* يسأل أشرف الحوفي بطل كمال أجسام: ما رأي الدين في أولئك الذين تركوا أعمالهم بحجة أنهم متوكلون علي الله.. وأن الله ما خلقهم إلا لعبادته.. فهل هذا تواكل.. أم توكل؟! ** يجيب الشيخ فوزي أحمد عباس إمام وخطيب مسجد البحاروة قوص قنا : ان هؤلاء النفر لم يفهموا معني التوكل والذي يفعلونه ليس توكلاً فالتوكل علي الله عمل جاد في الحياة وثقة في الله وجهاد وكسب وسعي أما التواكل فإهمال وتخاذل وفشل ونوم فلو تكاسل الرجل وجلس في بيته أو لاذ بالصحراء فراراً من العمل فهذا ليس من الدين وهذا ما نهي عنه رب العالمين وفي الوقت نفسه لم يفقه الدين.. وهذا رجل تكاسل عن العمل وقعد عن أسباب الرزق في عهد أحمد بن حنبل ولما سأله الإمام عن سبب كسله وخموله قال نظرت في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يقول "لو توكلتم علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تعدو خماصاً وتروح بطاناً" فتوكلت علي الذي يرزق الطير فقال له الإمام: انك لم تفقه الحديث فقد ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم أن للطير غدواً ورواحاً في سبيل الرزق ولو قعدت الطير ولم تطلب الرزق ما كان يأتيها فعلي المرء منا أن يأخذ بالأسباب وأن يسعي وأن يجد ويكافح وفي الوقت نفسه يعتمد علي الله ويفوض أمره إلي الله وقد قال الله تعالي "وعلي الله فليتوكل المؤمنون" فالتوكل من لوازم الدين التوكل علي الله يظهر في عمل الفلاح حين يحرث الأرض ويبذر الحب ويسقي الزرع ثم ينتظر الرزق من الله يظهر في عمل الصانع حيث يتقن صنعه ويطلب من الله ربحها ويظهر في عمل التاجر حيث العرض ويطلب من الله الكسب ويظهر في عمل الطالب حين يستذكر دروسه جيداً ويستعد للامتحان ثم يطلب من الله التوفيق والنجاح ويظهر التوكل علي الله عندما يطلب المريض الشفاء من الله وهو يتناول الدواء ويظهر في عملك حين تدخل دارك وتغلق عليك بابك وأنت تعتقد أن الذي يحفظك ويرعاك ليس هو الباب وإنما هو رب الأرباب ومسبب الأسباب جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله تركت ناقتي علي باب المسجد أأعقلها أم اتركها وأتوكل علي الله قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "اعقلها وتوكل" وفي غزوة بدر نزل رسول الله صلي الله عليه وسلم والمسلمون في مكان قريب من ماء بدر فقام الحباب بن المنذر وقال يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلك الله إياه فليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "بل هو الرأي والحرب والمكيدة" فقال الحباب ان هذا ليس بمنزل وطلب من رسول الله أن يسير بأصحابه حتي يأتي أقرب مكان في الماء الذي يجاور القوم ثم يهدموا الآبار الأخري فنقب ماؤها ولا يستطيع أن ينتفع بها فيشرب المسلمون ولا يشرب الأعداء فأخذ رسول الله برأي الحباب وهو بهذا قد أخذ بأسباب النصر: والتوكل علي الله زاد المؤمنين في الحياة يثبتهم عند الفزع والمؤمنون يجدون في توكلهم علي الله راحة نفسية فإذا أصابهم خيراً أو شر حمدوا وشكروا وصبروا لعلمهم أن كل شيء بيد الله المؤمن لا يعتمد إلا علي الله ولا يعتمد علي مخلوق لأنه ضعيف وإن كان ولياً مقرباً ولا يطلب حاجته إلا من الله فالله يعطي بغير حساب والناس يشحون ويبخلون فشأن المتواكل شأن من يطلب الآخرة بغير عمل ويؤخر التوبة بطول الأمل وشأنه شأن من يطلب الدنيا بغير كد أو سعي فالتواكل صفة غير مستحبة وضعف عزيمة وعلي بصر المتواكل غشاوة وهو عبء علي مجتمعه.