كلما مرت ذكري أكتوبر وانتصاراته عادت إلي ذاكرة البطولات والأمجاد التي حققها أبناء مصر البواسل.. وهذه صورة من المعارك التي انتصرت فيها الوطنية المصرية علي الجيش الإسرائيلي.. معركة قتالية شرسة بالمدرعات تم فيها تدمير 73 دبابة إسرائيلية خلال 45 دقيقة.. وقام النقيب يسري عمارة ابن بورسعيد بأسر العميد عساف ياجوري قائد اللواء 190 مدرعات بعد معركة حامية الوطيس.. وكرمه الرئيس السادات بمنحه وسام النجمة العسكرية وأنواط متعددة من الرئيس السابق مبارك. يروي العميد يسري عمارة وقائع اليوم التاريخي فيقول: اليوم كان الاثنين 8 أكتوبر 1973 وهو اليوم الثالث للمعركة والذي أسمته إسرائيل بالاثنين الحزين لكثرة خسائرها. في صباح هذا اليوم وفي منطقة شرق الفردان شمال الإسماعيلية كانت الفرقة الثانية مشاه شرق القناة تتحرك في اتجاه العمق الشرقي لكسب الوقت والأرض قبل وقف اطلاق النار.. مجموعة الاستطلاع الخاصة بالفرقة الثانية.. أضاف أبلغت العميد حسن أبوسعدة قائد الفرقة أن هناك قوات إسرائيلية تتقدم باتجاه الفرقة وتستعد للقيام بهجمة مضادة في محاولة لدحر قواتنا وإعادتها إلي الضفة الغربية للقناة في محاولة لتعزيز نقطة الفردان القوية والحصينة والتي لم تسقط حتي اليوم الثالث للقتال.. أمر القادة المصريون أن تستمر في التحرك للأمام والقادة هم: العقيد محمد المصري قائد اللواء 120 مشاه والعقيد محمد صابر زهدي قائد اللواء 117 مشاه ميكانيكي والعقيد محمد الحديدي اتفقوا علي عمل مربع ناقص ضلع أو جيب نيراني ملخصه تقدم اللواء الرابع يمينا واللواء 12 يسارا واللواء 117 نسق ثاني في الخلف وصممنا علي دخول المدرعات الإسرائيلية هذا الجيب لتركيز جميع الأسلحة الرئيسية به.. وفعلا بلع الإسرائيليون الطعم.. ودارت أشرس معركة للمدرعات في تاريخ الحروب الحديثة لأننا تمكنا من السيطرة علي أنفسنا بالهدوء والصبر حتي وصلت المدرعات الإسرائيلية إلي مسافة تقل عن 300 متر وكان عدد دباباتهم حوالي 110 دبابات.. وتم اطلاق جميع الأسلحة وجميع نيران الأسلحة الثقيلة والخفيفة المضادة للدبابات وتم تدمير الجزء الأكبر من اللواء المدرع الإسرائيلي ويبلغ 73 دبابة من اجمالي 110 دبابات في زمن قياسي لا يتعدي 45 دقيقة.. وكانت لحظة فريدة لم تحدث في التاريخ العسكري وانهمرت دموع الفرحة حيث كانت الدبابات الإسرائيلية تنفجر في الهواء من شدة الحرائق التي أصابتها. تابع قائلا: أمرنا قائد الكتيبة 361 مشاه ميكانيكي بالانتشار خوفا من أي إصابات كان يمكن ان تصيبنا من كثرة الانفجارات من الدبابات الإسرائيلية.. وبعد هدوء الانفجارات.. تلقينا الأوامر لركوب المجنزرات والتقدم شرقا لاستكمال المهمة خاصة أن بقية الدبابات الإسرائيلية لم تصب أو تدمر فرت من أرض المعركة في عمق الشرق. أضاف: قائد السرية مدفعية مضادة للدبابات.. أصيبت احدي العربات المخصصة لحمل المدفع المضاد للدبابات BII وفرت لسحبه عربة مدرع "توباز" ولم يكن لي مكان مخصص بالمركبة فجلست فوق ظهرها.. أحسست أنني أصبت في يدي اليسري نتيجة طلق ناري من رشاش إسرائيلي.. صرخت إلي النقيب سليم قائد المركبة وأبلغته انني أصبت ونظرت إلي الطريق الاسفلتي بمنطقة شرق الفردان فوجدت جنديا إسرائيليا مختبأ خلف بقايا أسفلت الطريق "دبش ورمال" واجهته وشليت حركته وقمت بيدي السليمة بدفنه في الرمال. لحق بي جندي من الأقصر اسمه محمد حسان وصاح حاسب يا فندم فيه اثنين من الناحية الثانية مستخبيين وراء الدبش وقام الجندي حسان باطلاق النيران عليهما وتم قتلهما وأثناء تفتيشهم والتحفظ علي أسلحتهم حصلنا علي كل ما معهم وما يفيدنا من أوراق ثم سمعنا صراخ طاقم دبابة إسرائيلي مكون من أربعة أفراد يرفعن أياديهم إلي أعلي وقالوا لا تقتلونا باللغة العربية "أسري.. أسري" أشرت إلي النقيب طارق سليم ابن المنصورة وقائد المركبة أن يهجم عليهم في الحفرة المنحدرة وقمت أنا ومعي الجندي حسان باقتحام الحفرة وتم أسرهم. اختتم حديثه قائلا: شعرت أن أحدهم قائدا من هيئته وملامحه ومسدسه الذي تم تسليمه يوم 8/3/2009 إلي المتحف الحربي بالقاهرة كأوامر وزير الدفاع السابق المشير طنطاوي حيث كان هذا الشخص هو العقيد "عساف ياجوري" قائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلي وقام بأداء التحية العسكرية لي وقال لي باللغة العربية: لقد فوجئت ببسالة الجندي المصري الذي يقف بصدره وشجاعته أمام دروع الدبابات.. وتم تسليم عساف ياجوري إلي قيادة الفرقة.