360 ساعة أو 15يوماً هي العمر الزمني لرحلة بعثة مصر التي شاركت في دورة التضامن الإسلامي بمدينة باليمانج بجنوب سومطرة الأندونيسية بين السماء والأرض حكايات وكواليس وأسرار عاصرتها ورصدتها "المساء الأسبوعية" لتنفرد بها فكانت بها لحظات ألم وارهاق ومرض ودموع ممزوجة بالابتسامات وصرخات علي منصات التتويج والوصول للذهب حتي النزول للميداليات المتنوعة في مختلف اللعبات العشر التي شارك فيها أبطال مصر وهي التايكوندو والكرة الطائرة والسلة وألعاب القوي ورفع الأثقال والكاراتيه والسباحة والووشو كونغ فو والريشة الطائرة والقوس والسهم فلكل لعبة حكاية ووراء كل بطل أسرار تتويج وهنا نحكي كيفية الوصول ل 86 ميدالية متنوعة محققين أكثر من ضعف ما وعدت به الاتحادات قبل السفر وضعت ما حققته بعثة مصر في مشاركتها الأولي بدورة التضامن التي اقيمت بالمملكة العربية السعودية فحقق الأبطال 26 ذهبية و31 فضية و29 برونزية في هذه البطولة بينما كانوا قد حققوا في البطولة الأولي بالسعودية 42 ميدالية منها 14 ذهبية و15 فضية و13 برونزية. كانت البداية بالغة الصعوبة حيث سبق التمهيد للمشاركة صعوبة الاجراءات من حيث عدم وجود حالة الاستقرار بسبب تأجيل القرار الوزاري من وزارة الرياضة والجدل السائر حول المشاركة بسبب الغاء سفر البعثة التي كان مقرراً لها المشاركة في دورة الألعاب الفرانكفونية بفرنسا وجاء الالغاء قبل السفر ب 24 ساعة فقط الأمر الذي كاد يتكرر مع هذه البعثة لولا حضور المستشار خالد زين الدين رئيس اللجنة الأوليمبية وقرار مجلس إدارة اللجنة لسفر مقدمة البعثة وفريق سلة البنات الذي حقق أول ميدالية فضية بالبطولة بالرغم من أن أعمارهن التي تتراوح بين 15. 18 سنة فقط لدرجة أن الفتيات فرحن بالدبدوب "تميمة البطولة" أكثر من الميدالية الفضية لعدم ادراكهن حجم الانجاز لصغر أعمارهن الأمر الذي كان واضحاً في منصات التتويج أمام الجميع فكانت هذه إحدي قصص الميداليات التي تم احرازها وكانت جميع ميداليات الكاراتيه تأتي بالصياح والصراخ الشديد من لاعبات الكاراتيه وعند خروجهن من البساط تتحول الفتيات الي "ملائكة" تشارلي كما وصفتهم لجان التحكيم. وجاءت لحظات سفر الفوج الثاني وهو الأكبر من حيث العدد وجاءت الرحلة بساعاتها ال 28 طويلة ومملة وشاقة للغاية للتنقل بين 4 مطارات بداية من القاهرة ثم دبي والبقاء ساعتين ونصف ثم الطيران الي سنغافورة والبقاء بالطائرة 9 ساعات كاملة قضاها اللاعبون واللاعبات ما بين مشاهدة الأفلام الموجودة بشاشات المقاعد وما بين الألعاب الاليكترونية الموجودة بالشاشات ولم ينسوا اصطحاب الكوتشينة معهم والالتفاف في رباعيات وخماسيات بطرقات الطائرة حتي وقت الهبوط في مطار سنغافورة الدولي وهو من أكبر مطارات العالم وأحدثها علي الاطلاق والمزين بآلاف المحلات والمناظر الطبيعية والصناعية الخلابة وقاعات السينما المجانية وأحواض السمك وأجهزة التدليك والمساج "المجانية" التي تقوم بوظيفة فك وتدليك العضلات. ويبدأ اليوم الأول ساعاته بعد الوصول مباشرة وتغيير الملابس للذهاب الي الملاعب والقرية الأوليمبية بالنسبة لإدارة البعثة والأطباء والإعلاميين للتعرف علي المكان وللاطمئنان علي أخبار البعثة والحصول علي بطاقات الهوية الصحفية "الأيدي كارد" وبرنامج حفل الافتتاح الذي سيكون بحضور رئيس الجمهورية. جاء يوم حفل الافتتاح أو الزفاف كما يطلق عليه أهالي مدينة باليمبانج الذين خرجوا لحضور عرس المدينة وزواجها من بعثات 47 وفداً يمثلون 47 دولة إسلامية فارتدوا ملابسهم المميزة التقليدية وهي عبارة عن جاكيت وأسفله قميص طويل مزركش بالألوان يصل لأسفل الركبة للرجال ومن أسفله بنطلون ولم ينس أن يضع كبار المسئولين وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية طاقية علي شكل مثلث ذهبي اللون برباط مجدول حول الرأس. يوم الزفاف وينصهر الجميع في ستاد المدينة ونصل بسهولة الي المنصة الأولي الرئيسية بعد اجراءات تفتيش عادية جداً أقل تعقيداً من الاجراءات التي نشهدها في ستاد القاهرة في مباراة الإسماعيلي والمنصورة مثلاً بالرغم من وجود رئيس الجمهورية وزوجته ورئيس الوزراء وزوجته ووزير الرياضة وزوجته والأمير نواف بن فيصل بن عبدالعزيز رئيس اتحاد التضامن الإسلامي والوفد المرافق له المقرر ب 8 أشخاص من كبار الموظفين بمكتبه و39 وزيراً و39 سفيراً من مختلف أنحاء العالم والدول المشاركة بالبطولة. ويدخل رئيس الجمهورية ويعلن باللغة العربية قائلاً "علي بركة الله وبأمنه تبدأ الدورة". وبعيداً عن مراسم الافتتاح وبرامجه التي امتدت ل 3 ساعات خرج الجميع ليستقل سيارته والبعض موتوسيكلاته التي تتميز بها المدينة من حيث انتشارها كوسيلة أساسية للانتقال دون أي تعقيدات أو "عطلة" بسبب موكب الرئيس الموجود بنفس الاستاد الذي خرج من شارع مختصر متزامن مع خروج الجميع في نفس الوقت. كانت العودة للفنادق وللقرية الأوليمبية هي التمهيد لانتهاء اليوم الشامل للساعات ال 28 السابقة من عمر رحلة السفر ولم يفكر الجميع من أعضاء البعثة في شيء غير النوم ماعدا البعثة الإعلامية التي هرول أعضاؤها للبحث عن شراء كروت شحن للتليفونات المحمولة الأندونيسية التي معهم أو للإنترنت لكي يستطيعوا ارسال رسائلهم للصحف المختلفة الأربعة وعلي رأسها المساء والأهرام والوفد والدستور واصطدام الجميع بالتعرف علي العملة المحلية وهي الروبية الأندونيسية التي يمثل المليون وال 100 ألف روبية منها نحو 100 دولار أمريكي وقمنا بشراء أول كارت شحن ب 100 ألف روبية أي ما يعادل 10 دولار أمريكي أي نحو 70 جنيهاً مصرياً.. وأطلقت البعثة الإعلامية علي كاتب السطور بتحوله ل"مليونير" في أول يوم بعد أن قمت بتحويل 300 دولار الي ثلاثة ملايين و300 ألف روبية لشراء بعض المشروبات وكروت شحن ووجبات طعام ليومين فقط.. علماً بأن زجاجة المياه المعدنية ب 5000 روبية أي بنحو 3 جنيهات ونصف الجنيه المصري. أول احتكاك كان أول يوم للمنافسات هو أول احتكاك رسمي بالأحداث حيث بدأ الجميع السباق في اللحاق بقطار الميداليات واحرازها وتصدرت مصر مقدمة القطار بجدارة متفوقة علي الدولة المضيفة نفسها وكان العلم المصري أكبر الأعلام الموجودة بالمدينة أو القرية الأوليمبية الفاخرة كمنشأة حديثة لا يتعدي عمره ال 16 شهراً فقط بعد أن كان مكانها "أكبر مقلب زبالة عملاق" تعرفه المدينة الأندونيسية الذي حولته الحكومة الأندونيسية الي أكبر قرية سكنية أوليمبية رياضية بالبلاد بالدعم المالي السعودي لها.. وبالفعل زين العلم المصري مدخل القرية كأكبر علم بطول 50 متراً وبعرض 3 أمتار قام بإحضاره خالد حسن المدير المالي بعد استخدامه في أوليمبياد لندن ولتقوم باقي البلاد المشاركة بالتقليد بتعليق أعلام دولها المختلفة. كانت تورتة عيد ميلاد خالد حسن المدير المالي بالبعثة في ثاني أيام الدورة هي حديث المدينة كلها بعد إعلان حسن الحسيني مدير العلاقات العامة باللجنة الأوليمبية ولميس زاهر وكمال الوقاد الإداريين رغبتهم في الاحتفال بعيد ميلاد زميلهم واندهش الجميع عندما عرفوا بأن ثمن التورتة المحلية الصنع والأندونيسية الصنع 100 ألف روبية أي ما يوازي 70 جنيهاً مصرياً فقط ولكن الرقم جعل الدكتور عبدالعزيز غنيم رئيس البعثة يداعب خالد قائلاً بأنه سيتحول للجهاز المركزي للمحاسبات بعد عودته بسبب هذا البذخ. كان من الوجوه المتعاونة والمشاركة والموجودة عن قرب في كل المناسبات المستشار محمد الدمرداش العقالي عضو مجلس اتحاد السباحة ورئيس بعثتهم الذي كان دائم القرب من جميع أفراد البعثة سواء بالجوازات لحل مشكلة أحد اللاعبين بمطار القاهرة أو ارشاد آخرين في كيفية التسوق بمطاري دبيوسنغافورة والالتحام مع الوفود العربية الأخري عمل جو من الألفة والحضور للمستشفي وليمد ذراعه كأول متبرع بالدم لتطابق فصيلة دمه مع اللاعب المصاب محمد فتح الله لاعب ألعاب القوي الذي أجري عملية جراحية تطلبت نقل دم والتبرع به فكان حسن الحسيني والدمرداش ورئيس بعثة الإمارات والبطل الدولي ياسر فتحي أول المتبرعين وهو الأمر الذي جعل الجميع يشعر بألفة وحميمية أسرية في هذا الموقف. كانت ساعات العودة أكثر من الذهاب حتي وصلت ل 36 ساعة سفر حيث تحرك أول فوج للعودة في الثالثة فجر الثلاثاء لنصل في الثامنة من صباح الخميس بعد تقسيم الفوج الأخير لفوجين وكان التفكير في قتل الوقت خاصة في ال 12 ساعة الموجودين بها بسنغافورة فقرر البعض اللجوء للسكن بالفندق الموجود بالمطار وهو فندق "امباسادور سنغابور هوتيل" الموجود ب 3 أفرع له بكل صالة وهنا قد تصطدم بطبيعة المواطن السنغافوري الذي يتعامل بشيء من الجدية والصرامة والحدة في الطباع عكس طبيعة الأندونيسيين أو حتي الماليزيين المجاورين للدولة وهنا تخبرك موظفة الاستقبال بأن كل شيء بمقابل مادي حتي المياه وتحدد ثمن ال 6 ساعات نوم بالغرفة بنحو 79 دولاراً سنغافورياً أي نحو 65 دولاراً أمريكياً ولا سبيل إلا الموافقة تفادياً للنوم علي الأرض أو بالطرقات أو بالمقاعد الوفيرة المخصصة للمسافرين أو النوم بكراسي السينما المجانية والمريحة أيضاً والي جانب تلك الغرفة هناك فرصة بالاستمتاع بحمام السباحة والجاكوزي مقابل 16 دولاراً أمريكياً للفرد مع منحه مشروب "شاي أو قهوة" فقط والعصير بمقابل آخر ولجأ البعض لذلك واستمتعوا بالمياه الجاكوزية مع الاستمتاع بمشاهدة الطائرة وهي تهبط وتقلع حول حمام السباحة بالإضافة للتحدث مع بعض المسافرين وأسرهم الموجودين معك بنفس حمام السباحة. ولم يلجأ لهذا المقترح سوي 6 أفراد فقط هم 3 أطباء هم د.مصطفي المفتي ود.مجدي مصطفي ود.زكريا محيي الدين رئيسة بعثة القوس والسهم وكاتب السطور ود.هشام الجيوشي المدير الفني للألعاب القوي وأحمد عباس المدرب العام بينما فضل الباقي التنزه بالمطار والتنقل بين صالاته والتسوق أو النوم بالطرقات بالمقاعد المريحة شيء ما أو تصفح الإنترنت المجاني بأجهزته المنتشرة بكل الصالات أو تناول وجبات الطعام في المطاعم المختلفة بين الهندية واللبنانية والإيطالية وغيرها. جاءت لحظات نداء كابتن الطائرة بالجلوس وربط الأحزمة تمهيداً للهبوط بعد عشر دقائق لمطار القاهرة وهنا صرخ الجميع مهنئين بعضهم البعض بسلامة الوصول بحمد الله وأطلق العديد من التعليقات ومنها "كفارة" وآخرون قالا معقول "ذقوننا كبرت" أثناء السفر ونزول الجميع لأرض المطار وبعد استلام الحقائب والخروج للصالة لم يجدوا غير المستشار خالد زين الدين رئيس اللجنة في انتظارهم ومعه من العلاقات العامة علاء وأسامة صادق وأصيبوا بخيبة أمل عندما غاب طاهر أبو زيد وزير الدولة لشئون الرياضة مما اعتبره البعض عدم تقدير للإنجازات والميداليات التي أحرزوها في رحلة الشقاء والبطولة التي تجاوزت ال 360 ساعة في الوقت الذي شاركت نحو 25 دولة بلاعبين ضعف عدد مصر ولم تحقق ميدالية واحدة "صفيح" ولجوء دول أخري بحرب منح الجنسيات للاعبين الأفارقة من أجل تحقيق حلم الحصول علي ميدالية ذهبية أو فضية أو حتي برونزية ولم تصل ومنا دول الإمارات صاحبة المركز ال 19 وتونس ال 14 الكويت 16 وقطر 15 والسعودية صاحبة المركز السابع وغيرها ولكن عمار يا مصر.