علي الرغم من اقتراب شهر الانتصارات. شهر أكتوبر من نهايته فان الكرنفالات والاحتفالات مازالت تتألق في القاهرة وعدد من المحافظات النشطة كالشرقية ودمياط والفيوم والدقهلية والقليوبية. بهذه المناسبة. فالفرحة بانتصار أكتوبر هذا العام فرحة مزدوجة. ولأول مرة تتحول الي احتفالات جماهيرية يشارك فيها الشعب بنفسه في الميادين والقري والنجوع لا الحكومة ووسائل الاعلام الرسمية وحدها.. فالنصر هذا العام يمر بذكراه الأربعين. ثم يتواكب مع نصر سياسي وثوري آخر. هو تحرر مصر من عصابات التطرف والارهاب بعد 30 يونيه والبدء في وضع دستور ثوري يليق بمصر.. وجاءت مشاركة حشود الشعب بالملايين في هذه المناسبة كدعم جديد لجيش مصر الذي لا يحمل ولاء الا لمصر. ورفع راية الاستقلال الوطني من جديد علي يد قائده الفريق أول عبدالفتاح السيسي وسائر قيادات قواتنا المسلحة الوطنيين الشرفاء. علي المستوي الثقافي كان من أبرز هذه الاحتفاليات ما قدمه فرع ثقافة القاهرة برئاسة د. محمد زيدان من ندوات حول نصر أكتوبر والتمهيد له في حرب الاستنزاف التي لم تنل حقها من تسليط الضوء عليها. بالرغم من أنها كبدت العدو الصهيوني خسائر فادحة في الأرواح والمعدات طوال ثلاث سنوات. بعد ان التف الشعب حول الزعيم عبدالناصر. رافضاً نكسة 1967 وكل ما سعي الصهاينة وأمريكا والغرب من ورائها. بتركيع مصر. وإبعادها من محيطها العربي ودورها القيادي العالمي. هذا ما أشار إليه المتحدثون في ندوة أقامها فرع ثقافة القاهرة بقصر ثقافة روض الفرج. وقدمها د. محمد زيدان. وأدارها حمدي عبدالرازق وتحدث فيها صبري أبوعلم بصفته أحد أبطال نصر أكتوبر ومشاركاً في حرب الاستنزاف. وكذلك محمد الشافعي كمؤرخ لأعمال البطولة الشعبية التي سجلها أبناء منطقة القناة. الندوة الاحتفالية التي أقيمت بالتعاون مع الادارة المركزية للبحوث والدراسات برئاسة مسعود شومان حظيت بشهادة من اللواء مصطفي أبوسديرة أحد أبطال نصر أكتوبر وحرب الاستنزاف. وتناول موقعة "الجزيرة الخضراء" هذه المنطقة المعزولة في وسط البحر. ومحاولة الصهاينة الاستيلاء عليها. وصمود الجيش المصري بها.. رغم قلة العدد والعتاد.. حتي تمكن من دحر قوات الصهاينة وقتل وأسر منهم أعداداً كبيرة. وتعرض الشاعر صبري أبوعلم لكفاح القوات البحرية- التي كان يعمل بها- وصمودها في وجه هزيمة 1967. بل وتوجيهها عدة لطمات لأسطول العدو. واغراق بعض قطعه البحرية بوسائل قتالية جديدة رغم بساطتها. تناولت الاحتفالية كذلك دور بعض الابطال المجهولين في حرب أكتوبر وتجاهل الاعلام الرسمي لهم علي مدي ثلاثة عقود. لصالح فرد واحد فقط هو حسني مبارك.. أما قائده ورئيسه في القوات المسلحة الفريق سعدالدين الشاذلي. فقد تم طمس دوره وكفاحه وبطولاته حتي أنصفه الشعب أخيراً بعد ثورة 25 يناير.. ومن هؤلاء الأبطال المجهولين هناك الرائد طيار ضياء الدين يحيي الحفناوي الحاصل علي نجمة سيناء وقد أسقط 7 طائرات فانتوم واسكاي هوك للعدو. بطائرته الميج السوفيتية غير المتكافئة مع الطيران الغربي الحديث.. وتم كذلك إغفال دوره البطولي هذا. واسقاطه لعدد قياسي من طائرات الأعداء. حتي لا يذكر الناس سوي "صاحب الضربة الجوية الأولي"!! كما أكد المتحدثون في الندوة. الندوة التي توقفت كذلك عند دور الشهيد اللواء عبدالمنعم رياض. سبقها افتتاح معرض للفن التشكيلي لعدد من مبدعي فرع ثقافة القاهرة يصور بطولات أكتوبر.. واختتمت بحفل غنائي لفرقة الموسيقي العربية بقصر روض الفرج. حيث قدمت عدداً من الأصوات الغنائية المجيدة. وبعض القصائد والأغاني الوطنية. وكذلك الأغنية الشهيرة والجديدة "تسلم الأيادي" التي تعرب عن حب الشعب وتقديره لقواته المسلحة. ..وفي محافظة الشرقية قدم أبطال نصر أكتوبر شهاداتهم الميدانية. وتحدثوا عن أدوارهم في هذه الحرب. وقبلها في حرب الاستنزاف التي وضع خطتها جمال عبدالناصر. ومهدت للنصر العظيم في أكتوبر. جاء ذلك في احتفالات أقيمت بقرية برمكين وفي ديرب نجم. واتسمت بالشكل الشعبي. فهي لم تكن مقامة من جهة رسمية أو حكومية. بل من عامة المواطنين. من فلاحين وعمال وحرفيين وسائر فئات الشعب في كل من برمكين وديرب نجم. الاحتفاليتان اللتان قدمهما الروائي أحمد عبده شهدتا حضوراً كبيراً لرموز من أبطال أكتوبر. وحضوراً جماهيرياً بالآلاف من المواطنين الذي أطلقوا الأغاني الوطنية المرتبطة بالنصر وبأيام الصمود أثناء الاستنزاف وكذلك أغنية "تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي" التي انطلقت لا من موقع الاحتفالات فقط. بل من معظم البيوت والأماكن العامة والأفراح الشعبية!! من الأبطال الذين حضروا الاحتفالات الشرقاوية إبراهيم عبدالعال الذي دمر 20 دبابة للعدو. واللواء حاتم عبداللطيف الذي تحدث عن ذكرياته ودوره في معارك الدفرسوار والمزرعة الصينية. وعرض ضابط الاستطلاع سعد زغلول ما استولي عليه من العدو. خاصة الخرائط وبعض الوثائق ومتعلقات الجنود الصهاينة.. وتحدث اللواء ابرااهيم فلاح ضابط الاستطلاع عن دوره قبل الحرب وأثناءها. تحدث أحمد عبده- في احتفالية ديرب نجم بحضور صلاح رشاد رئيس المدينة- عن معارك الاستنزاف وعن تماسك اللحمة الوطنية داخل المؤسسة العسكرية المصرية. كمؤسسة وطنية من الطراز الأول.. فقد كان العميد فؤاد عزيز غالي قائداً للفرقة 18 مشاة في الجيش علي شمال الجبهة في الحرب. والعميد يوسف عفيفي كان قائداً للفرقة 19 مشاة في الجيش الثالث علي يمين الجبهة .. كما ان مخترع مدافع الماء التي اخترقت الساتر الترابي لخط بارليف هو المقدم باقي زكي يوسف.. وكان العميد شفيق متري سدراك من أوائل من استشهدوا في الحرب.