1- وقع المفاجأة..!! موت أمه لم يحرك فيه ساكنا. حتي الدمعات تحجرت في عينيه. وقف يصافح الناس. ويستقبل التليفونات متقبلا العزاء في أمه بكل قوة وصلابة. كل هذا وأكثر منه جعل الحاضرين ينظرون إليه في تعجب شديد. فجميعهم يعلم البعيد منهم قبل القريب معزة أمه عنده. والدليل واضح ومعروف وملموس لدي الجميع فقد باع ما يزيد علي نصف أملاكه حتي تشفي أمه من مرضها. أو علي الأقل تتوقف آلامها المستمرة التي كانت بمثابة سكاكين تمزقه ليل نهار علي حد قوله. ورغم كل هذا وقع موت أمه كان شيئا عاديا وكأنه كان ينتظره منذ فترة طويلة لقد خاب ظنهم بعدما اعتقدوا جميعا أن بموت أمه يموت معها. - لقد تألمت كثيرا في دنياها ولهذا هي تجري مسرعة نحو قبرها. قالها أحد رجال القرية لجاره السائر بجواره عندما وجد "النعش" يهم مسرعا والناس من خلفه يمدون الخطي. العيون.. كل العيون.. لم تفارقه لحظة واحدة.. تترقب حركاته.. ينتظرون ما بين اللحظة والأخري بكاء أو نحيبًا أو علي الأقل سقوط دمعات قليلة تدل علي حزنه. - ادعو للمتوفاه فهي الآن تسأل. قال الشيخ الضرير. عقب كلمته القصيرة. عم الهدوء المكان بأثره. أكف الضراعة راحت ترتفع.. خرجت كلمات الرحمة والمغفرة في همس تتسابق.. صاعدة إلي السماء.. - آه ه ه ه ه التفت الجميع إلي مصدر الصوت.. قالها الابن في حرقة ثم سقط مغشيا عليه. 2- ضحكات وترقب..!! في ذهول من الحاضرين دخل الطفل وفي يده قطة صغيرة ترتجف من شدة البرد. تخرج أنفاسها بصعوبة بالغة. اختفي الطفل عن أنظارهم للحظات. وعاد بفوطة وسكين. بسط الفوطة علي رجليه وأجلس القطة وفي بطء شديد راح يقطع الحبل المقيد برقبتها توقفت رجفات القطة بعد أن جفف الماء من فوق جسدها كطفلة صغيرة ووضعها الطفل داخل الفوطة واختفي مرة ثانية عن الأنظار عاد سريعا وفي يده طبق مملوء عن آخره بالطعام ضحكات الأم والأبناء راحت تتعالي. الطفل يضع الطعام داخل فم القطة والقطة بدورها تمسح يده برأسها. - لماذا لا تضحك مثلنا..؟! ألم يعجبك هذا المشهد..؟! مبتسمة قالتها الزوجة لزوجها الجالس فوق الكنبة يترقب المشهد عن قرب في قلق شديد. رماها بنظرة خاطفة دون أن يتفوه بكلمة واحدة. وعاد يحدق في القطة وطفله الذي نجح في أن يخلصها من يد أطفال الشارع. القطة قد أتت علي طبق الطعام كله. انتفضت كديك يشعر بالزهو والكبرياء. فرحا.. مد الطفل يده يداعبها انقضت عليه بأظافرها لتتعالي صرخاته وأسرعت هاربة خارج البيت في أسي وحزن هز الأب رأسه هزات خفيفة وهو يقول في همس: - تماما كما فعل معي "صادق الصادق" الصديق الصدوق.