حددوا يوماً للاحتفال بها وكيف لا وهي أم اللغات ويكفينا منها أنها لغة القرآن.. وأهل الجنة؟ اختارت لها منظمة اليونسكو الثامن عشر من ديسمبر من كل عام ليكون اليوم العالمي باللغة العربية التي تمثل هويتنا وحضارتنا الإسلامية فهي الأيقونة التي نفخر بانتمائنا إليها ونأمل ان يحمل المستقبل القريب من المشروعات الثقافية التي تنشر الوعي بأهمية أن يحافظ كل منا علي لغته الأم ونُغير عليها مثلما يغير المواطن الألماني علي لغة بلاده ويرفض الإجابة علي أي سؤال يوجه إليه بلغة أخري غير "الألمانية"!! هكذا يفعلون هم من أجل هويتهم الثقافية وجذورهم الحضارية أما عندنا فلاتزال الجهود المقدمة للحفاظ علي لغتنا "الجميلة" جهودا محدودة في ظل التنامي في استخدام "العامية" التي ادخل عليها ابناء الجيل الجديد مفردات لم نعهدها من قبل من شاكله "ثبِت" "هيَّس" بخلاف اعادة استخدام بعض الكلمات بما يتماشي واسلوب تفكيرهم من عينة "دماغ" و"قشطة".. وهلم جرا من هذه التركيبة اللغوية العجيبة التي ان تقبلنا سماعها من الجيل الجديد فنخجل من أن تصلنا من أجيال الستينيات أو السبعينيات التي من المفترض انها نشأت علي كيفية انتقاء الألفاظ والابتعاد عن الركيك منها!! وليت "العامية" فقط التي استشرت في أحاديثنا وبعض كتاباتنا بل زاد عليها لغة الفرانكو بين شباب الفيس بوك الذي تجرأ عليها جملة وتفصيلا فاستبدل الحروف بالأرقام ولا ندري إلي أين يأخذنا هذا الاستسهال والتمادي في الانسلاخ عن مفردات لغتنا الجميلة؟ وإن كان من مقارنة بين حرص الأجيال السابقة علي اللغة وأجيال هذه الأيام فيسوق لنا الصديق الدائم أحمد جعفر كيف كان يسعي طالب دار المعلمين في الخمسينيات لتنمية مهاراته اللغوية ويترقب أي إصدار جديد حولها. ومن أبرزهم الكتيب الشهير "عثرات اللسان" الذي لم يكن ثمنه يزيد علي ستة قروش!! بالطبع شتان ما كانت عليه اهتمامات طالب الخمسينيات وطالب اليوم ازاء تراجع البرامج والفقرات الإذاعية صاحبة السبق في ذلك مثل "قل ولا تقل" التي كانت تنجو بنا من السقوط في الأخطاء الشائعة.. لكن يبقي عزاؤنا في استمرار البرنامج الأثير "لغتنا الجميلة" لشاعرنا فاروق شوشة وصوت أم الإذاعيين "صفية المهندس" وهي تعاود علينا مساء كل ليلة البيت الخالد لشاعر النيل حافظ إبراهيم: أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي.