الشح المطاع معناه ان كل انسان لا يعطي كل ما عنده بل يبخل به وليس الشح هنا شح المال ولكنه شح في كل شيء.. الصانع لا يعطي صنعته كل علمه واتقانه والمعلم لا يعطي تلاميذه كل ما يعلم بل يعطيهم علي قدر الأجر فجزء في المدرسة والباقي في الدروس الخصوصية. يبخل الناس بما لهم فلا ينفقونه في سبيل الله ولا يعطونه للفقير والمحتاج ويبخل العامل بعمله فنجده لا يعمل ويبخل الموظف بجهده فلا ينتج. هناك بخل من كل ذي قدرة بقدرته وبخل من كل ذي علم بعلمه وبخل من يملك النصرة بنصرته أي ان الانسان يكون في مجتمعه مسموع الكلمة مطاع الأمر ولكنه يرفض ان يستخدم ما وهبه الله له من مساعدة المحتاجين أو انصاف المظلومين أو قضاء الحاجات وهو يستطيع ان يفعل ذلك بكلمة واحدة ولكنه لا يفعل. يجد الانسان انه يستطيع ان يرفع ظلما يقع فلا يتحرك ليمحو هذا الظلم ويجد انه يستطيع ان يقر الحق بشهادة يقولها ولكنه لا يذهب لأداء هذه الشهادة كل انسان يبخل بما عنده لتنحدر الانسانية بعد ذلك إلي أسفل السافلين لأن كل جيل سيأخذ من علم الجيل الذي قبله القشور وبهذا تضمحل الحضارات جيلاً بعد جيل. هذا هو معني الشح المطاع ولعلنا نشهد الان في الدنيا كلها ولعلنا نري جميعا ان كل جيل هو أقل عطاء من الجيل الذي قبله ويقل العطاء كلما مضت الأيام وهكذا نجد في كل أوجه الحياة شحا مطاعا ينبئنا عند بداية انحدار الانسانية إلي الهاوية بينما المجتمعات التي سبقت كانت قائمة علي العطاء بلا حدود حتي ان الانصار عرضوا علي المهاجرين ان يتنازلوا لهم عن نصف أموالهم وزوجاتهم بلا مقابل. فأين نحن من هذه المثالية؟