عم حسان رجل فلاح يزرع الأرض وحده. ويتمني أن يرزقه الله بالأولاد الذكور حتي يساعدوه في فلاحة الأرض. لكن الله تعالي لم يرزقه إلا بنتا واحدة صغيرة الجسم جداً. فحمد الله وسماها عقلة الإصبع. اصبحت عقلة الإصبع نور عين أمها وأبيها. وذات يوم ذهب عم حسان مبكرا إلي الحقل. وأخذ المحراث البلدي لكنه نسي أن يأخذ إفطاره معه. لأنه كان متعجلا. وكان ذلك يوم الخبيز وزوجته مشغولة أمام الفرن. ولا يمكن أن تترك العجين حتي لا يفسد أو تأكله الطيور احتارت الأم كيف ترسل طعام الافطار إلي زوجها وراحت تفكر وتفكر ولا تعرف ماذا تفعل؟ استيقظت عقلة الإصبع مبكرا. ورأت أمها قلقة. فقالت لأمها ماذا يحيرك يا أمي؟ قالت الأم: أبوك ذهب إلي الحقل ولم يأخذ افطاره ولا يوجد أحد يذهب إليه بالطعام لأن العجين خمر ولا أستطيع تركه. ابتسمت عقلة الإصبع وقالت: أنا يا أمي أذهب بالطعام إلي أبي تعجبت أمها وخبطت علي صدرها وقالت مستنكرة: أنت! وضحكت من شقاوة ابنتها الصغيرة وقالت: أنت لا تعرفين الحقل. ولن تتعرفي علي ابيك في البكور. ضحكت عقلة الإصبع وقالت: يا أمي الحمار يعرف الطريق. برقت عينا الأم بلمعة الفرح والدهشة من ذكاء ابنتها وقالت وكيف تتعرفين علي أبيك في البكور. قالت عقلة الإصبع: إعطني أمارة أعرف بها أبي. أحست الأم بسرور كبير لأن ابنتها الصغيرة الحجم جدا لدرجة انها تري بصعوبة ذكية جدا ومحبة للحياة. قالت عقلة الإصبع: أركب الحمار وتعلقي صرة الطعام في رقبة الحمار وتوجهينه نحو الحقل. فعلت الأمثلما قالت لها عقلة الإصبع وجلست عقلة الإصبع في أذن الحمار. وصحبتها إلي أول الطريق. ووجهت الحمار ناحية الحقل. وارادت الأم الرجوع إلي البيت فنادت عقلة الإصبع علي أمها الأمارة يا أمي. تذكرت الأم ووقفت محتارة ماذا تقول لابنتها حتي تتعرف أبيها. وفجأة لمعت فكرة في رأسها فقالت لعقلة الإصبع: قولي لأبيك هل أنت أبي فإذا قال نعم قولي له ما إفطارك اليوم؟ فاذا قال لك علي الطعام الصحيح فهو أبوك. وكان من عادة الأم. أن تفطر زوجها طعاما مخصوصا لكل يوم من أيام الأسبوع وكان اليوم هو الجمعة وإفطاره الجبن واللبن والعسل والعيش الطري. ولا تعطيه الثوم ولا البصل حتي لا تتغير رائحة فمه. ويؤذي المصلين في صلاة الجمعة. سار الحمار علي الطريق وكلما أبطأ أو تلكأ. تتحرك عقلة الإصبع في أذنه فيسرع في طريقه وصلت أول الحقول فرأت رجلا يسوق بقرتين معلقتين في المحراث قالت: السلام عليكم.. هل أنت أبي؟ تعجب الرجل فهو يسمع صوتا ولا يري أحداً لكنه قال: نعم. قالت له: تعرف اسمي؟ لم يرد فقالت له: ما إفطارك اليوم؟ قال: خيار وجبن وبصل أخضر. قالت: أنت لست أبي. وتحركت عقلة الإصبع في أذن الحمار فتحرك الحمار وظل سائرا في الطريق وكلما مرت علي أحد تسأله الأسئلة نفسها حتي وجدت رجلا يحرث الأرض فقالت: تعرف اسمي؟ ابتسم الرجل فقد عرف الحمار وعرف عقلة الإصبع من صوتها وقبل أن تسأله عن الفطور قال لها: جبن ولبن وعسل.. فرحت عقلة الإصبع وقالت له: أنت أبي حقاً. فأنزلها برفق وأفطرا معاً. والفرحة تملأ الدنيا من حولهما.