أخيرا قرأت لجنة الخمسين الدستور المصري الجديد والذي يمثل خطوة هامة في تنفيذ خارطة الطريق وباستبعاد بعض المواد التي حدث عليها خلاف خاصة مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين ومواد النظام الانتخابي ونسب العمال والفلاحين والكوتة والتي خرجت من الدستور ليتم احالتها إلي المشرع فيما عدا هذه المواد جاءت مواد الدستور في غالبيتها جيدة وتعكس طموحات المصريين بعد ثورتين خاصة مواد المواطنة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية. فالعدالة الاجتماعية لا يعكسها الحد الأدني والأقصي للأجر فقط المساواة في الخدمات الأساسية مثل الصحة وقد نص الدستور علي تحديد نسبة من الناتج القومي الاجمالي بما لا يقل عن 3% للصحة وهذه النسبة تمثل ضعف المخصصات الحالية كما حدد نسبة 4% للتعليم والحقيقة ان التعليم والصحة هما أساس الاستثمار في البشر حيث تتوقف عليهما نهضة الأمم وتقدمها وللأسف فإن أسوأ خدمات تقدم في مصر هي الخدمات الصحية والتعليمية ولا أتوقع أن تحل مشكلتهما بمجرد النص في الدستور ولكن يتوقف ذلك علي إرادة سياسية لحكومة ثورية تؤمن عن حق بالعدالة الاجتماعية التي طالب بها الشعب بأكمله خلال ثورتي 25 يناير و30 يونيه. كما نص الدستور علي مبدأ تصاعدية الضريبة ورغم ان النص عليها في الدستور كان علي استحياء ودون تفاصيل كانت مطلوبة إلا ان تصاعدية الضريبة لاقت معارضة من جانب رجال الأعمال والقطاع الخاص وحتي وزير المالية الدكتور أحمد جلال حاول اظهار عدم حماسه لتصاعدية الضريبة عندما قال انها لا تصلح في بعض أنواع الضريبة مثل ضريبة الدمغة وضريبة المبيعات وبالطبع لم يقصد الدستور هذه الضرائب انما المقصود بالتصاعدية ضريبة الدخل. حرص الدستور بوضوح علي النص علي المساواة الكاملة بين جميع المواطنين دون النظر إلي النوع أو الديانة وعلي حقوق المواطنة وحقق للمرأة مكاسب جديدة من خلال النص علي حقها في تولي كافة الوظائف ومن بينها مناصب القضاء. بإقرار الدستور ثم الموافقة عليه من خلال الاستفتاء تكون مصر قد خطت خطوة كبيرة علي طريق الاستقرار السياسي ومن المتوقع أن يكون لذلك أثره الايجابي الكبير علي المسار الاقتصادي. رغم ذلك فما زالت هناك مخاوف تلوح في الأفق نتيجة ممارسات غير موفقة من جانب الحكومة مثل التطبيق السيء لقانون التظاهر الذي أثار العديد من القوي الثورية لما يتضمنه من نصوص تتعارض مع مطالب الحرية التي طالب بها الشعب المصري. وحتي عند تطبيق القانون من جانب وزارة الداخلية كان الأداء سيئا وأدي إلي خسارة فرق جديدة من المؤيدين للحكومة فضلا عن ثورة الطلبة. قد يكون لقانون التظاهر أهميته وهو بالفعل مطبق في كل الدول المتقدمة لكن التوقيت بالتأكيد غير مناسب لصدوره وكان يمكن أن يترك لمجلس الشعب القادم لإقراره. عموما انتهت خطوة الدستور.. "ربنا يستر علي الباقي".