها.. المهم راحتها.. وراحتها فقط!!.. نرجسية مقيتة من جانبها دفعت بابنتها الكبيرة إلي الهجرة بالخارج والانخراط في العمل لدرجة أنستها نفسها وحقها في الزواج.. وعلي نفس الخطي سار ابنها الكبير فالتحق بشقيقته في الخارج وصارت كل علاقتهما بها عبر "السكايب" وهواتف المحمول!! فعلت ابنة صديقي هكذا بولديها الكبيرين.. ولا ندري ما مصير ولديها الصغيرين إن انتوت الطلاق من والدهما وتزوجت للمرة الخامسة!!؟.. هل سيهربان مثل شقيقيهما للخارج أم يتجرعان حياة التشتت بعيداً عن أبويهما؟!.. صديقي يتألم علي حال ابنته التي أفسدها تدليله الزائد لها وأخوتها دون حسم منه أو شدة.. ويسألني والحسرة تملأ قلبه كيف أحميها اليوم من نفسها وهي التي تجاوزت الخمسين من عمرها؟! يسألني وأنا أحمد الله علي أنني لم أكن في يوم من الأيام مع أولادي بمثل هذا الضعف والاستسلام فرغم مروري بزيجتين فاشلتين ولأسباب قهرية بحتة لكنني لم أفقد الحسم مع أبنائي.. أتابعهم في كل شئونهم.. أشد عليهم أحيانا وأحنو أحيانا أخري. .. ولم تكن أحزان "صاحبي" في ابنته الكبيرة فحسب بل طالت ولده الأوسط أيضا الذي أري مصيبته وما اقترفه في حق نفسه وزوجته وصغيرته تفوق مصيبة شقيقته بكثير وهو ما يجعلني ألتمس منك تخصيص مساحة أخري للحديث عنه في مرة قادمة.. وكل ما أبتغيه هو تقديم الدرس والعبرة لغيره من الآباء الذين يحسبون أن بالمال وحده تتحقق السعادة للأبناء. ك . ع - القاهرة ** المحررة من حقك أن تتألم لحال صديقك وهو يشكوك فشله في تربية أبنائه وبدأت لنا بابنته الكبري التي لم يستمر لها زواجا باستثناء الزواج الأخير الذي تتقبله علي مضض حتي تأتي لها الأيام بمن تتوافق معه ولم يمنعها في ذلك أنها أم لأربعة أبناء وقبل كل هذا زوجة لرجل يأمرها الدين بالاخلاص له خاصة انها لاتزال علي ذمته لكن من أين لها بهذه الأخلاق وهي لم تعرف في حياتها سوي لغة الأرقام والعقارات وحسابات البنوك؟.. أو هكذا لم تر من أبيها أو تسمع منه حديث المصطفي "يُطبع المؤمن علي الخلال كلها إلا الخيانة والكذب". .. نعرف أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا وهو ما انشغل به صديقك في مشواره دون أن يحاول استكماله بما أوصانا به الله عز وجل بقوله تعالي في الآية 46 من سورة الكهف: "والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملاً" ومن هنا عليك أن تطمئن صديقك بأن الوقت لايزال في صالحه مع أحفاده علي الأقل فعليه أن يتقرب منهم ويغرس فيهم ما عجز عن غرسه في أبنائه من قبل فيعلمهم انه ليس بالمال وحده يحيا الانسان بل نحن إذا كنا مأمورين بأن نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبدا فمأمورون أيضا بالعمل لآخرتنا كأننا نموت غداً. وأخيراً.. أنا في انتظار ما ستحمله إليّ رسالتك القادمة عن الابن الأوسط لهذا الرجل وكيف تجاوز كل الخطوط الحمراء مما يجعله مغتصبا للقب الزوج والأب؟.. في الانتظار!