بعد 25 يناير وبينما كنا نعيش لحظات الثورة وهي في قمة السخونة والإثارة كنت أرفض بشتي الطرق مجرد الحديث عن عودة النشاط وخاصة كرة القدم.. وبعد مرور أكثر من عامين وبينما نحن علي أبواب كأس العالم تمنيت تحقيق هذا الحلم ورأيته هدفا يتعدي بكثير مجرد إنجاز في كرة القدم.. بل سيحقق لمصر أشياء نحن في حاجة إليها في هذا التوقيت. واليوم أعود وأعتذر وأؤكد عودتي من جديد لما بعد 25 يناير.. لم أعد أري في حلم المونديال ما كنت أراه خلال الأيام الماضية.. بل رأيت دماءً تسيل ودموعًا كالسيول تنهمر من العيون في كل مكان رأيت قتلي في شوارع مصر وفي سيناء.. رجالا ونساء وشيوخا وجنودا لا ذنب لهم في شيء. رأيت حزنا يكسو الكثير من البيوت.. حزنا يخفيه كل العاملين في فضائبات مصر الذين يحاولون إظهار الأمور وكأنها طبيعية وكأن الأسر المصرية تعيش أسعد أيامها.. الفضائيات المصرية تبث مشاهد من أماكن عديدة ولقاءات غير مفهومة وحوارات تسير في اتجاه واحد لتظهر موقفا وتغيب موقفا آخر. وأمام كل المواقف وأمام الدماء والدموع والحسرة وساعات بناء الدستور المصري وتردي بعض الأوضاع في مصر أجدني بلا ضمير عندما أنتظر مثل هذه الفرحة وسط هذه الأحزان. فرحة إنجاز في كرة القدم هي متعة بريئة ننجذب إليها جميعا.. ولكن بات علينا أن نعرف متي يحدث ذلك.. متي نفرح فرحة جماعية ومتي يفرح كل منا في غرفه المغلقة.. فنعلم أن الفرحة التي تعم الجماعة هي فرحة زائفة طالما أن جماعة أخري تئن وتبكي وتتألم.. جماعة شاب قتل في مظاهرة وجماعة عسكري قتل علي الحدود.. المهم أن القتل مستمر والدماء تسيل ونحن نبحث عن فرحة بلوغ مونديال البرازيل. من هنا فإنني أقدم اعتذاري لكل أسرة تتألم وأقدم اعتذاري لكل أسرة تنتظر فرحة الوصول للمونديال فلست باحثا عن نكد أو مزيد من الألم ولكني أعيش واقعا يصعب علي شخص ضعيف مثلي أن يتخلص منه بسهولة أو ينزوي بعيدا عنه.. وعموما هذا انطباع شخصي ورؤية خاصة.. قد يكون هناك من يدعمها أو يرفضها.. ولكن الآن أشعر بارتياح.