احتفلت سلطنة عُمان أمس 18 نوفمبر بالعيد الوطني الثالث والأربعين حيث تتوج هذا العام انجازات 43 سنة منذ تولي السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان مقاليد الحكم وعلي مدارها تتابعت انجازات ومتغيرات هائلة. احتفالات هذا العام بالعيد الوطني تميزت بملامح إبداعية مبهرة اكتست بطابع عربي يعكس الدور الثقافي المهم للسلطنة الذي لاتنحصر إشعاعاته داخل حدودها إنما تنطلق منها عابرة للقارات لتغمر دولاً عديدة في مختلف أنحاء الكرة الأرضية. في هذا الإطار تم إعداد برنامج حافل لفعاليات متنوعة إلا أن تنفيذها لايقتصر علي أيام وليالي فترة الاحتفالات بالعيد الوطني فحسب. إنما يتواصل علي مدار عدة أسابيع .كما تتوالي العديد من الفعاليات الأخري طوال شهور العام سواء في السلطنة أو في العواصم العربية والعالمية تأكيداً علي الاهتمام بالانفتاح علي ثقافات الشعوب وتفعيل حوار الحضارات من جهة. الي جانب تجديد التراث والمحافظة عليه من جانب آخر. علي سبيل المثال لا الحصر تتابعت علي مدار الأسابيع القليلة الماضية العديد من الاحتفاليات التي ترقي الي أن تعد مهرجانات حاشدة. لقد ترددت أصداؤها ما بين أمريكا و استراليا. مرورا بإسبانيا. و روسيا وأخيرا وليس آخرا في فرنسا. وعبر البحار والمحيطات وفي شواطئ المدن الساحلية الشهيرة واصلت السفينة شباب عُمان رحلاتها التي تتحول خلالها إلي مركز إعلامي ومتحف عائم في كل مدينة تزورها أو ميناء ترسو عليه. ولقد كانت موانئ أوروبا أبرز محطاتها خلال شهر سبتمبر الماضي الذي شهد عودتها إلي ارض الوطن بعد جولة طويلة استغرقت عدة شهور. نتيجة لكل ذلك تسهم السلطنة في تفعيل ما يصفه المحللون السياسيون بالدبلوماسية الثقافية التي تؤدي إلي تحقيق المزيد من التقارب ما بين أبناء البشرية. من هنا يتكامل هذا الدور مع جهودها علي أصعدة السياسة الخارجية والتي يعقد السلطان قابوس في إطارها لقاءات قمة مع القادة والزعماء العرب والعالميين الذين يصغون جيدا الي أفكاره ومقترحاته و مبادراته الايجابية التي تسهم بدور كبير في دعم السلام والاستقرار الإقليمي و الدولي. احتفاليه ضخمة في عاصمة النور تأكيدا علي هذه الحقائق استضافت العاصمة الروسية هذا العام فعاليات الأيام الثقافية العمانية التي أقيمت علي مدي أربعة أيام في القاعة الكبري لمركز موسكو الثقافي التابع لوزارة الخارجية بروسيا الاتحادية. حيث حفلت بزخم من المحاضرات والمعارض التي نقلت جوانب من المشهد الحضاري العماني إلي الشعب الروسي. كما تتجه أنظار الأوروبيين حاليا صوب باريس لمتابعة حدث ثقافي بالغ الأهمية اختطف توهج أضواءه الأبصار فقد شهدت العاصمة الفرنسية احتفالية ضخمة بمناسبة افتتاح فعاليات معرض عمان والبحر الذي يقام بالمتحف البحري الوطني الفرنسي ويستمر حتي شهر يناير من العام المقبل. أكد السلطان قابوس علي أهمية المعرض مشيراً إلي أن الهدف الأساسي من تنظيمه هو إبراز قيم التسامح والتواصل والحوار الحضاري والاحترام المتبادل والتعاون الإيجابي التي تقوم عليها العلاقات العمانية الخارجية علي مر العصور. وأوضح في كلمته. التي تصدرت الكتاب التعريفي المصاحب للمعرض. أن فعالياته تستهدف أيضا التأكيد علي أهمية الإسهام في المحافظة علي التراث الإنساني وتنوعه. ونشر المعرفة وتعميق التلاقي و التفاهم بين الحضارات. كوكبة من المؤرخين والفنانين والأدباء والنقاد علي ضوء كلمات السلطان قابوس تحولت أنظار المثقفين - منذ أيام - من باريس نحو مسقط حيث شهدت حدثاً مهما تمثل في إعلان أسماء الفائزين بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب - 2013 في ثلاثة مجالات وهي قضايا الفكر المعاصر والموسيقي والشعر العربي الفصيح. ومن المقرر إقامة احتفالية ضخمة لتكريمهم. تم إنشاء الجائزة انطلاقاً من الاهتمام بتشجيع المبدعين وتأكيدا علي الدور التاريخي لسلطنة عُمان الذي يعكس حرصها علي الإسهام في نشر الوعي الثقافي ودعم المثقفين والفنانين والأدباء المتميزين. ضمت لجان التحكيم كوكبة من المؤرخين والفنانين والأدباء والنقاد. والأكاديميين والمتخصصين في مجالات الدورة يمثلون المدارس النقدية المختلفة وقد بذلوا جهودا مكثفة لاختيار أفضل المتقدمين. من مصر فاز الموسيقار أمير عبدالمجيد الملحن الموسيقي بالمعهد العالي للموسيقي بجائزة السلطان قابوس التقديرية للثقافة والفنون والآداب في الفنون. و تبلغ قيمتها مائة ألف ريال عماني. كما حصل علي وسام السلطان قابوس للثقافة والعلوم والفنون والآداب. و تم منح الجائزة في الشعر العربي الفصيح- مجال الآداب - للشاعر سيف بن ناصر الرحبي رئيس تحرير مجلة نزوي العمانية و تبلغ قيمتها مائة ألف ريال مع وسام السلطان قابوس للثقافة والعلوم والفنون والآداب. أما في مجال قضايا الفكر المعاصر فقد نال الجائزة الدكتور عبد الإله بلقزيز أستاذ الفلسفة والفكر العربي والإسلامي بجامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية عن مجال الثقافة وتبلغ قيمتها مائة ألف ريال أيضا مع وسام السلطان قابوس. ثلاثة مجالات رئيسية كانت الساحة الثقافية علي امتداد الوطن العربي قد شهدت في السنة الماضية حدثا مهما انطلاقا من سلطنة عُمان حيث تم الاحتفال بتأسيس الجائزة التي تعد الأحدث والأهم والأعلي قيمة علي مستوي الأمة العربية قاطبة. وتقرر تقديمها في عدة محاور تشمل كافة الجوانب الثقافية. لاسيما وأن نطاق التباري عليها يمتد ليسع أيضا العلوم الإنسانية. كما يتنافس علي نيلها جميع المبدعين باللغة العربية يتكون مجلس أمناء الجائزة من نخبة من الشخصيات البارزة في مقدمتهم الدكتور علي بن محمد بن موسي رئيسا. والدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام نائبا لرئيس مجلس الأمناء. وحبيب بن محمد الريامي أمين عام مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم أمينا للسر. عقب الإعلان عن إنشاء الجائزة دشن الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام نائب رئيس مجلس الأمناء موقعها الإلكتروني. ووصفها بأنها علامة فارقة في تاريخ الثقافة العمانية. وكانت حلما طال انتظاره. لكنها أصبحت اليوم حقيقة واقعة. وهي فخر لجميع المثقفين والأدباء والفنانين في السلطنة. وأضاف أن عُمان بلد زاخر بالمبدعين في العديد من المجالات. وهي بلد عريق بحضارته. وسياقاته التاريخية والجغرافية. ولذلك فإن الجائزة وفي هذا التوقيت ستضيف الكثير للمشهد الثقافي محليا وعربيا. معرض للكتاب تتميز الحياة الثقافية في السلطنة بالثراء و التنوع. وتعد دار الأوبرا السلطانية - مسقط إحدي قلاع النشاط الفني حيث تشهد مجموعة من العروض العالمية الشهيرة . كما تستضيف سلطنة عُمان هذا العام اجتماعات المكتب الدائم لاتحاد الأدباء والكتاب العرب التي تبدأ يوم الأحد المقبل و تستمر حتي الثامن والعشرين من نوفمبر. تم الاستعداد لذلك التجمع رفيع المستوي من خلال حزمة من الأنشطة أعدتها الجمعية العُمانية للأدباء والكتاب. تقام احتفالية الافتتاح تحت رعاية السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة. وتشهدها شخصيات ثقافية وأدبية بارزة من الوطن العربي يتجاوز عددهم ثلاثة وستين شاعراً وأديباً ومفكراً. إلي جانب رؤساء جمعيات الكتاب والأدباء في الدول العربية. وفي مقدمتهم الكاتب الصحفي محمد سلماوي الأمين العام للاتحاد. و يحل الأديب الفرنسي جان شيفرييي الأستاذ بجامعة السوربون رئيس جمعية الكتاب الفرنسيين. والأمينة العامة للجمعية كضيفي شرف. تشارك في فعاليات الاجتماعات أيضاً مجموعة من المؤسسات الثقافية العمانية. كما سيتم في إطارها تنظيم معرضي للكتاب. يحوي أبرز المؤلفات الرائدة في مجالات التراث والأدب والتاريخ والدراسات. إضافة إلي إصدارات جيل الشباب. يتزامن أيضاً مع الاجتماعات تنظيم عدد من معارض الفنون التشكيلية والتصوير الضوئي التي تستهدف تقديم رصد دقيق لتفاصيل الحياة في السلطنة. في مزجي رائع بين ألوان الفن وبهاء الطبيعة ورقي إبداعات الإنسان. عبر مشاركة نخبة من الفنانين أعضاء الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية وجمعية التصوير. كما يتم أيضا تنظيم معرض للرسوم الكاريكاتيرية مخصص للوجوه البروفايل . كما أنه من ضمن الأحداث البارزة التي تواكب اجتماع المكتب الدائم للاتحاد الاحتفال بتسليم "جائزة القدس " ويتم منحها كل سنة لكاتب عربي عن مجمل أعماله الإبداعية أو البحثية التي تفاعلت مع القضية الفلسطينية. من جانبة أكد الكاتب الصحفي القدير محمد سلماوي أنها تعد أرفع تكريم يقدمه الإتحاد كل سنة. وقد فازت بها هذا العام الروائية المغربية خناتة بنونة.