في شهر مارس 1919 اندلعت أحداث الشغب والتدمير لخطط السكك الحديدية.. وعاني المسئولون كثيراً لأنهم في كل يوم يكتشفون تدميراً في مكان ما إما في محطة أو في قاطرة أو للقضبان الحديدية وتقول الوثائق البريطانية التي نشرها الدكتور عبدالرحيم مصطفي في مجلد ثورة ..1919 أنه في 13 مارس تم قطع الخط الحديدي بين طنطا وتلا ثم تبع ذلك قطع وتدمير اسلاك البرق وقضبان السكة الحديد في مواقع كثيرة.. بالإضافة إلي ماقام به عمال العنابر من اتلاف مفاتيح قضبان السكة الحديد وقطع بعضهم الخط الحديدي بالقرب من امبابة ولهذا تعطلت جميع قطارات الوجه القبلي. وكانت الأسباب التي دفعت المتظاهرون وغيرهم إلي تعطيل الخطوط الحديدية وايقاف الحركة هو أن القطارات تقوم بنقل جنود الاحتلال واستغلال تحركاتهم ضد المواطنين وانهمكت سلطات الاحتلال في اصلاح الخطط وكان أول خط تمت اعادته هو خط كوبري الليمون المطرية ثم خط حلوان.. ووضعت السلطات في القطارات جنوداً مسلحة لحراستها ذهاباً وإياباً.. ثم بدأت القطارات تسير في غير انتظام إلي الإسكندرية وبورسعيد فقط واذاعت السلطة العسكرية أن قطاراً قام في الساعة الرابعة والربع مساء يصل إلي محطة بنها "45 كم" في الساعة العاشرة أي انه قطع المسافة في ست ساعات وقام قطار آخر من الإسكندرية فوصلها في اليوم التالي ووصف سائق قطار قادم من الإسكندرية أن القطارات تتحرك بسرعة علي مهل لأن القضبان كانت لا تتحمل إلا الحركة البطيئة.. وهكذا كانت خطوط الوجه البحري غير منتظمة وبطيئة.. أما خطوط الوجه القبلي فظلت مقطوعة أكثر من 15 يوماً.. والغريب أن السلطات منعت السفر علي الخطوط التي أعيدت إلا بتصريح منها.. وألصقت علي جدران محطة القاهرة إعلاناً أن السفر يتم بترخيص وبجوازات سفر مؤشر عليها بما يفيد الموافقة علي السفر وذلك علي خطوط الإسكندرية وبورسعيد والسويس والإسماعيلية فقط كما صدرت الأوامر بمنع الدخول إلي المحطات خشية أعمال التخريب واستمر الوضع هكذا طوال شهر مارس والنصف الأول من ابريل. هذا ما حدث عام 1919 في السكك الحديدية وكانت كلها أعمال موجهة ضد الانجليز وقد حققت الهدف حيث أصابت المحتل بالذعر والخوف. وكأن التاريخ يعيد نفسه ولكن مع الفرق بأن ما حدث سنة 1919 كان موجهاً ضد الانجليز أما ما حدث بعد فض اعتصام رابعة العدوية فقد كان موجهاً ضد كل المصريين.. وقد تم وصفها بأنها أعمال تخريب متعمد القصد منه زعزعة الاستقرار والأمن. وبعد أكثر من شهرين عادت القطارات لتسير إلي الوجه البحري.. أما خطوط الوجه القبلي فمازال أمامها وقت لاستئناف حركتها.