كانت مصر في حالة غليان أثناء ثورة ..19 كل الفئات أضربت وتظاهرت.. وعمت الفوضي جميع أرجاء مصر نتيجة الاحتلال البريطاني وفرض الحماية البريطانية علي البلاد. وفي يوم السبت 15 مارس 1919 أي بعد أسبوع من اندلاع شرارة الثورة وقيام المظاهرات لتشمل جميع الفئات قام عمال السكة الحديد وكان يطلق عليهم في ذلك الوقت عمال العنابر.. بإضراب واسع تعطلت فيه القطارات وتم إتلاف مفاتيح القضبان الحديدية وقطعوا الخط الحديدي بالقرب من إمبابة. فتعطلت قطارات الوجه القبلي. وحاولت السلطات تهدئة العمال وإقناعهم بالعودة إلي أعمالهم. ولكن محاولاتهم فشلت. بل إنهم قاموا بمظاهرات في شوارع السبتية وزنانيري. وأرسلت السلطة العسكرية البريطانية بعض أفراد القوات المسلحة إلي حي السبتية وإلي العنابر لحفظ النظام وأغلقت مداخل ومخارج الشوارع ومنعت المارة والسكان من التردد علي هذه المنطقة إلا بموجب تصريح يتم الحصول عليه من القيادة العسكرية.. وأنذرت كل من يحاول دخولها دون تصريح بتوقيع العقاب الذي يتراوح بين الحبس والجلد. ولم تكتف السلطات البريطانية بذلك. بل وضعت قوات من الفرسان علي أبواب الشوارع والدروب والحارات من شارع قصر العيني إلي شوارع الشيخ ريحان والداخلية والانشا ووزارة الأوقاف وباب اللوق. واستمرت أعمال القمع فأصدرت سلطات الاحتلال قرارات بأن يكون السفر بالسكة الحديد إلي الإسكندرية والإسماعيلية وبورسعيد والسويس بموجب ترخيص يحصل عليه المسافر أولاً. وهكذا كانت الأحوال في ظل ثورة 1919 ضد الانجليز وضد المحتل. وهكذا فعل المحتل البريطاني مع المواطنين المصريين!!.. وفرض عليهم التحرك من مكان لآخر بموجب تصريح أو بموافقة رجال الأمن الانجليز الذين وقفوا علي مداخل ومخارج الشوارع. والغريب أن هذه الإجراءات تكررت مرة أخري بعد ثورة 25 يناير.. حيث تم تشكيل لجان شعبية من الشباب وأقاموا المتاريس ومنعوا المرور لإخوانهم المصريين إلا بعد تقديم إثبات الشخصية والتأكد أنهم من سكان المنطقة. أو العاملين فيها. لقد كانت الفوضي التي عمت الشوارع مبعث شك لهؤلاء الشباب.. الذين اندست بينهم عناصر مشبوهة لتثير الفتن والاحتقان بين أفراد الشعب. وهكذا تلعب الفوضي دوراً كبيراً في ثورات الشعوب.. إما إيجاباً كما حدث في ثورة 1919 أو سلباً كما حدث بعد ثورة 25 يناير. علي الأقل حتي الآن.