انتهي شهر رمضان وخرج منه المسلمون وقد تزود الكثير منهم بالطاعات والحسنات والقربات التي أدوها بإخلاص طوال الشهر الكريم ابتغاء وجه الله الكريم.. لكن من الملاحظ ما أن ينتهي الشهر الكريم حتي يعود البعض إلي المعاصي فنري الفتيات يخلعن الحجاب الذي ارتدينه في رمضان ونري الشباب انصرفوا عن المساجد وهجروا كتاب الله وبخلوا بالصدقات وكأن الطاعات مقصورة علي شهر رمضان فقط. السؤال.. ما هي علامات الصوم المقبول وماذا يجب علي السملم اتباعه بعد انتهاء الشهر الكريم؟. يقول د.عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن رمضان وإن كان مدرسة للخلق الإسلامي تمثل عاملاً حيوياً سوياً لأخلاق المسلمين باختلاف توجهاتهم وأفكارهم إلا أن الإسلام ليس هو رمضان فقط وإنما سلوك للمسلم في كل وقت من أوقات حياته مصداقاً لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "الدين المعاملة".. فلو أمعنا النظر في هذه العبارة القصيرة لوجدنا أن قوام هذا الدين يقوم علي المعاملة سواء كانت معاملة الإنسان مع ربه أو معاملته مع غيره من أبناء جلدته. ولهذا فلا ينبغي أن يكون سلوك الناس وتعاملهم في غير رمضان بخلاف ما كانوا عليه في هذا الشهر وذلك لأن جميع الأوقات هي زمان للعبادات والمعاملات ولا يفترق رمضان عن بقية شهور السنة إلا أنه شهر اختصه الله تعالي بمزيد من الحسنات علي ما يؤدي فيه من قربات ولكن لا تتوقف هذه الحسنات عن القربات التي تؤدي في غيره من الأوقات طوال العام. أضاف د.إدريس أنه يجب علي كل مسلم أن يحرص علي أن يتخلق بأخلاق الإسلام في رمضان وأن يتخلق بها في غيره وأن تكون زاداً له في بقية السنة لأن الذي كان يعبد في رمضان أجدر ان يعبد في غيره أيضاً.. ولذلك ينبغي علي المسلمين أن يجعلوا من رمضان بداية للانطلاق الدائم وليس المؤقت نحو الطاعات وأن يتزودوا لما بعده وأن يكون سلوكهم في سائر شهور السنة كسلوكهم في هذا الشهر الكريم باعتبار أن الإسلام ممتد مع المسلم في كل وقت وحين ومكان ومع كل المجتمعات التي يتعامل معها المرء سواء أقام أو ارتحل.. فالمداومة علي الطاعات واجتناب السيئات أهم علامة لقبول الصيام. يري د.عبدالحكم الصعيدي الأستاذ بجامعة الأزهر أن الشهر الكريم يعد تأهيلاً للمؤمن كي يستمر علي أداء الطاعات بقية حياته لأنه تخرج في مدرسة الصوم يضرب المثل والنموذج في حب طاعة الله عز وجل بعد أن قام الليل وقرأ كتاب الله وداوم علي صلاة التراويح وأدي زكاته وأخرج صدقاته وتصالح مع خصومه ومع نفسه وهذه العبادات تجعله حريصاً علي أن يداوم عليها بعد انقضاء الشهر الكريم.. فالعبادة لا تتجزأ وليس لها موسم محدد تؤدي فيه فالله موجود والعاقل هو من يحافظ علي أن تظل علاقته قوية بربه طوال العام. أضاف أن هذه العبادات أمر بها الله سبحانه وتعالي في كافة شهور السنة من أجل تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والاخرة.. وعبر الله عنها في كثير من آياته القرآنية منها قوله تعالي: "إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر". لذا ينبغي علي المسلم المداومة علي الطاعة ومراقبة الله في كل وقت وساعة وأن يجتنب المعاصي والسيئات امتداداً لما كان عليه في رمضان من أمور تقربه إلي رب البريات قال جل شأنه "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكري للذاكرين" ويقول النبي صلي الله عليه وسلم "واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن".