مع يقيننا بأن الموت هو القدر المحتوم الذي كتب علي خلق الله أجمعين فإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا علي فراق الزميل والأخ والصديق والمعلم الفاضل "سيد أحمد محمد" لمحزونون ولا نقول ما يغضب الله. ولكنها محبة ألقاها عز وجل في قلوب عباده فالأرواح جنود مجندة. ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف. وهكذا تمضي الحياة.. ولله من خلقه أناس كالنسائم الرقيقة. إذا حضروا سعد الناس بهم وإذا غابوا افتقدوهم. ونحسب أنه من هذه الزمرة الصالحة.. وإلي اللحظة الأخيرة من حياته لم يغادر الميدان وساحة العطاء.. فكان نموذجا للصحفي المهني التقي المحترف. الذي لا ينظر للمقابل بقدر ما ينظر لمصلحة بلده وصحيفته... يحضر للجريدة يوميا لحضور مجلس التحرير ثم الاتصال بالزملاء في المحافظات. وكان لي شرف أن ألقاه يوميا لاستلام المادة الصحفية. ولم أره يوما يصخب أو يضجر أو منفعلا ولكنه كان هادئا دمث الخلق.. يعشق العمل في صمت. عزاؤنا ان هذا هو حال وقدر العظماء والنبلاء والمصطفين الأخيار في دنيا الناس. أن يغادروا الحياة شموخا أعزة. فالأشجار تموت دائما واقفة! وأقول: إلي الله أشكو لا إلي الناس أنني.. أري الأرض تبقي والأخلاء تذهب نعم.. ما أصعب فراق الأحبة. وما أصعب نسيان.. وداعا أستاذنا العزيز.. نحتسبك عند الله من الأبرار في جنة الفردوس الاعلي مع الصديقين والنبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ونحسبك باذن الله في زمرة الانقياء ومن قال فيهم النبي صلي الله عليه وسلم: "إن لله عبادا اختصهم لقضاء حوائج الناس حببهم إلي الخير وحبب الخير إليهم هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة". كتب علينا فراق الأحبة وهذه سنة الخليقة أن تتساقط الأوراق يوما بعد يوما إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولكن ليست كل الأوراق يشبه بعضها بعضا.. وداعا "سيد أحمد محمد" صاحب الوجه البشوش والابتسامة الصادقة والكلمة الطيبة والموقف النبيل.